Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر July 20, 2021
A A A
مانشيت “النهار”: العهد يوسّع دوره في إدارة الفراغ
الكاتب: النهار

لم تتخذ خطوة رئاسة الجمهورية أمس تحديد الاثنين المقبل موعداً سريعاً لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة بعد اقل من أسبوع على اعتذار الرئيس سعد الحريري سوى دلالة شكلية يدرك الجميع ان العهد أراد منها المناورة شكلاً للإيحاء بانه ملتزم القواعد الدستورية شكلاً على الأقل، فيما هو يمعن في سياسة منهجية تعتمد تعطيل عملية تشكيل الحكومة برمتها ما لم يضمن هيمنته عليها. فتحديد موعد الاستشارات بعد أسبوع تماماً، والذي كان متوقعاً، لن يشكّل أي أثر فعال في رسم معالم المرحلة التالية بعد اعتذار الحريري قبل بلورة الاتجاهات الجادة في شأن إمكان ترشيح شخصية سنية لتولّي المهمّة الشاقة، وما اذا كان التوصل الى بلورة هذه الشخصية ممكناً في فترة الأسبوع التي تفصل عن الاثنين المقبل. ولا يخفى ان مجمل المعطيات السياسية لا توحي بسهولة التوصل الى تسمية رئيس مكلف يحظى بأكثرية نيابية ما لم يحظ بتغطية واضحة ومضمونة من الحريري نفسه أولا، والمراجع السياسية والدينية السنية تالياً، وهو الامر الذي يبدو شديد الصعوبة، حالياً على الأقل، ويحتاج الى وقت قد لا يكون قصيرا. لذا ساد إعتقاد واسع بأن رئيس الجمهورية ميشال عون، وان كان يمارس وفريقه لعبة الظهور بمظهر الاستقواء السياسي راهناً، يستشعر ضمناً خطورة الارتدادات السلبية الزاحفة عليه كمسؤول أول وأساسي عن إحباط المبادرة الفرنسية من خلال دأبه على تعطيل تشكيل الحكومة على يد الرئيس الحريري، ولذا يحاول تهدئة الرأي العام الدولي الذي كان ينتظر ولادة حكومة قبل الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب المقبل. ولكن تحديد موعد “أول” للاستشارات شيء وإجراء الاستشارات والتوصل الى نتيجة حاسمة بتكليف شخصية جديدة تشكيل الحكومة سيكون شيئاً آخر مختلفاً بما يعني ان الأيام الطالعة يفترض ان تحمل معالم حركة نشطة لبلورة الاتجاهات السياسية في حين ان الأوساط المعنية تشكك في ذلك نظراً الى بدء عطلة الأضحى اليوم لثلاثة أيام، ناهيك عن عدم وجود معطيات توحي بأن بتّ إمكان تسمية شخصية مقبولة من القوى الكبيرة والأساسية سيكون سريعاً او سهلاً. ومع ان الوقت لا يزال يتيح الانتظار حتى أول الأسبوع المقبل لتبيّن الاتجاهات السياسية، فإن احتمال إرجاء موعد الاستشارات يبقى بين الإحتمالات المتقدمة لتعذّر التوصّل الى توافق على اسم الشخصية التي ستكلّف والتي لا بد من ان تحظى بتغطية الحريري .

لا توافق
فالعامل المؤكد حتى الان هو ان لا اتفاق مسبقاً على أي مرشح ولا على أي توجه بشأن الترشيح حتى الآن. وتتحدث معطيات عن أن الاسماء التي يتم تداولها ترمى بهدف رصد ردات الفعل عليها، وليس بينها إسم مفضل او متقدم على اخرين كالرئيس نجيب ميقاتي او فيصل كرامي او فؤاد مخزومي او جواد عدرا او السفير نواف سلام. فالرئيس ميقاتي رافض حالياً وكذلك رؤساء الحكومات السابقون. أما الباقون فليس معروفاً بعد من يرشّحهم ومن يرفضهم .

وتشير المصادر المواكبة الى ان مهمة الحكومة المقبلة لم تحدد حتى الآن. فإذا كانت حكومة انتخابات نيابية قد تسقط في هذه الحالة اسماء مرشحين ممن يريدون خوض الاستحقاق، كالرئيس ميقاتي ومخزومي وفيصل كرامي. وقد تتقدم اسماء اخرى مثل سمير الخطيب الذي سقط ترشيحه في المرة السابقة، او شخصية شبيهة بالرئيس حسان دياب الذي قد تصبح حكومته المستقيلة خياراً بالاشراف على الانتخابات في حال عدم الاتفاق بين القوى السياسية.
فلا مؤشرات على إمكان التوافق قبل موعد الاستشارات، لاسيما وان أي مرشح يجب ان يكون مقبولاً من ثنائي “أمل” “حزب الله” ومن رئيس الجمهورية وفريقه اذا كانت حكومة اللون الواحد، واذا كان المطلوب التوافق فيجب ان يحظى بغطاء سني بدءاً من رؤساء الحكومات السابقين، اي ان يكون صاحب بروفيل يشبه مصطفى اديب، وهذا ما يبدو حتى الآن صعب التحقق.

