Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر June 30, 2021
A A A
مانشيت “النهار”: تنسيق أميركي فرنسي سعودي… وبري “محبط”
الكاتب: النهار

كأنما هذه الدولة الفاشلة لا تتقن الا اثارة مزيد من المسببات والدوافع لإشعال مزيد من الغضب من خلال الامعان في تفاقم الازمات. انتظرت هذه الدولة الشركة المالكة للبواخر المولدة للكهرباء لـ”تتحنن” على اللبنانيين بعد رفع الحجز القضائي عنها، وتعود الى تغذية مدّ لبنان المبتلي بأسوأ أزمة فساد أدت الى تعتيمه شبه الكامل وتهديد بقايا قدراته الإنتاجية من دون ان تقدم هي على أي مبادرة لحل نصف الأزمة على الأقل.

وحين قررت الدولة الفاشلة ان تضع حداً لأسوأ ازمة محروقات بعد تماديها منذ اكثر من أسبوع، جاء الحل ملغوماً ومرتبكاً ومتخبطاً بين شركات التوزيع والمحطات بعد جدول تركيب أسعار جديد زاد اسعار المحروقات، فاذا بالأزمة تتفاقم امس، وكأن أي تدبير او إجراء جديد لم يتخذ ولم يتبدل مشهد الطوابير المذلة المتراصفة عند المحطات.

وحين قرر أركان الدولة الفاشلة ان يلجأوا الى ذر الرماد في العيون والمضي في إيهام اللبنانيين ان همومهم تستوطن ضمائر الحكام والمسؤولين وتقض مضاجعهم وتؤرقهم، شاهد اللبنانيون هذا النوع من المهازل الذي اسفر عنه اجتماع المجلس للأعلى للدفاع في قصر بعبدا حيث تبارى رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال في التآسي على أحوال اللبنانيين واذلالهم امام المحطات من دون ان يترددا عن انتقاد قطع الطرق والحوادث التي تتسبب بها الازمة. كما راحا يبشران الناس بموسم سياحي واعد وكأنهما يسبحان في جرم آخر وفاتهما التطرق او الاعتراف باأفضالهما وأفضال السلطة قاطبة في التسبب للبنانيين أولا وأخيراً بكل هذا الهول على أيديهم.

 

 

احباط بري؟
وفي ظل تفاقم الصورة الكارثية للدولة الفاشلة حيال المجتمع الدولي، لم يكن مستغرباً ان تظهر معالم متواترة وجديدة للقلق الدولي على لبنان. جاءت معالم التنسيق الثلاثي بين واشنطن وباريس والرياض في وقت علمت فيه “النهار” ان معالم الاحباط بدأت تظهر على موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري حيال مبادرته لتسهيل تشكيل الحكومة. ومع ان بري يلزم الصمت منذ أيام، فان معلومات “النهار” تؤكد انه بات قاب قوسين او ادنى من التخلي عن مبادرته التي تعرضت للقنص السياسي، كما ان هذه المعطيات تبدو بالغة التشاؤم حيال استبعاد تشكيل حكومة قبل الانتخابات النيابية.

 

 

تنسيق ثلاثي
ولكن ما بدا لافتاً على الصعيد الخارجي انه بعد أيام قليلة من لقاء وزيري الخارجية الأميركي والفرنسي في باريس، وتداولهما خصيصا في الملف اللبناني، أعلن امس وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تفاصيل اجتماع جمعه بوزير ‏الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف ‏لودريان.‏
وكتب بلينكن في تغريدة على “تويتر”: “أجريت مناقشة مهمة مع نظرائي السعودي ‏والفرنسي حول ضرورة أن يُظهر القادة السياسيون في لبنان قيادتهم الحقيقية من ‏خلال تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتوفير ‏الإغاثة التي يحتاجها الشعب اللبناني بشدة”‏.

وفي هذا السياق نقلت الزميلة رندة تقي الدين من باريس عن مسوؤل فرنسي رفيع متابع للملف اللبناني تأكيده ان باريس وواشنطن قررتا تعزيز التنسيق التام للمزيد من الضغط على المسؤولين في لبنان لتشكيل حكومة. وقال المسوؤل لـ”النهار” ان التنسيق سيكون في كل مجالات الضغط الاميركي الفرنسي على اللبنانيين بما فيها العقوبات. وقال ان وزراء خارجية الولايات المتحدة انطوني بلينكن والفرنسي جان ايف لو دريان والسعودي الامير فيصل بن فرحان تناولوا الموضوع اللبناني في روما وان الثلاثة يعملون من اجل تنسيق تحرك الدول الثلاث باتجاه الدفع والضغط لتشكيل حكومة وهي الضرورة الملحة حالياً لاخراج لبنان من انهياره.

