Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر January 18, 2017
A A A
ماذا يعني توقيف سفاح اسطنبول بالنسبة لأهالي الضحايا؟
الكاتب: النهار

 

“ارهابي” فيلم رعب ملهى “رينا” في قبضة السلطات التركية. عبد القادر ماشاريبوف صاحب الصورة الأشهر على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما حامت الشبهات حوله بأنه منفذ اعتداء اسطنبول ليلة رأس السنة، ظهر في الأمس بصورة جديدة. هذه المرة ليست “سلفي” لرجل ملامحه مخيفة فقط، بل ملطّخ بالدماء نتيجة الضربات التي تلقاها بعد دهم شقته وتوقيفه مع خمسة اشخاص كانوا معه، منهم رجل من قرغيزستان وثلاث فتيات من مصر، السنغال والصومال.
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أكد أن المشتبه فيه اعترف بتنفيذه الهجوم بتوجيهات من تنظيم “داعش”، وهو من أوزبكستان، تلقى تدريباته في أفغانستان، دخل إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية، لافتاً الى أن” السلطات التركية اعتقلت نحو 50 شخصاً منذ ليلة الهجوم حتى تمكنت من القبض على ماشاريبوف”. اما حاكم إسطنبول، فأعلن ان “هدف السلطات التركية كان اعتقال منفذ الهجوم الارهابي حياً”، فكيف استقبل اهالي الضحايا والجرحى اللبنانيين خبر الاعتقال؟
“اتمنى ان يحترق ولكن”
توقيف ماشاريبوف لا يغيّر شيئاً بالنسبة الى ميراي مسلّم، زوجة الضحية هيكل. فهو كما قالت لـ”النهار” لن يرد زوجي الى احضاني، كما ان الامر لا يتوقف عليه، هو المنفذ وليس المقرر، المخطّط والمموّل، نعم اتمنى أن يحترق كما حرق قلبي، لكن مشكلتي ليست معه فقط بل مع السلطات التركية وصاحب مطعم “رينا” الذي لم يؤمّن الحماية لزبائنه رغم علمه بوضع البلد والتهديدات التي وصلته، لا بل بقي متكتماً عليها”. واضافت: “القضية اكبر بكثير من الارهابي، والدليل ان دخوله الى الملهى وارتكاب جريمته كانا سهلين تماماً كخروجه بعد انهاء مهمته. هناك تواطؤ امني ظاهر، ولا اعتقد ان توقيفه سيكشف كامل الحقيقة”.
صباح اليوم تسلم اهالي الضحايا ما تبقى من اغراض احبّتهم، من وزارة الخارجية، وقالت ميراي: “اهم شيء اني استرجعت محبسه، المحفور عليه اسمي وتاريخ زواجنا منذ ستة اشهر. وكنت قد شددت على القنصل للقيام بكل جهده لاعادته لي، حيث اطلعته انني لن ارتاح واتركه يرتاح حتى استرجعه. اما باقي الاغراض فلا تعني لي، سوى هاتفه كونه يحتوي على صوره وقد بات في حوزتي مع مسبحته ومحفظته. اما الاغراض التي عليها دماء فقد رفضت استرجاعها، ولا تزال سترته مفقودة مع وشاحه”.
لا يختلف رأي ميراي عن موقف فيفيان شقيقة الضحية الياس ورديني، التي قالت: “الغالي راح، خسارتنا كبيرة. الجمرة لا تحرق الاّ صاحبها، لذلك لم يؤثر بي توقيف الارهابي فلن يعيد الياس الينا، اترك الامر لله كي يأخذ حقنا”.
“الاعدام قليل عليه”
39 قتيلاً وعشرات الجرحى نتيجة ما اقترفته يدا ماشاريبوف. بعضهم تماثل للشفاء، والبعض الآخر لا يزال يقاوم للبقاء على قيد الحياة، منهم نضال بشراوي الذي قال لـ”النهار”: “اتمنى ان ينال العقاب الذي يستحقه، فحتى الاعدام قليل عليه. ومع ذلك لا شيء سيعيد الضحايا الى اهلهم، ولن يمحو الندوب التي تركها على اجساد الجرحى، ولن ينسيهم آلامهم، وفيلم الرعب الذي عاشوه. فأنا على سبيل المثال ما زلت اعاني على سرير المستشفى. اتذكر الاردني محمد الصراف الذي توفي فوقي، وفوقه هيكل مسلم، ومشهد الموت المنتشر في كل ارجاء المكان ونهر الدماء الذي فاض في الارجاء”. اما ناصر بشارة الذي كان يهمّ لمغادرة المستشفى، فعلّق عبر “النهار” بالقول: “توقيفه لن يعيد الموتى، كما انه ليس الارهابي الوحيد في العالم، لذلك يجب محاربة الارهاب من جذوره، فكل يوم نتعرّض لحادث مماثل”.
القضية أكبر من ماشاريبوف
“المسألة تتخطى اهالي الضحايا فهي أكبر من ذلك بكثير”، بحسب أستاذة العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية الدكتورة منى فياض التي شرحت لـ”النهار” ان “ما قام به الارهابي موجّه ضد السلم وليس ضد اشخاص. لذلك يساعد اعتقاله العدالة والحق العام، ويكشف عن خيوط من اعطاه الاوامر. فالقضية تتعلق بأمن قومي، وأمن أوطان، من هنا القبض على القاتل لا يريح فقط اهل الضحايا بل المجتمع ككل، لأنه صورة عن محاربة الارهاب، واستغلال القتل للوصول الى اهداف سياسية”. وأضافت ان “علم النفس الجنائي تطوّر، لم يعد البحث عن الثأر هو الهدف بل العدالة وتطبيق القانون على الجميع”.