Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر December 11, 2023
A A A
مانشيت “النهار”: الجنوب يلتهب وإسرائيل تُوسّع “النماذج التدميرية”
الكاتب: النهار

لم يكن التهاب الجبهة الجنوبية في اليومين الماضيين تفصيلا عاديا في سياق قراءة دلالات اقدام إسرائيل خصوصا على “تثقيل” نوعية القصف المدفعي والجوي بقذائف ذات قدرات تدميرية كبيرة استخدمتها للمرة الأولى في اعتداءاتها واستهدافاتها لأحياء في قرى حدودية، اذ انطوى الامر بشكل واضح على رسائل تهويلية لا تنفصل عن سياقات المناخات التي تحذر لبنان و”حزب الله” من مغبة الانزلاق الى حرب شاملة. ذلك ان صورة الدمار الواسع الذي ألحقته الغارات الإسرائيلية تباعا بعيتا الشعب السبت ومن ثم بعيترون امس بدت اشبه بنماذج تدميرية ارادت من خلالها إسرائيل تصديرصورة نموذج غزة المدمرة وتعميمها واقران تهديداتها للبنان و”حزب الله” بمصير مماثل لدمار غزة. وفي الدلالات السياسية ايضا حصل التصعيد الواسع جنوبا متزامنا مع إخفاق مجلس الامن الدولي في اقرار قرار لوقف النار في غزة، بفعل الفيتو الأميركي . كما ان ايران عاودت التلويح بالأسوأ، مع اشارة وزير خارجيتها حسين امير عبد اللهيان الى انه “ما دامت أميركا تدعم جرائم النظام الصهيوني فهناك احتمال بخروج الوضع عن السيطرة بالمنطقة”. كما ان تحرك الوفد الأمني الفرنسي في بيروت بعد تل ابيب لم يبلور أي مؤشرات إيجابية ملموسة لجهة الدفع نحو التزام الأطراف المتحاربين تنفيذ القرار 1701 . وكل هذه المعطيات أضفت مزيدا من الظلال القاتمة على مصير الوضع عند الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل بما يبقي المخاوف، بل يزيدها، من ازدياد احتمالات الانزلاق الى مواجهة حربية واسعة رغم كل الضغوط والتحذيرات الدولية الهادفة الى تجنيب لبنان هذا الخطر المخيف.

وصعد الجيش الاسرائيلي وتيرة اعتداءاته بعد ظهر امس على نحو عنيف للغاية، اذ شنت المقاتلات الحربية الاسرائيلية غارة استهدفت احد المنازل في بلدة عيترون الحدودية، وافيد ان طواقم الاسعاف توجهت الى المكان، وتسببت الغارة بتدمير حي كامل في بلدة عيترون، حيث سويت العديد من المنازل الامنة بالارض، وتضرر عدد كبير اخر وحضرت الى المكان طواقم اغاثة. وفي حصيلة الغارة الجوية افيد عن وقوع 4 اصابات بين المواطنين، وحالة اغماء واحدة، وتم نقل المصابين الى مستشفى صلاح غندور في بنت جبيل. ثم وللمرة الثانية، استهدف الجيش الاسرائيلي مركزًا للجيش اللبناني في منطقة الوزاني بقذيفة من دبابة من دون وقوع اصابات. وسجل قصف مدفعي إسرائيلي على تلة حمامص في سردا، منطقة الشقيف خراج بلدة كفرشوبا، وبلدة كفركلا الحارة المحادية لتلة العويضة.

في المقابل أعلن “حزب الله” أنه شن هجومًا جويًا بطائرات ‏مسيرة انقضاضية على مقر قيادة مستحدث للجيش الإسرائيلي في القطاع الغربي جنوب ‏ثكنة يعرا. كما اعلن الحزب في بيانات آخرى استهداف ‏مواقع ‏جل ‏العلام وزبدين ورويسات العلم في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا وقلعة هونين وموقع بركة ريشا. كما اعلن تدميره دشمة في موقع العباد يتحصن فيها الجنود الإسرائيليون ولاحقا استهدف تجمعًا في قلعة هونين كما استهدف موقع بركة ريشا بصواريخ بركان .

كما أعلنت “حركة حماس – لبنان” بدورها انها انها قصفت مواقع عسكرية إسرائيلية في ليمان وخربة ماعر في الجليل الغربي .

 

“اليونيفيل”

وأعلن الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي انه “بعد ظهر يوم السبت، تعرضّ برج مراقبة داخل موقع لليونيفيل بالقرب من منطقة إبل القمح في جنوب لبنان لقصف أدى إلى أضرار في هيكل البرج، ولحسن الحظ، لم يصبّ أحد”، لافتاً الى أن “مصدر إطلاق النار قيد التحقيق”. وشدد تيننتي على أن “أي استهداف لمواقع اليونيفيل وأي استخدام للمنطقة المجاورة لمواقعنا لشنّ هجمات عبر الخط الأزرق هو أمر غير مقبول، حيث تشكل الهجمات ضد المدنيين أو موظفي الأمم المتحدة انتهاكات للقانون الدولي”. وتابع: “إننا نذكّر الأطراف بالتزاماتها بحماية حفظة السلام وتجنّب تعريض الرجال والنساء الذين يعملون على استعادة الاستقرار للخطر”. وأشار الى أنه “بعد أكثر من شهرين من القصف النشط على طول الخط الأزرق، تتزايد احتمالات حدوث خطأ في التقدير يمكن أن يؤدي إلى نزاع أوسع”، مؤكداً ان “استعادة الاستقرار عبر القنوات الديبلوماسية يمثل أولوية لضمان سلامة جميع المدنيين الذين يعيشون بالقرب من الخط الأزرق، وكذلك سلامة حفظة السلام”.

