دولة الاحتلال الاسرائيلي التي تعيش قلقا من صورة التقطت في بيروت بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ومسؤولين في «حماس» والجهاد»، وغرقت في تحليل مضمونها، اغرق الحدود الجنوبية بالقنابل الفوسفورية المحرمة دوليا ما ادى الى اندلاع حرائق شاسعة في مساحات حرجية واسعة جرى السيطرة عليها ليلا. في هذا الوقت، وزير الحرب يوآف غالانت المتخبط مع رئيس حكومته في «وحول» غزة، يؤكد ان سلاح الجو مستنفر استعدادا لاحتمال تطور الوضع في الشمال، اسرائيل وجيشها تقف على «رجل واحدة» مع انعدام القدرة على التأكد من عدم فتح جبهة أخرى، هي «دولة» كاملة مشلولة تحت رعب الصواريخ وخوف لن يتلاشى عبرت عنه صحيفة «يديعوت احرنوت» الاسرائيلية بسؤال يختصر المشهد لسنوات قادمة « من سيعود للسكن في غلاف غزة إذا لم تبد حماس؟ ومن سيعود للسكن في بلدات الشمال في حين يقف 18 ألف مقاتل مدرب وصلب من «وحدة الرضوان» التابعة لـ «حزب الله»، على الجدار؟ في الداخل حيث الاستنفار بلغ ذروته لاعداد حالة طوارىء لمواجهة احتمال توسع الحرب، لا تزال «الحركة» السياسية دون «بركة» ولا جديد يبنى عليه لانجاز الاستحقاق الرئاسي، كما تقول مصادر سياسية بارزة، تحدثت عن ان التركيز راهنا ينصب على ايجاد حل للشغور في المؤسسة العسكرية، وفيما ابلغت القوات اللبنانية من يعنيهم الامر انها مستعدة لتغطية جلسة نيابية للتمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، لا يزال التيار الوطني الحر على موقفه الرافض ويعمل على ايجاد مقايضة مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي تنتج تعيينات في المراكز الشاغرة في المجلس العسكري وفي مقدمتها رئيس الاركان الذي يحل مكان القائد في حال الشغور؟!
الصورة «المقلقة»
لا تزال دولة الاحتلال قلقة من نوايا حزب الله، وتبحث عن اجوبة حول «الخطوط الحمراء» لدى حزب الله مرتبطة بالحرب في غزة، دون معرفة بالضبط ما هي وكيف سيقرر الحزب ان إسرائيل تجاوزتها، وقد شكلت الصورة التي جمعت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والأمين العام لحركة الجهاد زياد نخالة، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، «رسالة» بالغة الدلالة لاسرائيل،وقد رات فيها وسائل الاعلام الإسرائيلية رسالة غاية في الخطورة، وقالت انه تم تعمد نشرها من قبل حزب الله وهي ترتبط بما يقلق إسرائيل من تطبيق عملي متزايد لمبدأ وحدة الساحات.
واعتبر عدد من المعلقين الإسرائيليين على اكثر من قناة تلفزيونية وخصوصا القناة «13»ان غياب نصر الله عن القاء خطاب طوال الأيام السابقة، وتفضيله الصمت، هو متعمد لاخفاء ما ينوي عليه حزب الله، وماهي الشروط التي سوف تؤدي الى تصعيد الأمور في الشمال، وترك المشهد غير واضح بالنسبة لإسرائيل.واهتمت وسائل الاعلام الإسرائيلية بالرسالة الخطية لنصر الله لمقاتلي الحزب بدلا من القاء خطاب، وتحدث المعلقون الإسرائيليون ان مضمون رسالة نصر الله التي تطلب من وسائل الاعلام اعتبار شهداء الحزب في المعارك الدائرة في جنوب لبنان شهداء على طريق القدس، مؤشر على اتجاه الحزب ونظرته للمعركة في غزة. وان الصورة التي جمعت القادة الثلاثة إضافة الى الرسالة الخطية، يحاول من خلالها حزب الله ان يظهر ان قوى المقاومة موحدة وان الجبهات مشتركة.
