Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر April 15, 2022
A A A
مانشيت “الديار”: الاستحقاق الرئاسي بين البخاري وغريو وتنسيق مع شيا: لا تكرار لتجربة عون!
الكاتب: الديار

تحولت عملية استجرار الكهرباء والغاز من مصر والاردن الى قصة «ابريق الزيت» في ظل انكشاف النوايا الاميركية المبيتة لربط انجاز هذا الملف بترسيم الحدود البحرية جنوبا، وهو امر لمسه وزير الطاقة وليد فياض الموجود في القاهرة التي لم تحصل حتى الان على الضمانات الاميركية الخطية لتجنيبها عقوبات قانون «قيصر» فيما لم يحصل البنك الدولي بعد على «الضوء الاخضر» الاميركي لتمويل المشروع. في هذا الوقت وجدت الحكومة ضالتها في امول السحوبات الخاصة من صندوق النقد لتمويل الطحين، والادوية، وصيانة الكهرباء، في ظل توجه لرفع الدعم عن القمح وابقاءه فقط على الطحين لصناعة الخبز، وفيما حسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الجدل السائد حول عدم اجراء الانتخابات النيابية بجزمهما انها قائمة في موعدها بعد اقرارالاعتمادات الاضافية لها، بدات «روائح» «الفريش دولار» تطل براسها من خلال الصرف على الاعلانات الانتخابية وخصوصا المرئية منها، وسط عجز او عدم مبالاة لضبطها في وقت لا تزال الشكوك قائمة حول وجود نوايا مبيتة «لتطيير» انتخابات المغتربين في ظل الميوعة في بت التشكيلات وحل ملف الرواتب. هذا الانشغال المحلي بالاستحقاق النيابي يقابله انشغال بالاستحقاق الرئاسي في بعض السفارات العربية والغربية في بيروت حيث بدات نقاشات جدية حيال كيفية مقاربة هوية الرئيس الجديد الذي تصر السعودية ان لا يكون تكرارا لتجربة ميشال عون في قصر بعبدا.

 

«الطبق» الرئاسي

في الوقت الذي لا تزال الاسئلة حائرة حيال اسباب العودة الدبلوماسية السعودية الى بيروت، والانفراجة المفترضة في العلاقات مع دول الخليج، دون ان يتلمس احد حتى الان رغبة للمملكة في التدخل في الانتخابات النيابية، تمويلا على الاقل، او دعما للوائح بعينها، برز خلال الساعات القليلة الماضية اهتمام سعودي-فرنسي بالاستحقاق الرئاسي في تشرين الاول المقبل من «بوابة» استشراف الخيارات المتاحة تحت عنوان عدم تكرار تجربة الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا. ووفقا لمصادر دبلوماسية غربية تبدو الرياض مهتمة بالبحث عن مرشح يمكن تسويقه وتبنيه لدى الدول الغربية وخصوصا باريس وواشنطن، للدخول في هذا الاستحقاق بموقف موحد بحيث تخاض «معركة» الاسم الواحد في مواجهة الرئيس المفترض تبنيه من قبل حزب الله ومن خلفه ايران.

 

نقاش بين البخاري وغريو

وفي هذا السياق، علم ان السفير السعودي الوليد البخاري بحث مع السفيرة الفرنسية آن غريو الملف الرئاسي على هامش اللقاء الذي عقده معها للبحث في آلية تنفيذ الشراكة المالية لدعم العمل الإنساني وتحقيق الاستقرار والتنمية في لبنان، عبر «الصندوق» المشترك المنوي اطلاقه قريبا. وفيما اكدت غريو ان بلادها ستعيد تزخيم عملها على الساحة اللبنانية بعد انتهاء المرحلة الثانية من السباق الرئاسي بعد نحو اسبوعين، حيث تملك بلادها افكارا عديدة ومنها طرح عقد مؤتمر»حواري» جديد يؤسس لانطلاقة جديدة، لفتت الى اهمية هوية الرئيس الجديد المفترض ان يكون «محايدا» وغير منحاز، خصوصا في علاقاته الخارجية. ووفقا لزوار السفارة الفرنسية لمست غريو رغبة سعودية بعدم تكرار تجربة الرئيس عون، وقد كان البخاري صريحا في الحديث عن العلاقة السيئة بين بلاده والرئاسة الاولى بعدما اختار الرئيس ان يكون في «المعسكر» الآخر المعادي للمملكة، واشار الى اهتمام بلاده بهذا الاستحقاق معربا عن امله في تنسيق المواقف للتوصل الى خلاصات مشتركة.

