Beirut weather 21.32 ° C
تاريخ النشر October 18, 2016
A A A
ماذا يقول الطرّاس عن تواصله مع الإرهابيين
الكاتب: لينا فخر الدين - السفير

«الشيخ» من «المعلومات» إلى منزله خلال أيّام
ماذا يقول الطرّاس عن تواصله مع الإرهابيين وبطاقة الذاكرة المشفّرة؟
*

إذا بقي ملفّ بسّام الطرّاس على ما كان عليه، أمس، فإنّ الرجل سيعود على الأغلب إلى منزله في غضون أيّام قليلة أو ربّما ساعات، بعد أن ميّز مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي صقر صقر قرار قاضي التحقيق العسكريّ الأوّل رياض أبو غيدا ترك الطراس بسند إقامة، وأحاله على محكمة التمييز العسكريّة لبتّ أمره.

وعليه، سيكون السيناريو المفترض هو أن تفسخ «التمييز» قرار أبو غيدا، وتقوم بتسطير مذكّرة توقيف وجاهيّة للطرّاس اليوم أو الخميس.

وعلى الأغلب، ستقدم وكيلة الدّفاع عن الطرّاس المحامية زينة المصري طلب إخلاء سبيل إلى أبو غيدا، الذي سيصرّ على قراره ويخلي سبيل الشيخ المتّهم بالتواصل مع تنظيمات إرهابيّة بسند إقامة (أي من دون منع سفر)، والذي ما زال موقوفاً في مقرّ «شعبة المعلومات». فيما علمت «السفير» أنّ أبو غيدا سيستمع للطراس الإثنين المقبل لاستكمال الملفّ.

تشدّد المصري على أن موكّلها كان هادئاً ومتماسكاً وأعطى إجابات مقنعة عن كلّ ما سئل عنه، مؤكّدةً أن قرار النيابة العامة هو «حقها الذي استخدمته، ونحن ننتظر قرار «التمييز».

وبالتالي، يمكن القول إنّ الطرّاس استطاع إقناع أبو غيدا، المعروف عنه أنّه «لا يرحم ولا يظلم»، بأنّ التهم المسوقة ضدّه ليست سوى شبهات غير مقنعة لتوقيــفه وعدم ضلوعه في أيّ عملٍ أمنيّ لتجريمه!

خلال التحقيق الذي امتدّ معه لأكثر من ساعتين في مكتب أبو غيدا، أمس، لم ينف الطراس أنّه تواصل مع محمد الأحمد، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ الأمر حصل بسبب عمله في استشارات تربوية تخصّ أولاده، وذلك من دون علمه بانتمائه إلى تنظيمات إرهابيّة، مشدّداً على أنّ التواصل بينهما قطع بعد تورّط الأخير بالسيارة التي ضبطت في الناعمة.

وحينما سئل عمّا إذا كان قد تواصل مع الأحمد عبر البرنامج المشفّر الذي يحمل اسم «أمن المجاهدين»، قال الطرّاس: «إن علاقتي بالأحمد محصورة بالاستشارات التي لا تحتاج إلى التشفير».

كما نفى علمه بأمر انتماء القياديّ في «داعش» المعروف بـ «أبو الوليد»، مضيفاً: «أنا في اليوم الواحد أتلقّى عشرات الرسائل والاتصالات بحكم عملي، بعضها لا أفتحه ولا أتجاوب معه، وإذا تواصلت مع عدد من المتصلين بي، فهذا لا يعني أنني أعرفهم واحداً واحداً أو أعرف خلفياتهم».

أمّا الشبهة الأقوى على الطرّاس فتبقى في اجتماعه مع اثنين من المتّهمين في تنفيذ تفجير زحلة علي غ. وبلال خ. في تركيا. فيما يقول الطرّاس إنّه يعرف الأوّل بحكم علاقة القرابة، مشيراً إلى أنّ الاثنين زاراه في مكتبه في حرم الجامعة في تركيا حيث يعمل، وكان يشارك في مؤتمرٍ إسلامي، ولكنهما لم يفاتحاه بأي موضوع أمني، مضيفاً: «لو كان الأمر كذلك، لكنتُ التقيتهما في البقاع، وأنا أصلاً لم أعرف بتفجير كسارة إلّا عبر الإعلام، وفوجئت بتورّط بلال الذي لم يكن يظهر بمظهر الإرهابي».