تشكيك بالتقييم الاستخباراتي
في هذا الوقت سخراعلام العدو من تقييم استخباراتي مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة، وقالت صحيفة «هآرتس» انه يجب أخذ الحذر اللازم بتصديق تلك التقييمات في ضوء فشل يوم السبت الأسود. ويشير التقييم الى ان حزب الله يساهم بنصيبه من الشمال في النضال الفلسطيني، ويستغل ضعف إسرائيل الذي ظهر في غزة من أجل زيادة قوة المواجهة على الحدود مع لبنان. ولكن لا إيران ولا حزب الله معنيان بالتضحية بالمشروع اللبناني من أجل إنقاذ المشروع الغزي الموجود -حسب رأيهما- في مكان تفضيل أقل. كما يبدو، إذا عملت إسرائيل في غزة بشكل جيد وأظهرت تصميماً في لبنان بدعم من أميركا، فثمة احتمالية معقولة لردعهما عن شن حرب إقليمية. هذا التقدير يجب التعامل معه بتشكيك تقول صحيفة «هآرتس» التي اكدت ان حزب الله حقق إنجازاً عندما تسبب في إخلاء عشرات آلاف الإسرائيليين من منطقة الحدود وجذب عدداً من وحدات الاحتياط وثبتها هناك. هو قام بعدد كبير من الهجمات، التي قتل فيها ستة جنود ومواطن إسرائيلي. وإيران تستعين بمليشياتها التي تمولها من أجل تنفيذ هجمات بالمسيرات والصواريخ على القواعد الأميركية في سوريا والعراق، وتسخّن الأجواء بالتدريج في دول الخليج. تجري هنا لعبة خطيرة، التي قد تخرج بسهولة عن السيطرة حتى الآن. وهذا ما يقلق الأميركيين.
حزب الله يتصرف بمسؤولية
من جهتها لفتت الصحيفة الى ان اسرائيل تلقي المسؤولية على الحكومة حول التطورات في لبنان، وتهدد بتدمير البنى التحتية المدنية. وقالت ان السؤال الاستراتيجي يبقى: إلى أي درجة يمكن لمثل هذه التهديدات أن تؤثر على حزب الله ؟ ولفتت الى انه وبالرغم من نشاطات الحزب المتزايدة ضد إسرائيل فإنه يتصرف مثل حكومة مسؤولة عن دولة وليس كمنظمة. وما يجري اختبار صعب جداً لتوازن الردع الذي ما يزال موجوداً، وهو الذي يحد من ارتفاع شدة المواجهة في الوقت الحالي.
يوم القذائف الفوسفورية
ميدانيا، استخدمت قوات الاحتلال القذائف الفوسفورية المحرمة دوليا، وتعمدت احداث حرائق واسعة على الحدود الجنوبية، ادت الى احتراق مساحة شاسعة تقدر بـ 300 دونم، واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري ان ما يحصل من حرائق تضرمها قذائف الفوسفور الأبيض المحرمة دوليا برسم المجتمع الدولي وكل الموفدين الدوليين المحتشدين في المنطقة.وقد استهدفت مدفعية العدو، ظهر امس، محلة غاصونا في خراج بلدة بليدا بقذيقتين من عيار 155 ملم بهدف إرهاب المزارعين الذي يقطفون الزيتون بالقرب من الشريط الحدودي. كما قصف العدو محيط مواقعه في الراهب وراميا بالقذائف الفوسفورية ما تسبّب باندلاع حريق، وهرعت فرق الإطفاء من بنت جبيل ورميش لإطفائه. كذلك، طاول القصف الإسرائيلي أطراف بلدة عيترون، وحوصر عدد من العمال في مزارع المواشي بالقصف والنيران وتم اخلاؤهم بعد تدخل قوات «اليونيفيل». في هذا الوقت دمر جيش الاحتلال برج مراقبة تابع للجيش اللبناني في راس الناقورة بعد استهدافه بقذيفة مباشرة. إلى ذلك، أخفت سحب الدخان معالم بلدتي الناقورة وعلما الشعب بسبب الحريق الذي تسبّب به القصف الإسرائيلي بالقنابل الفوسفورية. ونجحت فرق الإطفاء على إخماده مع حلول ساعات المساء الاولى، وقد اصيب احد عناصر الدفاع المدني بلغم ارضي. في غضون ذلك،أعلن حزب الله، استشهاد المقاوميْن حسين محمد علي حريري «سلمان» من مدينة النبطية في جنوب لبنان، وعلي إبراهيم جواد «دماء» من بلدة لبّايا في البقاع. كما أعلن الصليب الأحمر اللبناني أنّ فرقه نقلت منتصف ليل أمس جثماني شهيدين و6 جرحى من محيط بلدة يارون إلى مستشفى بنت جبيل الحكومي بعدما تمّ استهدافهم بالقصف الإسرائيلي. وقد اعلن حزب الله مساء عن استهداف وسائط الجمع الحربي في الموقع البحري الاسرائيلي في رأس الناقورة.