 

ما هو موقف واشنطن؟

هذا اللقاء بين غريو والبخاري سيستتبع بلقاء قريب بين البخاري والسفيرة الاميركية دروثي شيا، وعلم في هذا السياق، ان اجواء السفارة الاميركية في بيروت لا تزال حذرة في مقاربة هذا الملف مع الشركاء العرب والغربيين لانها لا تزال بانتظار تبلور المشهد الانتخابي في 15 أيار قبل الانطلاق جديا في مقاربة هذا الاستحقاق الذي تستعجل الرياض وضعه على «الطاولة».

 

لا اعادة لتجربة عون!

واذا كانت المملكة لا تملك اسما بعينه بعد، لكنها لا تخفي اعجابها بتجربة رئاسة العماد ميشال سليمان وتقترح ان يكون البديل مرشحا على «قياسه»، في المقابل تبدو الخيارات لدى كل من باريس وواشنطن ضيقة للغاية، واذا كان رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع خارج «السباق» حتما، فالاقتراحات تنحصر بقائد الجيش العماد جان قهوجي القابل للتسويق كمرشح «تسوية»، بعدما احرقت «ورقة» حاكم مصرف لبنان رياض سلامة نتيجة الانهيار المالي والنقدي، حيث يصعب تسويقه، لكن لا شيء نهائي ترشيحا، ولا تزال بعض الاسماء البعيدة عن الاضواء قيد»الدراسة».

 

لا معارضة فرنسية على فرنجيه

لكن ثمة توجه لتنسيق «ثلاثي» في هذا الملف لبلورة موقف موحد، خصوصا العواصم الثلاث تتفق على ان «الاكثرية» التي سيملكها الفريق الاخر في المجلس لا تخوله التفرد بانتخاب رئيس مع احتفاظ حلفائهم «بالثلث» المعطل، علما ان الفرنسيين لا يبدون معارضة «شرسة» لاحتمال وصول رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه الى بعبدا، وهم يعتقدون ان لا منافس له راهنا لدى الفريق الآخر، لانه من الصعب جدا نجاح حزب الله في تسويق النائب جبران باسيل للرئاسة بفعل ازماته الداخلية المتعددة مع مختلف الاطراف السياسية.

 

حزب الله «والعبور السلس»

ولم تنف مصادر مطلعة على هذه التطورات ان تكون رعاية الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله للقاء «المعاتبة» بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وزعيم تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، محفزا لاطلاق عجلة البحث في مصير الاستحقاق الرئاسي عن خصوم الحزب في الداخل والخارج، فبعيدا عن الانتخابات النيابية التي يخوضها الرجلان من موقع «الخصومة»، الا ان السيد نصر الله نجح في وضع قواعد لهذا الاختلاف بينهما استعداداً لمواجهة مرحلة ما بعد إنجاز الانتخابات النيابية وصولا الى انتخاب رئيس جمهورية جديد في تشرين الاول المقبل، حيث يرغب حزب الله بان يكون عبور هذا الاستحقاق «سلسا» ودون عقبات تؤدي الى فراغ جديد في سدة الرئاسة.

 

اقفال «باب المناورة»

واذا كان السيد نصرالله قد تقصد عدم فتح باب النقاش حول هذا الاستحقاق، الى انه عبد الطريق امام طرحه عندما يحين الوقت المناسب بعد الانتخابات النيابية، وبعد تبلور المناخ الاقليمي والدولي خصوصا ان استحقاقات كبرى تنتظر المنطقة وستكون واضحة قبل الخريف، لكن ما يريده حزب الله هو الوصول الى الاستحقاق بمرشح واحد، لاقفال باب «المناورة» امام «خصومه»، وعدم تكرار تجربة المفاضلة بين الرئيس عون وفرنجية، ولهذا فان تبني اي اسم الان ليس في مكانه لانه سيؤدي الى «حرقه»، فيما لا يرى اي من المرشحيّن الطبيعين ضرورة اتخاذ اي قرار «بالانكفاء» في وقت مبكر، خصوصا النائب باسيل الذي يدرك تراجع حظوظه، لان «لعبة الوقت» قد تعيد «خلط الاوراق»!

