Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر April 17, 2021
A A A
مانشيت النهار: عودة الشلل السياسي.. وفضيحة تمرد قضائي!
الكاتب: النهار

غادر وكيل وزارة الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل بيروت، كما عاد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى بيروت من زيارته لموسكو… وماذا بعد ؟
عادت البلاد الى الخواء السياسي الداخلي ودوامة انتظار تحرك ما في شأن تشكيل الحكومة الجديدة وسط تضخم المخاوف الى ذروتها من اقتراب الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية من ذاك الانهيار الكبير الذي يخشاه الجميع ويتوقعونه، بل وبدأوا العد العكسي لتلقي موجاته الأولى في تسونامي مخيف فيما يبدو الجميع كانهم سلموا بالاستسلام امام مؤامرة التعطيل المتعمد للوسيلة الانقاذية الوحيدة التي قد تمنعه وهي الحكومة الجديدة. لقد بات في حكم المؤكد ان العد العكسي لمرحلة انفجار تداعيات الفراغ الحكومي الذي لا تملأه اطلاقا حكومة تصريف الاعمال يقترب بسرعة مخيفة من استحقاقات داهمة لن يكون ممكناً تجاوزها والقفز فوقها او تخدير البلاد على وقع تداعياتها من مثل مسألة رفع الدعم او إبقائه او تقنينه كما في مسالة الموازنة والصرف على القاعدة الاثنتي عشرية او ناهيك عن التموجات الصادمة للدولار والليرة في السوق السوداء وما ترتبه الإجراءات المتخبطة للجسم المصرفي من انعكاسات سلبية على استيراد المواد والسلع الاستراتيجية على نحو لم يعرف لبنان مثيلا لها في الحرب. كل هذه الملفات والاولويات المخيفة المتزاحمة باتت استحقاقاتها تقاس بالأسابيع وليس بالأشهر فيما لا تلحظ اجندات السلطة الحاكمة والقوى الداخلية أي محطات او مواعيد او برامج تختص بالمسارعة الى إزالة حقل الألغام الذي يحول دون تشكيل الحكومة رغم كل التحركات الكثيفة في الشكل التي تدور حول هذا الاستحقاق المشلول. قد يكون اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في التاسع عشر من نيسان الحالي في بروكسيل محطة جديدة يطرح فيها، من جملة البنود المطروحة على جدول اعمال الاجتماع الأوروبي، موضوع الإجراءات الضاغطة التي قد تقررها دول الاتحاد ومن ابرزها إقرار عقوبات على جهات وشخصيات لبنانية لعرقلتها تشكيل الحكومة الجديدة. لكن أي معطيات دقيقة وجازمة لم تتوافر بعد في هذا الصدد ولو ان الفرنسيين يكررون ان ثمة استعدادات جارية في هذا الاتجاه. اما على الصعيد الداخلي، فان جدار الانسداد آخذ في الارتفاع في ظل التعنت الذي يطبع الازمة خصوصا مع تداخل سلوكيات سياسية وشخصية يغلب عليها طابع تصفية الحسابات على غرار الحملات التي تغزو وسائل التواصل الاجتماعي مستهدفة مراجع سياسية او دينية او مالية.
وقد اختتم الرئيس سعد الحريري بعد ظهر امس زيارة العمل التي قام بها الى روسيا بلقاء مع وزير الخارجية سيرغي لافروف في مقر وزارة الخارجية في موسكو جرى خلاله مناقشة تطورات الأوضاع في لبنان بشكل تفصيلي ولا سيما العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة والازمة الاقتصادية. واكد وزير الخارجية الروسي دعم روسيا لجهود الرئيس الحريري في تأليف حكومة برئاسته بأسرع وقت، تكون قادرة على معالجة الازمة والحصول على الدعم العربي والدولي.
في الملف المعيشي الذي بدأت تداعياته تتخذ ابعاداً بالغة الخطورة، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على “تويتر” قائلا “في انتظار اتفاق الاقطاب الكبار في الجو والبحر والبر لتركيب حكومة الانقاذ، فإنّ الدعم العشوائي وغير المدروس والذي يستفيد منه كبار التجار والمافيات المحيطة سيطيح بالاحتياطي الالزامي وبالمقومات الاساسية للوجود. أمّا الثروات البحرية فقد تصبح مشاعا يستباح من إسرائيل ومن سوريا”.
تمرد واقتحام !
الى ذلك برز تطور قضائي لافت امس تمثل في تمرد القاضية غادة عون على قرار النائب العام التمييزي غسان عويدات . فبعد اجتماع مجلس القضاء الاعلى الاخير، الذي اكدّ خلاله الحق المطلق وسلطة النائب العام التمييزي وهيئة التفتيش القضائي بضرورة اتخاذ ما يرونه من اجراءات اناطها بهما القانون بحق القاضية غادة عون اصدر النائب العام التمييزي قرارا قضى بتعديل قرار توزيع الاعمال لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بحصرها بثلاثة محامين عامين فقط، من دون ان يلحظ القرار اسم النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، وقاضيين آخرين سبق للمجلس التأديبي للقضاة ان كفّ يدهما. ويعتبر قرار عويدات بمثابة اجراء تأديبي مسلكي بحق عون لعدم التزامها بتعهداتها امام مجلس القضاء الاعلى لناحية احترام القوانين والاصول التي تنظم عمل القضاة بشكل عام كما ومخالفتها للتعاميم الصادرة عن النائب العام التمييزي وقضايا مسلكية اخرى عالقة امام التفتيش القضائي. ولكن القاضية عون رفضت تبلغ هذا القرار مخالفةً قرار مدعي عام التمييز وحضرت ظهر امس إلى مكاتب شركة مكتف للصيرفة في عوكر لإكمال التحقيق بحماية عناصر من أمن الدولة، ومؤازرة ناشطين مقرّبين منها، تحت اسم “متّحدون”، رغم صدور قرار كف يدها عن هذه الملفات .
وحين واجهها محامو شركة الصيرفة بأنّ النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات كف يدها عن الملف وطلب نقله الى قاض آخر رفضت عون كلام المحامين، وطلبت من عناصر أمن الدولة إجبار الموظفين على تسليمها الداتا في الكمبيوترات. لكنّ مرجعاً قضائياً كبيراً طلب من المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا سحب العناصر باعتبار عون بلا صلاحيات في الملفّ. وهكذا كان. فبقيت عون هي ومرافقَيها، وبضعة ناشطين رافضة الخروج من المكاتب وأصرّت على البقاء حتى ساعات الليل حيث غادرت المكاتب بمؤازرة عناصر عسكرية . وعلم ان مجلس القضاء الأعلى سينظر في جلسته الثلثاء المقبل في تمرد القاضية عون على قرار النائب العام التمييزي ويتخذ الاجراء المناسب. وفي وقت لاحق ليلا دعت وزيرة العدل ماري كلود نجم رئيسي مجلس للقضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي والنائب العام التمييزي الى اجتماع طارئ اليوم “نظرا الى ما آلت اليه الأوضاع القضائية في الآونة الأخيرة التي أدت الى ضرب صورة القضاء وسمعته للامر المرفوض لاي سبب كان ” .