المقايضة؟
وسط هذه الاجواء، وغداة الخلاف حول ملف التعيينات في الشواغر العسكرية، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي . وتداول الرئيسان كافة العناوين والقضايا والمستجدات ومن بينها موضوع المؤسسة العسكرية التي كل أنظار اللبنانيين تتجه نحوها لجهة تعزيزها والحفاظ عليها بإعتبارها المؤسسة الوطنية الجامعة والحاضنة لتطلعات اللبنانيين في أمنهم وحفظ سيادة وطنهم .وأكدا على أن موضوع المؤسسة العسكرية يجب مقاربته بهدوء وروية ويمكن الوصول الى النتائج المرجوة. ووفقا لمصادر مطلعة، فان ثمة مقايضة يجري العمل عليها بين التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي تقوم على عودة الوزراء المحسوبين على «التيار» الى الحكومة مقابل قبوله بتوقيع 24 وزيرا، وقد كلف وزير العدل هنري الخوري التباحث مع رئيس الحكومة للتواصل الى صيغة مناسبة. واذا تم ذلك ستبدأ حلحلة الكثير من الملفات ومنها الشغور في المؤسسة العسكرية، ويميل رئيس «تكتل لبنان القوي» جبران باسيل الى القبول باستكمال التعيينات في المجلس العسكري وخصوصا رئاسة الاركان ليحل مكان قائد الجيش، عند حصول الشغور، وهو لا يزال عند موقفه الرافض للتمديد للعماد جوزاف عون سنة واحدة كما يقترح ميقاتي بالتوافق مع بري. وحول الكلام الذي تناوله الإعلام بشأن الشغور المحتمل في قيادة الجيش، قال باسيل في مؤتمر صحافي»أنا لم اطرحه على أحد، انما طُرح عليّ من بعض من التقيتهم واعطيت جوابي الواضح حول وجود حلول قانونية». في المقابل تشير المعلومات الى ان القوات اللبنانية ابلغت قائد الجيش ان نوابها سيحضرون اي جلسة نيابية للتمديد له شرط ان ينحصر جدول اعمالها ببند التمديد فقط.! ولم يعرف في هذا السياق اذا ما كان هذا الموقف نهائيا ام في اطار المزايدات على التيار الوطني الحر؟
الاتصالات وخطة الطوارىء
في هذا الوقت، أعلن وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم أن «أوجيرو»، «ألفا» و»تاتش»، تقدمت بخطة طوارئ في حال نشوب حرب على لبنان»، موضحا أن «الهدف ليس تخويف الناس، إلا ان الحيطة واجب»، مشيرا الى ان «هيئة اوجيرو ستعلن عن خط ساخن يسمح للمواطنين بالمراجعة في حال حصول أي طارئ أو عطل». ولفت الى ان «الخطة تتضمن المولدات المتحركة، تعبئة مخزون المازوت بالكامل، حفظ الداتا، غرفة التحكم عن بعد بالشبكات، بالإضافة الى تأمين احتياجات السوق من بطاقات التشريج، وتأمين الحماية على مدار الساعة تحسباً لأي خرق إلكتروني، وذلك تبعاً للأولويات من وزارة الصحة والداخلية والصليب الأحمر والطواقم الطبية والصحافيين.
بري: اتقوا الله
في هذا الوقت، اطلق كل من رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الكتائب سامي الجميل مواقف «متشنجة» ازاء ما يحصل جنوبا، ما زاد من بواعث القلق لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نقل عنه زواره استياءه من محاولة لافتعال توتير سياسي داخلي في توقيت حرج، ستؤدي الى ارباك الساحة الداخلية واضعافها بدل التضامن في مواجهة حالة الهيجان الاسرائيلي التي تحاول المقاومة ترويضها من خلال الرسائل النارية على طول الحدود. ويقارن بري في مجالسه بين المواقف المسؤولة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط وبين تلك المواقف المريبة التي تستدرج الداخل الى سجالات لا طائل منها فيما المنطقة برمتها تقف على «برميل بارود». وهو يخاطب هؤلاء بالقول» اتقوا الله».