 

تحذير حزب الله

وفي سياق متصل، نبه رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين اللبنانيين الذين ينصتون إلى الشعارات الانتخابية لأتباع السفارات الأميركية والسعودية وبعض السفارات الخليجية، من الخداع المنظم إعلاميا والمدفوع خارجيا، والذي يهدف إلى التلاعب بمشاعر الناس بأمور زائفة لا توصل إلى أي نتيجة، لا سيما وأن البعض اليوم يستخدمون كما في كل الأيام الماضية شعارات جديدة من أجل أن يوهموا أتباعهم الذين يدعونهم لانتخابهم أنهم حاضرون في الساحة وفي الجبهة والمواجهة، وأنهم سيصلون إلى نتيجة مهمة في مواجهة حزب الله والمقاومة.

 

واشنطن «تبتز» لبنان؟

في هذا الوقت، لم يعد سرا ان الولايات المتحدة الاميركية «تكذب» بعدما حاولت ايهام اللبنانيين بانها ستكون السباقة في مساعدتهم في مجال الطاقة، فبعد اشهر على «الانزال» المفاجىء للسفيرة الاميركية دوروثي شيا في القصر الجمهوري واعلانها السماح للبنان باستجرار الغاز والطاقة من الاردن ومصر، في محاولة لقطع الطريق على اعلان الامين العام لحزب الله انطلاق بواخر المازوت من ايران، لا يزال كل هذا الكلام حبرا على ورق، وبات واضحا ان واشنطن تبتز لبنان بهذه «الورقة» للحصول على تنازلات في ملف الترسيم البحري، وهو امر اعاد اكتشافه بالامس وزير الطاقة وليد فياض الذي اعلن عقب زيارته القاهرة إن إتمام التعاقد لاستقدام الغاز من مصر عبر الأراضي السورية يستلزم ضمانات أميركية على عدم الوقوع تحت طائلة العقوبات المفروضة على سوريا، فضلا عن ترتيب التمويل اللازم من البنك الدولي.

ووفقا للمعلومات فان فياض ابلغ خلال محادثاته مع وزير البترول المصري طارق الملا ان الولايات المتحدة الاميركية تتعمد المماطلة في تقديم ضمانات رسمية ومكتوبة للقاهرة وكذلك الاردن تجنبهما تداعيات قانون قيصر، كما ان آليات تقديم التمويل عبر البنك الدولي لا تزال متعثرة للسبب نفسه، والكل بانتظار «الضوء الاميركي» لتوقيع الاتفاق، وقد سمع فياض من نظيره المصري تلميحا باعتقاد بلاده ان الاتفاق لن «يبصرالنور» قبل حصول حلحلة في ملف «الترسيم البحري»، لان كل المراسلات مع الجانب الاميركي لم تحمل اي تبريرات مقنعة حتى الآن!

 

اقتراع المغتربين؟

انتخابيا، وفيما اكد رئيس الجمهورية ميشال عون في مستهل جلسة الحكومة ان الانتخابات قائمة في موعدها وقد أقرت الاعتمادات الاضافية لها، وايده بذلك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي اكد ايضا ان «الامن» مستتب على الرغم من الجو السلبي الذي يعممه البعض، وأن «الاستحقاق الانتخابي النيابي سيحصل في موعده ونحن ملتزمون إجراءه، والاعتمادات المطلوبة يتم تأمينها،لا تزال الشكوك قائمة حول وجود نوايا مبيتة لالغاء انتخاب المغتربين، في ظل تعمد واضح بعدم ايجاد الحلول لازمة التشكيلات الدبلوماسية، وابقاء «سيف» خفض الرواتب «مسلطا» فوق «رؤوس» الدبلوماسيين في الخارج، وكأن ثمة من يريد ان يدفع «الجسم» الدبلوماسي للتصعيد من جديد بعد ايام على اعلانه تعليق الاضراب.

 

«الخديعة»!

وبحسب مصادر مطلعة يشعر الدبلوماسيون انهم تعرضوا لخديعة من الحكومة بعد ايهامهم بان مشكلة الرواتب ستحل كما سيجري البت بالتشكيلات الدبلوماسية، وهذا لم يحصل، فحتى الان ثمة اصرار على حسم 30 بالمئة من الرواتب وهذا سيؤدي الى كارثة فيما لا تزال الرواتب عالقة منذ شهرين في مصرف لبنان. اما التعقيدات السياسية فلا تزال تعيق اجراء التشكيلات الدبلوماسية، والعقدة المستجدة مطالبة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بتشكيل السفير في اليمن الى دولة اخرى، وقد انتهى الاجتماع بينه وبين وزير الخارجية عبدالله بوحبيب دون الوصول الى اتفاق. وتتخوف تلك المصادر من حصول تصعيد مفاجىء من الدبلوماسيين قبل فترة وجيزة من الاستحقاق الانتخابي ما سيؤدي الى تطييره، فيما لم تصرف بعد الاموال لانهاء الاجراءات التنظيمية، وحتى العقد مع شركة «دي اتش ال» لم يوقع بعد.

