Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر June 5, 2021
A A A
ماذا قال نقيب مستوردي الادوية لموقع ‘المرده’ عن انقطاع الدواء؟
الكاتب: ديانا غسطين - موقع المرده

يوماً بعد يوم تستمر معاناة اللبنانيين في تأمين مستلزماتهم الضرورية، فبعد فقدان عدد من المواد الاستهلاكية او ارتفاع اسعارها بشكل خيالي، باتت معظم الادوية مفقودة من الصيدليات.
وفي وقت يتقاذف فيه الجميع المسؤوليات يزداد الخطر على حياة المرضى… فما حقيقة ما يجري في قطاع الدواء وما هي الاسباب خلف هذا الشح في الادوية؟
في السياق، يقسم نقيب مستوردي الادوية كريم جبارة المرحلة الى قسمين فيقول “القسم الاول منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية نيسان 2021 حيث اظهرت احصائيات مبيعات المستوردين والموزعين الى الصيدليات انها تسلمت ادوية امراض مزمنة بكميات اكثر من السنة السابقة، كما انه في العام 2020 تم تسليم كميات اكبر من 2019. وبالتالي المستوردون والموزعون قد اتما واجباتهم وسلموا الاسواق الكميات اللي تحتاجها لتغطية المرضى اللبنانيين”.
ويضيف جبارة في حديث لموقع “المرده”: “المستورد تقف مسؤوليته عند باب الصيدلية اي انه غير قادر على متابعة عملية ايصال الدواء للمريض عن طريق الصيدلية، ومعاناة الناس في الحصول على الدواء تعود لثلاثة اسباب رئيسية: اما التخزين، او التهريب، اضف الى ذلك ان غير المقيمين باتوا يشترون ادويتهم من لبنان كما كنا نفعل بتركيا. كل هذه الاسباب انعكست قلة في كميات الادوية المتوافرة في السوق”.
الى القسم الثاني ينتقل جبارة ليقول “الانفجار حصل في شهر ايار بعد ان اصدر حاكم مصرف لبنان قراراً يقضي بالاستحصال على موافقات مسبقة قبل التصرف بأي شحنة دواء، وللاسف لقد طبق هذا القرار مع مفعول رجعي (علما ان خطوة المفعول الرجعي قد تكون غير مقصودة)، اي انه طبق على شحنات ادوية كانت قد وصلت الى لبنان او كانت ستصل خلال فترة اسبوع او اسبوعين من تاريخ صدور القرار، وعليه لم تعد لدينا القدرة على وقف هذه الشحنات لانها اصبحت في طريقها الى لبنان ما اضطرنا الى تجميدها بانتظار الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان”. ويشرح: “هذا القرار صدر في 7 ايار 2021 ولم يحدث اي شيء طيلة الاسبوعين اللاحقين الى ان تدخلت وزارة الصحة واجتمعت مع المصرف المركزي واتفقا على آلية تنص على اعطاء موافقة مسبقة لكل الشحنات التي دخلت لبنان قبل صدور القرار وطلبت منا (الوزارة) ان نبدأ بتسليم الادوية بناء على هذا الاتفاق “الشفهي”، وهذا ما حصل ابتداء من يوم الجمعة في 28/05/2021”. ويضيف: “طيلة هذه الفترة لم تصدر اية موافقة مسبقة ونحن نسلم بناء على وعد بأن مصرف لبنان سيعطي الموافقات المسبقة”.
من جهة اخرى، يؤكد نقيب مستوردي الادوية، ان “المخزون قليل جدا والطلب كبير. فالناس خائفون ويشعرون ان توقف الدعم بات قريباً وهم في حالة ضياع. فبحسب وزير الصحة لا رفع للدعم بهذا الوقت، والمصرف المركزي من جهته يقول “لا املك الاموال الكافية، امنوا التمويل للاستمرار بالدعم”. هذا التخبط في الموقف الرسمي انعكس سلباً ايضاً على الشركات العالمية التي تصدر الى لبنان ولم تعد تعرف على اي اساس ستستمر بالتصدير”.
ويرى جبارة ان “الحل لهذه المعضلة هو ان يكون لدينا نظام محكم لصرف الدواء فلا يتمكن عندها اي شخص من شراء الادوية بكميات عشوائية بل وفقاً لوصفة طبية. ويجب ان يكون هذا النظام الكترونياً الا ان تطبيقه سيستلزم وقتاً طويلاً لأننا نفتقر الى وجود نظام لصرف الدواء مشابه للأنظمة الموجودة في الدول الاوروبية والعربية”.