ماذا يريد جعجع والجميل؟
وكان رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع اكد في طرح يحمل اكثر من «علامة استفهام» أن «لا هيئات طوارئ وطنية ولا خلايا ازمات ولا اجتماعات طارئة من شأنها ان تفرمل الخطر الوجودي المُندفع بسرعة قياسية نحو لبنان، حل وحيد أوحد مفتاحه في يدي الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، ان كانا جديين في رغبتهما بتجنيب البلاد الطامة الكبرى، إقران القول بالفعل، بعدما اعلنا التزام لبنان القرار1701. فإما ان يدعو رئيس حكومة تصريف الاعمال مجلس الوزراء الى جلسة عاجلة تحت عنوان الخطر الداهم على لبنان، لتتخذ قرارا بنشر الجيش جديا على الحدود وتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته ، او يوجه الرئيس بري دعوة لنواب الامة الى جلسة تخصص لاصدار توصية بالاكثرية للحكومة في هذا الخصوص ويرسلها الى الحكومة وينتشر الجيش فورا وقبل فوات الآوان!
اما رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل فاختار تبني السردية الغربية في مقاربة الامور معتبرا أن لبنان لا يملك كلمة حيال ما يجري من أحداث لأنه، حسب وصفه، رهينة في يد حزب الله الذي يتلقى أوامره من إيران، وعليه فنحن ننتظر بلورة الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة لمعرفة في أي اتجاه ستذهب الأمور وهذه مأساة حقيقية، لأن اللبنانيين يشعرون بعجز كلي تجاه مصيرهم، فهم أسرى ميليشيا مسلّحة تنفذ مصالحها وقد استولت على البلد.. واعتبر ان الطريقة الوحيدة لمنع الحرب هي بضغط يمارسه المجتمع الدولي على إيران لأنها هي من تدرّب وتموّل حماس وحزب الله!
باسيل يرفض «العنصرية»
من جهته اعلن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ، أنه أنهى جولة تشاورية ذات معايير معيّنة تحت عنوان حماية لبنان والوحدة الوطنية مؤكدا أن الحوار هو البداية…وأعلن باسيل عن خمس أفكار يتقدّم بها التيار الوطني الحر بغية التوصل الى تفاهم وطني. واهمها التأكيد على حق لبنان بالدفاع عن نفسٍه بوجه اي اعتداء تقوم به اسرائيل، وضرورة حماية لبنان ومنع استخدام الأراضي اللبنانية كمنصّة لشن هجمات تجرّ لبنان الى الحرب، ومنع انزلاقه اليها . الإسراع في اعادة تكوين السلطة تحت عنوان التوافق الوطني، وذلك عبر انتخاب رئيس اصلاحي جامع بالتفاهم والاّ بالانتخاب في جلسة مفتوحة، وتسمية رئيس حكومة مع حكومة وحدة وطنية تنفّذ برنامج الإصلاحات المطلوبة واللازمة وتحمي لبنان ووحدتَه الوطنية. واعتبار ملف النزوح السوري امراً ملحّاً والتعاطي معه كعنصر تفجير للبلد. وفي موضوع آخر قال باسيل «بقدر ما نرفض ونشجب ممارسات قام بها بعض المتظاهرين على طريق عوكر، فإننا نرفض الردود الإنفعالية العنصرية ضد شعب أو بشرة أو عرق أو ثقافة، فهذه ليست من قيمنا الإنسانية ولا من تعاليمنا المسيحية، ومن يقوم بها لا يشبهُنا».
توتر في «عين الحلوة»؟
وفي توقيت مشبوه عاد الهدوء المشوب بالحذر الى مخيم عين الحلوة بعد الاشتباك المسلّح الذي شهده مساء امس على محور حي الصفصاف البركسات على خلفية اغتيال شقيق أحد الإسلاميين ويدعى أحمد دياب.و شهد المخيم اطلاق رصاص كثيف، تزامنا مع حركة نزوح لمواطنين من المخيم..