 

 

اجتماعات بعبدا
وفي أي حال فإن ما قام به العهد أمس بدا بمثابة توظيف او استثمار مكشوف لمرحلة الفراغ التي زادت تفاقماً بعد اعتذار الحريري اذ تحول قصر بعبدا الى خلية نحل لاجتماعات متلاحقة برئاسة عون خصصت تباعاً لأزمات المحروقات والدواء والأمن وتوجّها اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع لم تفهم دوافعه ولم تبرره عطلة الأضحى التي بإمكان القوى الأمنية والعسكرية وحدها وتلقائياً ان تستنفر جهودها لحفظ الامن خلالها ولا حاجة بها للمجلس الأعلى للدفاع ليعطيها التوجيهات. علما ان قادة الاجهزة الامنية لم يشاركوا في الاجتماع. ولكن بات معلوماً ان عون درج على الافراط في استخدام هذا المجلس لتحميله ما يتجاوز صلاحياته من خلال توظيفه لدور في إدارة الفراغ.

وبعد ترؤسه اجتماعين خصص الأول منهما لازمة المازوت والثاني لازمة الدواء ترأس عون المجلس الأعلى للدفاع وافيد “ان المجتمعين درسوا الأوضاع الأمنية لا سيما مع حلول عطلة عيد الأضحى وضرورة جهوزية القوى العسكرية والأمنية للحفاظ على الأمن والاستقرار كما درس المجلس عددامن المواضيع المدرجة على جدول أعماله واتُّخذت في شأنها القرارات المناسبة”. وفي اعقاب انتهاء اجتماع الاعلى للدفاع، اعلنت رئاسة الجمهورية تحديد الاثنين 26 تموز الجاري موعداً للاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة. وأفيد ان اتصالا تم بين الرئيسين عون ونبيه بري تم خلاله الاتفاق على موعد الاستشارات.

وفي غضون ذلك أعلنت السفارة الأميركية أن وفدا من مكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية التابع لوزارة الخزانة الأميركية بدأ زيارة لبيروت وسيجتمع مع محاورين من القطاع المالي وجماعات المجتمع المدني للمشاركة في مناقشة القضايا المتعلقة بالفساد والتمويل غير الشرعي ومكافحة الإرهاب.

في المقابل، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة امس ردا على سؤال حول اعتذار الرئيس سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وإجراءات إيران الرامية لاستقرار لبنان، ان “الشعب اللبناني هو من يقرر مصير بلاده” ، مضيفا: “لم نتراجع في أي وقت من الأوقات عن تقديم الدعم للأطراف اللبنانية سواء الحكومة أو الفئات أو الأحزاب”.

وأضاف أنه “في هذه الظروف التي يعاني فيها الشعب اللبناني من ضغوط اقتصادية أعلنا استعدادنا لتقديم أي مساعدة ممكنة ولن نبخل بها”. وختم خطيب زادة بالقول “إن المهم هو وصول المفاوضات السياسية إلى نتيجة وأن يتم تشكيل الحكومة على وجه السرعة”.

وفي المواقف المحلية، قال الحريري في تغريدة عبر “تويتر” مهنئا عبرها اللبنانيين بعيد الأضحى “يهلُّ علينا عيد الاضحى المبارك، ولبنان الحبيب مع شعبه الطيب تعصف به هذه الازمات، والتي كان بوسعنا أن نضع حداً لهذا الانهيار المريع، لولا تعنت البعض وانانيته”.

وفي السياق ذاته اشار المكتب السياسي لحركة “امل” الى ان ترددات اعتذار الرئيس سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة “لا تزال تتصدر صورة ضبابية للمشهد اللبناني، ومن هنا الدعوة إلى الاسراع في إجراء الاستشارات النيابية الملزمة، التي يتوقع اللبنانيون ان تنتج تسمية رئيس يكلف بتشكيل حكومة قادرة على الانقاذ بعيداً عن التسويف والمماطلة وكل الحسابات والمصالح الخاصة”.