وحول الارقام التي سربت على اساس انها للفاتورة الدوائية وتبادل الاتهامات الحاصل مع مصرف لبنان، يؤكد ان “لا تبادل للاتهامات بين المستوردين ومصرف لبنان على الفاتورة الدوائية. مصرف لبنان اصدر بياناً وضع فيه ارقاماً حسابية تتعلق بالمبالغ التي دفعها وتلك التي سيدفعها والارقام المتبقية للسداد، الا ان هذه الارقام فُسّرت على انها الفاتورة الدوائية. وقد اوضح وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور حمد حسن الامر عندما زار الرؤساء الثلاثة واكد ان الفاتورة الدوائية للأشهر الخمسة الاولى من هذه السنة تتناسب مع ما كنا ندفعه في السنتين الماضيتين، واذا كان هناك من زيادة فهي بنسب عادية، آخذين في عين الاعتبار حالة الهلع التي اصابت الناس فأقبلوا على شراء الادوية، تصل في الحد الاقصى الى 12% وليس كما قيل انه بخمسة اشهر صرفنا ما يعادل نفقات 12 شهراً”. ويسترسل “نقابة الصيدلة لديها كل كلفة الاستيراد لان كل فاتورة تدخل الى لبنان تمر عبرها وهي تؤكد ان كلفة الفاتورة الدوائية في الخمسة اشهر الاولى من السنة هي ضمن المعقول. وبالنسبة لنا هذا الموضوع انتهى، خصوصاً وان وزارة الصحة قالت ان ما يتداول به عن الارقام الكبيرة غر صحيح”.
ويتابع جبارة قائلاً: “نحن مستمرون في تسليم الادوية ولكن لا ادري لماذا لا تصل الى المرضى. كما ان كل الفواتير التي نسلمها نرسل معلوماتها الى وزارة الصحة لتكون على بينة بما نفعل”.
وحول المخزون المتبقي يقول “المخزون الذي لدينا لعدد كبير من الادوية ينتهي بعد شهر ولا شحنات جديدة ستصل خلال شهر حزيران لأنها تحتاج الى موافقات مسبقة لا نملكها. اضف الى ذلك ان هناك تأخيراً كبيراً بالدفع للشركات في الخارج وعليه كيف ستسلمنا الادوية اذا لم تتقاضَ مستحقاتها؟”.
ويلفت الى “موضوع اساسي بحسب الارقام التي قدمها مصرف لبنان والتي تدل على ان مستحقات الشركات العالمية لدى مصرف لبنان فيما خص الدواء قيمتها 600 مليون دولار، علماً ان هذه المبالغ هي كلفة شحنات وصلت الى لبنان وبيعت على سعر صرف 1500 ل.ل وقدمت فواتيرها لمصرف لبنان ووضعت اموالها في المصارف التجارية كما يجب انما لم تحول الى الخارج وهذا المبلغ يغطي فترة 6 الى 7 اشهر. هذا الامر يدل على ان كل الادوية التي استوردت من 6-7 اشهر واخذها المرضى هي بالدين ثمنها غير مسدد. وبالتالي لا احد مستعد لتديين لبنان بعد اليوم. والشركات تبيعنا الادوية على حساب مؤسساتنا وبناء على مصداقيتنا المالية لديهم. الا ان هذه المصداقية تتدمر جراء التخبط في المواقف الرسمية بين من يقول اننا نملك الاموال الكافية ومن ينفي هذا الامر”. ويكمل “اخشى ما اخشاه ان نصل الى يوم تطلب فيه هذه الشركات تسديد ثمن الادوية قبل شحنها. عندها سنكون امام صعوبة كبيرة في تأمين حاجة السوق”.
“لا يمكننا العمل في هذا الجو من التخبط” يجزم نقيب مستوردي الادوية الذي يشدد على “ضرورة ان يكون لدينا خطة على مدى واضح اقله حتى نهاية العام من اجل طمأنة الناس والشركات التي تبيع لبنان. على ان تتضمن هذه الخطة كمية الادوية المراد شراؤها، انواعها، كيفية دعمها، وكيفية تسديد ثمنها. وهكذا نطمئن الجميع ونخرج من حالة التخبط التي نحن فيها”.
اذاً، طريق الانهيار التام في مختلف القطاعات باتت شبه معبّدة بهمة رجال الحكم المنشغلين بحروب البيانات والمستشارين سعياً وراء منصب من هنا ووزير من هناك. كل هذا والخطر يزداد كل يوم فعساهم يستفيقون من غيبوبتهم قبل فوات الاوان.