ومساء امس، اعلن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي اقفال كل الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات اليوم الاثنين “تجاوباً مع الدعوة العالمية من أجل غزة وتضامناً مع الشعب الفلسطيني ومع أهلنا في غزة وفي القرى الحدودية اللبنانية”.

وعطفا على مذكرة رئيس مجلس الوزراء أصدر وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي قرارا بإقفال المدارس والثانويات والمدارس والمعاهد الفنية الرسمية والخاصة ومؤسسات التعليم العالي الرسمية والخاصة كما أعلنت جمعية مصارف لبنان اقفال المصارف اليوم للغاية ذاتها . وتعاقبت الدعوات إلى الإقفال في مختلف القطاعات.

 

التمديد عبر المجلس
في المشهد السياسي الداخلي سيشهد الأسبوع الحالي، مبدئيا، ما لم تطرأ مفاجآت في اللحظة الأخيرة ، نهاية الجدل الطويل حول ملف التحسب لشغور القيادة العسكرية وذلك من خلال تصويت غالبية نيابية مرموقة لمصلحة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون في الجلسة التشريعية التي سيدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد ترؤسه اليوم اجتماع هيئة مكتب المجلس . وإذ ينتظر ان يتولى بري رسم معالم المخرج للتمديد والصيغة القانونية التي سيرسو عليها، علم في هذا السياق ان “حزب الله” كان ابلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأنه لا يعارض التمديد لعون وترك له ولبري التوصل الى اي مخرج ولن يعترض عليه ومن دون ان يحسم ما سيتخذه من موقف في الجلسة التشريعية لاعتبارت تخص علاقاته مع “التيار الوطني الحر” الرافض السير بالتمديد لعون .

ويقول رئيس المجلس بأن كتلته النيابية ستسير بالتمديد لقائد الجيش ولو انه كان يتمنى ان تتم هذه العملية عبر الحكومة وما دامت الاخيرة غير قادرة على هذا الامر فلم يبق من طريق الا عبر البرلمان. ويحذر بري ولو بطريقة غير مباشرة من توجه البعض الى التلاعب بنصاب الجلسة وتطييره. كما انه لا يصور حضور النواب انتصارا لكتلة على اخرى ويرفض المقارنة بين مسألة قيادة الجيش والمديرية العامة للامن العام وحاكمية مصرف لبنان على اساس ان حالتي المؤسستين الاخيرتين تختلفان عن الاولى. وان ما يهمه في الدرجة الاولى عدم حصول فراغ في قيادة المؤسسة العسكرية ولا سيما في مثل هذه الظروف الخطرة على الحدود جراء التهديدات الاسرائيلية وخروقها المفتوحة لقواعد الاشتباك في شكل اكثر من فاضح ، ويؤكد ان كل الرسائل الاخيرة التي حملها الفرنسيون ووفود اخرى ركزت على مسألتين: التمديد لقائد الجيش والوضع في الجنوب. ولم يتم الاتيان من اي جهة على ذكرى التوجه الى اجراء تعديل في القرار 1701 في مجلس الامن.

يشار الى ان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل قام امس بجولة على عدد من النواب والسياسيين في طرابلس وقد اعترض على الزيارة عدد من ابناء طرابلس ورشقوا موكب باسيل بالبيض والبندورة، فيما عمل الجيش على ضبط الوضع ومنع الاشكالات. وأفيد عن سقوط جريحين من المعترضين بعد تدافع مع الجيش وعراك مع عناصر من مواكبة باسيل.

في اطار المواقف البارزة من التطورات تحدث البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس عن جولته الأخيرة في الجنوب قائلا ” حيّينا أهالي الجنوب الأعزّاء في مدنهم وبلداتهم وقراهم. على الرغم من الغصّة في القلب بسبب القصف الإسرائيلي الدائم على هذه البلدات، وعيش أهاليها في القلق على مصيرهم وأمنهم، عشنا فرح العائلة اللبنانيّة الواحدة في تنوّعها. وقلنا للأهالي أنّ تضامننا معهم يشمل كلّ حاجاتهم. وأوّل صرخة نطلقها معهم: “نحن لا نريد حربًا تدمّر بيوتنا وتقتل أطفالنا وتهجّرنا. لقد وقعت في قلبنا صرخة أهالي رميش ودبل وعين إبل والقوزح وعيتا الشعب، الذين نحيّي صمودهم”.

وحمل على “حكّام الدول الذين يغذّون المتحاربين بجميع أنواع الأسلحة الهدّامة والإباديّة، كما نشهد في الحرب على قطاع غزّة، والحرب على أوكرانيا وسواهما”.وقال “وهذه حال المجلس النيابي عندنا، الذي ينتهك المادّة 49 من الدستور ولا ينتخب رئيسًا للجمهوريّة، ويمعن بالتالي في إسقاط المؤسّسات الدستوريّة، وتعطيل عمل الإدارات العامّة، والعيش في حالةٍ من الفوضى، وإفقار الشعب وإرغامه على هجرة وطنه، وتفاقم الأزمة الإقتصاديّة والماليّة والإجتماعيّة”.