Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 31, 2016
A A A
ماذا عن ميثاقية القهر !
الكاتب: نبيل بومنصف - النهار

ثمة قاعدة متعارف عليها عالميا في ان الناس يميلون تلقائيا الى الاعتراض والرفض وعدم الاعتراف بالجميل للسلطات وتجاهل الإنجازات، فكيف في لبنان والحال على ما لا حاجة بأحد الى شرحه؟ قد يتبين يوما ان اكثر ما سيظلم حكومة الرئيس تمام سلام هو الحكم القاهر عليها بالبقاء قسرا لأطول مدة قياسية. لكن “المظلومية” هنا تتصل ايضا بما يساهم فيه اهل الحكومة من تثبيت صورة قاتمة عن سلطة انتقالية ” رئاسية ” كان يفترض ان تدفعهم اكثر فاكثر الى التحفظ في كل ممارساتهم.ولعلنا لا نجافي الحقيقة ان قلنا ان كل اللغو الدستوري والميثاقي لم يعد يعني اللبنانيين بشيء امام موجات القهر والتعذيب التي تواكب يومياتهم. باتت أزمة النفايات الأشهر في سجل العامين الماضي والحالي تختصر واقع ادارة الازمة اكثر بكثير من أزمة الفراغ الرئاسي. ولئلا نستغرق في دوامة عقم تحديد المسؤوليات عن عودة مشهد دولة فاشلة في إعلام عالمي لا تجتذبه ازماتنا الكبرى مقدار ما تشده أكوام النفايات، لنتساءل عن سر هذا الشيء الذي يجعل الوزارات والادارات في زمن الفراغ تستغرق في استنباط كل ما ينغص على الناس حياتهم ويعقدها ؟ لا يعني اللبنانيين ان يقال لهم ان مليوني لاجيء سوري وفلسطيني يشاركونهم البنى التحتية كافة هم سبب الكارثة المقيمة في الكهرباء والمياه لان توافد اللاجئين لم يحصل البارحة وعلى نحو مفاجئ. لا يعنيهم تبرير القعود التام عن اي جهد فعلي ممكن ومتاح وممكن في التخفيف من الكارثة الاكبر في ازمة السير والاختناقات المرورية التي باتت تأكل أعمار الناس وأعصابهم وصحتهم وتمعن في تراجع الدورة الاقتصادية والانتاجية المتآكلة. لا يعنيهم كل الردح القائم حول التلزيمات والفضائح المتسببة بنزاع الإدارات والوزارات والمصالح الشرهة التي تتسبب بتعطيل الخدمات هنا وهناك وهنالك من الانترنت الشرعي وغير الشرعي الى الأشغال العامة والطرق والمطار والصحة والمستشفيات والميكانيك. لا يقفون لوهلة امام التبريرات الواهية التي تبرر فظائع الارتكابات المرعبة في البيئة والطبيعة اللبنانية التي تنهشها الكسارات والمقالع ومشاريع الموت الزاحف على لبنان الذي كان في سالف الدهور والأزمان لبنان الأخضر وصار الآن لبنان المتصحر بأبشع تشويه. لا يأبهون للأكاذيب المكشوفة والدعائية التي تسقط على كل ارتكاب وتقصير وفضيحة اسبابا سياسية ومذهبية وطائفية للتستير على فداحات الفساد المتفشي في كل مفاصل الدولة والادارات والوزارات فيما القدرة المعيشية للناس تتراجع بمستويات لم يعرفها لبنان في اشد حقبات الحروب والمآسي السابقة . ولعل الأسوأ في هذا المقلب الآخذ في التعاظم ان معظم اهل هذه السلطة (على الأقل) لن يتركوا للناس فرصة المصالحة مع مفهوم سلطة يمكن ان تكون صالحة ونظيفة وعادلة في ظل “ميثاقية القهر” الجاري تعميمها بنجاح منقطع النظير!