 

يوم آخر !
في المقابل كان لبنان يعاني من يوم آخر من أيام الازمة تحت وطأة تخبط الدولة الفاشلة من دون أي معالجات حقيقية، بدليل ان موجات قطع الطرق في كل انحاء لبنان ومناطقه وشرايينه الساحلية وعاصمته ومدنه، عادت بأقوى مما كانت في الأيام السابقة كلها.

وعلى رغم صدور جدول اسعار المحروقات الجديد متضمناً زيادة في سعر صحيفة البنزين اقتربت من سقف قياسي جديد هو 63 الف ليرة لم يتبدل المشهد على الارض امام المحطات. وزاد الطين بلة ان الجدول الجديد اثار لغطاً عزي الى انه حدد اسعاراً أقلّ من تلك التي تم الاتفاق عليها، ما حال دون تسليم الشركات الكميات الى المحطات. ولكن المديرية العامة للنفط أكدت بعد الظهر “ألا خطأ في التسعيرة بحسب الجدول المعتمد، لأنه قد تمت دراسة جدول الأسعار وفق قرار رئاسة مجلس الوزراء لاعتماد سعر /3900/ ل.ل. كسعر لصرف الدولار. واجتمعت المديرة العامة للنفط أورور فغالي مع أصحاب الشركات لكونهم اعترضوا على احتساب بعض عناصر التسعيرة مطالبين باحتسابها على سعر صرف الدولار النقدي Fresh Dollar. وقد أبدت المديرة العامة للنفط تفهمها لمطالبهم واستعدادها لدرسها وعرضها على وزير الطاقة والمياه وبنهاية الاجتماع تم الاتفاق على تزويد السوق بالمحروقات”.
وأصبحت الأسعار على الشكل الآتي: بنزين 95 أوكتان: 61100 ليرة. بنزين 98 أوكتان: 62900 ليرة. المازوت: 46100 ليرة. الغاز: 37600.

 

 

… وعالم آخر!
وسط هذا التخبط الواسع كان الرئيس ميشال عون يبرر دعوته الى اجتماع المجلس الأعلى للدفاع “بالبحث في الوضع الأمني خصوصاً مع حلول فصل الصيف حيث يُتوّقع أن يكون الموسم السياحي واعداً مع مجيء اللبنانيين المنتشرين في الخارج”. واعتبر ان “ما حصل في الأيام الماضية أمام محطات المحروقات غير مقبول، وإذلال المواطنين مرفوض تحت أي اعتبار، وعلى جميع المعنيين العمل على منع تكرار هذه الممارسات سيّما وانّ جدولاً جديداً لأسعار المحروقات صدر، ومن شأنه أن يخفّف الأزمة”. كما لفت الى ان “إقفال الطرق امام المواطنين يتسبب بمعاناة كبيرة لهم تُضاف الى ما يعانونه نتيجة الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة”.

وكانت أطروحة مماثلة لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب متحدثا عن “فرق بين الاعتراض، والاعتداء على الناس وأملاكهم وأرزاقهم. قطع الطرق لا يعبر عن الناس ويحصل ضد الناس. الفوضى وتكسير السيارات والاعتداء على الجيش ليست تعبيرا عن حال اعتراض على الأوضاع الصعبة. ما يحصل يشوه صرخة الناس، ويضيع حقهم. وما يحصل هو ضد الناس أنفسهم. لذلك، نحن معنيون اليوم بشكل أساسي بمعالجة هذه الفوضى الهدامة التي تزيد من الأزمات والضغوط على البلد وعلى اللبنانيين”.

ومن باب لزوم ما لا يلزم قرر المجلس “الطلب الى الأجهزة العسكرية والأمنية الإبقاء على الجهوزية اللازمة لعدم السماح لبعض المخلّين بالأمن، زعزعة الوضع الأمني بسبب الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية، خصوصا في ما يتعلق بإقفال الطرق العامة او التعدي على الأملاك العامة والخاصة، كما تقرر الطلب الى وزارتي الاشغال العامة والنقل والصحة، اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسريع وتسهيل عملية اجراء فحوصات الـPCR للمسافرين الوافدين الى مطار رفيق الحريري الدولي، والطلب الى وزارة الاشغال العامة والنقل، لا سيما المديرية العامة للطيران المدني، استكمال الإجراءات اللازمة لتسهيل حركة المسافرين وتأمين راحتهم في اسرع وقت”.