Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر November 28, 2019
A A A
ماذا قالت ميرنا زخريا عن شعار “كلّن يعني كلّن”؟
الكاتب: د. ميرنا زخريا - جريدة النهار

– لَو كنّا أمام شعار “كلّن يعني كلّن مسؤولين”، لكانت ردّة الفعل “طبعاً نعم”

– ولَو كنّا أمام شعار “كلّن يعني كلّن مُختلسين”، لكانت ردّة الفعل “طبعاً لا”
أما وقد تُرك الشعار مفتوحاً للإحتمالات؛ فبذلك يكون من ناحية أولى قد تركَ لكلٍ التفسير على هواه، فيما يكون من ناحية ثانية قد تركَ للرأي العام محاسبة كل جهة تعترضه. وهذا ما حصل منذ إطلاقه.
إنَّ الوضع الميؤس الذي وصل إليه الوطن والمواطن ليس وليد البارحة أو وليد فريق، ولا هو وضعاً تستحيل معالجته عبر العهود أو عبر الحكومات. الجميع يدرك تماماً بأن ليس كل سياسي حالي أو سابق هو بسارقٍ أو بمجرمٍ، إنما هذا لا ينزع عنه صفة المسؤول جزئياً، وعليه، بالإمكان تعليل الشعار بأن “الساكت عن الحق شيطان أخرس”، ما يفرض أنَّ: كل كتلة هي نسبياً مسؤولة بحسب نسبة حجمها.
بالمقابل، تتداول السُلطة بأن سفارات تحرّك قسم من الشعب، ثم تُصدر أمراً محقّاً بفتح كافة الطرقات.
— هل هذا يعني بأن “كلّن يعني كلّن مسؤولين” عن إغلاق الطرقات؟ الجواب “طبعاً نعم”
— أم هل هذا يعني بأن “كلّن يعني كلّن مُرتهنين” للأجندات الخارجية؟ الجواب “طبعاً لا”
وفي قراءة بحسب علم الإجتماع السياسي، يلحظ المتابع للنشاط الحزبي في لبنان في الفترة الأخيرة بأن: كل فريق اعتبر أن صيغة الجمع هي مجحفة بحق زعيمه دون غيره، لم يدافع أي فريق عن فريقٍ آخر، ولا حتى عن حلفائه، بل كلٍ هتف بأن “كلّن” معنيّ بالفساد ما عداه. ما له دلالة إلى أن الأحزاب تتكلم بصيغة “المفرد” فيما الشعب تكلم بصيغة “الجمع”، بالتالي، وبنظرةٍ شموليةٍ، المصالح الخاصة والرؤية الخاصة تحرّك الأحزاب فيما المصالح العامة والرؤية العامة حرّكت الشعب. فما العمل وكلٍ يغنّي على لَيلاه؟ شرارة الحل لا بُد أن تأتي من جهة الأحزاب: لأن هذه الأخيرة بحاجة للشعب، لأصواته ولتأييده ولتغريده، وليس العكس؛ لأن هذه الأخيرة بيدها القضاء والتشريع والتنفيذ، وليس العكس.
ختاماً، كلمة حق تقال، لا يمكن أن نتوقّع من شعب أن يكون بأكمله تكنوقراطياً أي أن يثور وفق تعاليم التكنوقراط، فيما السُلطة عاجزة عن مجرّد تأليف حكومة تكنوقراط. أصلاً، شو يعني “كلّن يعني كلّن”؟ يعني الذهاب إلى “التعميم”، يعني وضع جميع المتفاوِتات في مرتبة واحدة من غير برهان، يعني القفز إلى الخاتمة. أسلوب التعميم عادةً يلقى رواجاً، والأمثلة عليه غزيرة: فهل شعار “الإرهابيون مُسلمون” يعني كل المسلمين؟ وهل شعار “ألموت لأمريكا” يعني كل الأمريكيين؟ لا وألف لا. لذا، ليس كل من تبوأ منصباً رسمياً هو متّهم بصعود عجلة الفساد، إنما هو متّهم بهبوط عجلة الإصلاح.