 

«فضيحة» الانفاق الانتخابي

انتخابيا ايضا، وفيما اعلن الاتحاد الاوروبي ان 150 مراقبا من دول الاتحاد، سيشرفون على الانتخابات النيابية، وقد بدؤوا بالامس انتشارا رمزيا على الدوائر الـ 15 قبل ان تبلغ الذروة في يوم الاقتراع، اثارعدد من الوزراء على هامش الجلسة الحكومية ما اسموه الانفاق الانتخابي الفاضح لدى عدد من الجهات السياسية حيث بدات «رائحة» «الفريش» دولار تبرز خصوصا من خلال الحملات الانتخابية في وسائل الاعلام التي لا تلتزم بالمعايير الشفافة لانصاف المرشحين الذين يحصل المتمولون منهم على مساحات كبيرة فيما يغيب الباقون عن الشاشات.

 

ملايين الدولارات «فريش»؟

وفيما اكد رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات نديم عبد الملك ان وسائل الإعلام لا تقدم التقارير الدقيقة المطلوبة لإطلالات المرشحين على شاشاتها لناحية التكلفة والمساحة والوقت، تشير المعلومات الى ان اطلالة اي ضيف في برنامج سياسي تبلغ تكلفتها بين مائة ومائتي ألف دولار أميركي، في وقت وصلت فيه رزمة كاملة عبر محطة تلفزيونية، تشمل مقابلات وإطلالات دورية وتغطية لنشاطات المرشحين في اللائحة إلى أكثر من مليون دولار أميركي»فريش».

 

تجدر الاشارة الى ان هيئة الإشراف على الانتخابات حددت سقف المبلغ الأقصى الذي يحق لكل مرشح إنفاقه أثناء فترة الحملة الانتخابية، وهو يتضمن قسماً ثابتاً مقطوعاً قدره 750 مليون ليرة، ويضاف إليه قسم متحرك مرتبط بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية التي ينتخب فيها وقدره خمسون ألف ليرة لبنانية عن كل ناخب مسجل في قوائم الناخبين في هذه الدائرة، وحدد سقف الإنفاق الانتخابي للائحة بمبلغ ثابت مقطوع قدره سبعمائة وخمسون مليون ليرة لبنانية عن كل مرشح تلقت المحطات التلفزيونية على تنوعها نحو 7 ملايين و500 ألف دولار في شهر آذار وحده.

 

الحل «بالسحوبات الخاصة»

وفي وقت غابت التشكيلات الدبلوماسية عن جلسة مجلس الوزراء، وافقت الحكومة على إحالة مشروع قانون الاستقراض الى مجلس النواب، وعلى استخدام 15 مليون دولار من السحوبات الخاصة من صندوق النقد لشراء القمح و13 مليونا للدواء و60 مليونا للكهرباء ستخصص لشركات مقدمي الخدمات ودفع تكليف الصيانة. وقد اثار تكليف مجلس الإنماء والإعمار بالإشراف على عملية هدم الاهراءات سخط وغضب اهالي شهداء المرفأ الذين طالبوا بتدعيم الاهراءات بدل هدمها واتهموا الحكومة بمحاولة «طمس» الحقائق. علما ان مجلس الوزراء كلف وزارتي الثقافة والداخلية بإقامة نصب تذكاري تخليدا لذكرى شهداء انفجار مرفأ بيروت مكان الاهراءات، كما شكل المجلس لجنة وزارية برئاسة وزير السياحة وليد نصار للتحضير لزيارة قداسة البابا فرنسيس الى لبنان خلال شهر حزيران المقبل. كما تم عرض للإتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي و»طُلب من الوزراء تقديم اقتراحاتهم ليعاد النظر بها في جلسة لاحقة، وعلم ان مناقشات عديدة حصلت حول تعديل قانون السرية المصرفية.

 

رفع الدعم عن القمح؟

ووفقا لمصادر وزارية ثمة اتجاه لوضع سياسة رفع تدريجي عن دعم القمح والابقاء على دعم طحين الخبز فقط، اي رفعه عن الكعك والمعجنات وغيرها، وسيتم تشكيل لجنة وزارية لمتابعة الموضوع سريعا.