ورداً على ما قاله عنه بلال إنّه متشدّد، قال الطراس: «بتّ محتاراً، فبعض المحققين يقولون إن بلال يريد قتلي لأنني إيراني وبعيد من فكره، والبعض الآخر ينقل عنه أنني متشدّد».

وروى الموقوف تفاصيل علاقته مع محمّد الربيع الملقّب بـ «أبو العلاء» والمتّهم بالمشاركة في التخطيط للتفجيرين المزدوجين اللذين استهدفا المستشاريّة الإيرانيّة، فأكّد أنّه يعرفه منذ نحو 30 عاماً وكان يقطن في لبنان حيث يعمل في مجال صناعة الألبسة وكان يتردّد سابقاً إلى منزله لمتابعة وضع أولاده، من دون أي علم له بانتمائه إلى تنظيم إرهابيّ.

إذاً، أقنع الموقوف «الريّس» أنّ كلّ ما حصل كان مجرّد صدفة ولم تكن لديه نيّة تنفيذ أي عملٍ أمنيّ.

وبشأن بطاقة الذاكرة التي ضبطت معه، لفت الطراس الانتباه إلى أنّه هو من أتى بها إلى «العسكريّة» (بسبب استدعائه للاستماع إلى إفادته من قبل مفوّض الحكومة المعاون القاضي هاني حلمي الحجّار)، متسائلاً: «هل يمكن أن آتي بدليل إدانتي بيديّ؟».

وعن البرنامج المشفّر الذي يحمل اسم «أمن المجاهدين» داخل البطاقة، قال إنّ أحد الأشخاص أرسله منذ أكثر من عام ولكنّه لم يفتح البرنامج فنسي كلمة السرّ الخاصة به، مشيراً إلى عدم إلمامه بالتكنولوجيا، ولذلك كان يستعين بابنه عمير أو بصاحب محلّ التلفونات الذي كان يعمد إلى تنزيل بعض البرامج مثل الـ «تلغرام».

أمّا عن سبب اعترافه في البداية بأنّه لم يفتح البرنامج ثمّ تأكيده أنّه فتحه، فلفت الانتباه إلى أنّه كان قد نسي محتويات بطاقة الذاكرة الخاصة به.

وعندما سألته محاميته زينة المصري عن وصفه «داعش» وكرهه الدّولة اللبنانيّة، أجاب: «أنا أحبّ بلدي وأعتزّ به وأعلّم الجيل الجديد على ذلك. أمّا «داعش» فهو منظّمة إرهابيّة تقتل النّاس وتشوّه صورة الإسلام والمسلمين».

كما أبرزت المصري أثناء الاستجواب ملفّاً يحتوي على محاضرات الطرّاس ومواقفه الداعية إلى الابتعاد عن الغوغائية وحمل السلاح وحماية الدولة والالتزام بالقانون.

في الخلاصة، فإنّ الطرّاس تحوّل إلى واحد من محيّري عقول اللبنانيين، فكيف يتمّ توقيف الرّجل ثم يطلق سراحه ثم يوقف ثم يقرّر إطلاق سراحه وهكذا دواليك… وفي بعض الأحيان يكون صاحب القرار واحداً! وكيف يمكن لقاضٍ أن يرى متّهماً بريئاً، فيما يراه آخرون أنّه متورّط وخطير!

بلا أدنى شكّ، فإنّ ملفّ الطراس يحتوي على الكثير من الشبهات والقليل من الأدلّة، فإمّا أن يكون الرجل خارق الذكاء، وإمّا أن يكون بريئاً ولكنّ الكثير من الصدف اجتمعت في آن معاً!