Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر May 26, 2021
A A A
ماذا كشف باتريك مارديني لموقع “المرده” عن تصحيح الرواتب والأجور وهل هذا ممكن؟
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده
dollar-lebanese-lira Patrick-Mardini
<
>

باتت أجور اللبنانيين زهيدة لا تكفيهم سوى بضعة أيام في ظل تراجع قدرتهم الشرائية بنسبة 85 في المئة، وهذا ما دفع العاملين في القطاع العام في الآونة الأخيرة الى اطلاق صرختهم للمطالبة بزيادة رواتبهم وأجورهم وتحسين قدرتهم الشرائية التي تآكلت بفعل التضخم وارتفاع الأسعار وانهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار الذي يحلّق من دون اي ضوابط.
في السياق، أكد رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني في حديث خاص لموقع “المرده” أنه لا يوجد احصاءات رسمية دقيقة حول عدد العاملين في مؤسسات الدولة لانه وبكل بساطة التفتيش المركزي طلب من الادارات تزويده بالأعداد وحدد مهلة حتى عام 2018 حينها ولكنه لم يلق اي تجاوب وبالتالي ليس هناك من أرقام رسمية ولكن هناك بعض التقديرات التي تفيد بأن أعداد الموظفين في القطاع العام يقدّر بـ320.000 بين موظف ومتعاقد وأجير ومتعامل وغيرها من التسميات وبحسب الارقام المتداولة يُحكى عن 120.000 شخص في القوى الأمنية والعسكرية، 40.000 موظف في التعليم الرسمي، 30.000 في الوزارات والادارات العامة و130.000 في المؤسسات العامة والبلديات زد على ذلك 120.000 متعاقد معظمهم اما عسكريين او اساتذة”.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان هناك امكانية لتصحيح الرواتب والأجور في هذه الأزمة الحالية، أجاب مارديني قائلاً: “ما يُحدّد الرواتب والأجور هو الانتاجية وعلى أساس انتاجية الموظف يعطى راتبه فمن تكون انتاجيته أفضل من غيره يفترض أن يحصل على راتب أكبر وهكذا يعمل عادةً القطاع الخاص ويجب ان يعمل في نفس الطريقة القطاع العام ونعرّف الموظف المنتج بانه الموظف الذي يؤمن المدخول “يلي بيجيب مصاري للدولة” وللأسف الشديد ان الانتاجية في القطاع العام متدنية جداً والدولة اللبنانية ليس لديها القدرة على تمويل نفقاتها الحالية فالنفقات اليوم أعلى من الايرادات والفرق بينهما هو عجز الموازنة العامة الذي هو موجود رغم تخلّف الدولة عن دفع سندات اليوروبوند ويجري تمويله عن طريق طباعة الليرة وبالتالي اي زيادة في الأجور بالقطاع العام سوف تؤدي حكماً الى زيادة العجز في الموازنة العامة وبالتالي الحاجة الى تمويل أكبر عن طريق طباعة الليرة وكلما طبعنا الليرة كلما تضاعفت الاسعار وارتفع سعر صرف الدولار أكثر فطبع الليرة لتمويل الزيادة للموظفين الذين بدورهم سيبتاعون ما يحتاجون اليه او يخبئون جزءاً من راتبهم للأيام الصعبة فاذا توجهوا لشراء حاجياتهم التجار سوف يضطرون ان يحوّلوا الليرة الى دولار لاستيراد البضائع المطلوبة في السوق أما الأموال المخبأة فسوف يحوّلونها الى دولار لانهم على يقين ان الليرة لا تحتفظ بقيمتها وبالتالي كل طباعة لليرة هو حقيقةً زيادة الطلب على الدولار وزيادة سعر صرفه وعندها سترتفع جميع الاسعار فأي تصحيح للأجور سيؤدي الى تضخم هائل وزيادة كبيرة في الأسعار لكل السلع في البلد وهكذا نكون زدنا الرواتب وما أعطيناه لهم في يد واحدة أخذنا أضعافه في اليد الأخرى وهكذا يدفع الشعب اللبناني والموظفون ثمن تصحيح الأجور ولكن أقله حصل الموظف في القطاع العام على بعض الاموال بالمقابل الذي يتأذى أكثر بسبب الغلاء الذي قد يحصل هو الفقير الذي لا يعمل، لافتاً الى أن كلفة زيادة الأجور ستكون سيئة على فقراء لبنان”.
وأشار مارديني الى أنه “لا أتصوّر بأن القطاع الرسمي يترهّل لأن الدولة أوقفت التوظيف بل هناك فائض كبير فمثلاً عدد الأساتذة في هذا القطاع هو ضُعف حاجة المدارس مقارنة بالقطاع الخاص وبالرغم من ذلك مستوى المدارس في القطاع الرسمي أقلّ من مستوى المدارس في القطاع الخاص ما يدفعنا الى الاستنتاج ان انتاجية وكفاءة المدارس غير مرتبطتين بحجم التوظيف والمشكلة لا تكمن في نقص التوظيف في القطاع العام بل في فائض التوظيف فيه والبطالة المقنعة في هذا القطاع فالبعض لا يذهب الى العمل الجاد والمنتج بل لتمرير ساعات العمل وتسجيل الحضور وان كان هناك ترهل فذلك يعود الى ان جزءاً كبيراً من موظفي القطاع العام لا يعمل وهذا سبب من أسباب الازمة بمعنى أن الدولة تموّل وتدفع رواتب موظفين غير منتجين عبر طباعة الليرة وهذا ما يغذّي التضخم”.
وعن الخطوات الواجب اتّخاذها لاعادة تأهيل القطاع العام فنّد مارديني قائلاً: “يجب تطهير القطاع العام عبر اعادة النظر في الوظائف واليوم هناك شغور ولكن هناك فائضاً في الآن عينه ويجب نقل الفائض الى النقص وبعد ان نقوم بذلك سنكتشف انه بين أيادينا فائض وصراحة برأيي يجب تسريح غير المنتجين لانه لا تتوفر الأموال لتسديد الرواتب كما يجب اعادة تنشيط أو ترشيق القطاع العام وهذا يبدأ بكل الاشخاص غير الموظفين في الملاك اي المتعاقدين والأجراء والمتعاملين لأنهم يضحّون ويعملون بأبخس الأثمان فمثلاً المتعاقدون في المدارس يعملون كل السنة وفي آخر السنة لا ينالون شيئاً ولكنهم يواظبون على العمل في العام الدراسي على أمل ان يجري تثبيتهم يوماً ما لذلك يجب مصارحتهم والقول لهم ان الدولة غير قادرة على تثبيتهم وهذا أفضل لهم وللدولة فلماذا نظلمهم؟”
وعن الخطوات التي يمكن اتخاذها بغية الخروج من المأزق الاقتصادي، ختم مارديني قائلاً: “يجب اطلاق النمو ووقف التضخّم لأن هاتين الخطوتين تشكلان نقطة الأساس وذلك عبر مجلس النقد currency board الذي يخفض الدولار ويثبت ويزيد سعر صرف الليرة وتنخفض الاسعار فتتنفس الناس الصعداء ومجلس النقد يخفف الغلاء على المواطن كما يؤمن استقراراً نقدياً الذي يسمح لنا باطلاق النمو في البلد وعندما يتوقف الغلاء وتعود الاعمال وتتضاعف الانتاجية ويصبح هناك مدخول في هذه الحالة يمكن الحديث عن تصحيح الأجور لأنه بلا مدخول لا يمكن القيام باي زيادة”.