Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر September 17, 2022
A A A
ماذا دوّنت “الجمهورية” في سطور افتتاحيتها؟
الكاتب: الجمهورية

لطالما توالت التحذيرات من الوصول إلى لحظة تفلّت الامور من عقالها، ويدفع المواطن إلى حماية نفسه وتحصيل حقوقه بيده. ولطالما تعالت اصوات المودعين ومناشداتهم إلى كافة المستويات السياسية والمالية والمصرفية، ولم يجدوا من يستجيب لهم.

قوبلوا بتجاهل وقح، وصلافة ودناءة لا مثيل لهما من قِبل لصوص المصارف، تعاطوا مع المودعين كمتسولين على ابوابهم، ودفعوا بالمودع الى ان يصبح في حل من أي ضوابط واعتبارات، ولم يتركوا له سوى اي طريقة يسترد من خلالها امواله، حتى ولو كانت خلافًا للقانون.
اما في خصوص جلسة الموازنة فقد إستهجَن النائب ميشال المر نسف جلسة إقرار الموازنة من خلال إفقادها النصاب في مجلس النواب اليوم، محذّراً من الامعان في رمي البلد في المجهول وضرب حقوق الدولة واللبنانيين عرض الحائط بسبب مزايدات ونكايات. وقال في بيان مساء اليوم: انّ تطيير الموازنة هو ضربة للبلد والناس في وقت حرج جداً نحن بأمسّ الحاجة فيه الى البدء بخطوات عملية لإعادة تسيير شؤون المؤسسات واللبنانيين لا الامعان في إهمال حقوق المواطنين في كل مناسبة واستحقاق.

اضاف النائب المر: ما حصل اليوم من تطيير لنصاب الجلسة هو سابقة خطرة وتلحق الظلم بالموظفين والعسكريين والمتقاعدين، وتحرم الدولة من مداخيل أساسية على غرار كل دول العالم المتحضّر، وبالتالي تؤثر سلباً على كل مرافق الحياة العامة في البلاد وتضر بمصالح ومعيشة جميع اللبنانيين.

وختم النائب المر بيانه: لا يمكن إنقاذ لبنان بالمزايدات السياسية والشعارات والخصومات والنكايات ووضع المصالح الخاصة قبل مصالح البلد والناس، فيما يعاني اللبنانيون أقسى الظروف المعيشية والحياتية والاقتصادية بسبب التهرّب من اتخاذ القرارات الشجاعة والخطوات الانقاذية الحكيمة.

 

طفح الكيل

وأمام هذه اللصوصية المتمادية، وأمام دولة باتت كتعاء ومكرسحة ومشلولة الإرداة، ولم يعد فيها للقانون والأمان مطرح، ليس في الإمكان افتراض انّ ما يجري على ساحة المصارف، نوبة عابرة، بل ستتوالى حتمًا حلقات متنوعة من مسلسل استرداد الودائع الذي بدأنا نشهد فصوله في الأيام الاخيرة. وهو الامر الذي يجعل الأفق الداخلي مفتوحًا على احتمالات اكثر سلبية، خصوصًا انّ المواطن بلغ الدرك الأسفل من جحيم الأزمة وبحّ صوته وهو يطالب بحماية حقوقه وودائعه، فلا يجد من يعينه، فيما اللصوص ماضون في حجز اموال ليست من حقهم، ويتنعمون بها بكل وقاحة امام اصحابها.

فما جرى بالأمس، كان أشبه بفيلم سينمائي من سلسلة الأفلام البوليسية، عنوانه «طفح الكيل»، وأبطاله ليسوا حفنة من اللصوص وقطّاع الطرق، بل مجموعة من ضحايا الغدر بأموالهم وإخفاء مدخراتهم في مغارات اللصوص. ووقائع هذا الفيلم، ليست فقط عرضًا لمشاهد تُظهر اقتحام بعض المودعين لبعض المصارف، بقدر ما هي رسالة تنطوي على تحذير من انّ الآتي قد يكون أعظم، إن استمر اغتصاب الودائع، من دون ان يرسم المعنيون في الدولة والمصارف خريطة طريق اعادتها إلى اصحابها.

 

المسلسل

فيوم امس لم يكن عاديًا. ففي موازاة دخول «الغرف السوداء» صباحًا إلى استئناف لعبة التلاعب بالدولار ورفعه إلى مستويات خيالية، حيث قفز امس فوق الـ38000 ليرة، رافعًا معه اسعار السلع الاستهلاكية إلى ما فوق قدرة المواطن على تحمّلها، شُدّت حواس البلد في اتجاه المصارف جراء سلسلة عمليات اقتحام للعديد من فروعها في مختلف المناطق اللبنانية، جاءت على مسافة قصيرة من اقتحام الناشطة سالي حافظ فرع «بلوم بنك» في السوديكو لاسترداد وديعتها الماليّة.

ومن اقتحام مودع آخر مصرف «MED» في عاليه، بعد اسابيع قليلة من اقتحام المودع باسم الشيخ حسين مصرف «فيدرال بنك» في الحمرا للحصول على أمواله المُحتجزة هناك.

 

وتوزعت عمليات يوم امس كما يلي:

اولًا، مبادرة المواطن محمد قرقماز إلى اقتحام فرع بنك «بيبلوس» في منطقة الغازية إلى الجنوب من مدينة صيدا. وأفيد انّه تمكن من الحصول على مبلغ 19200 دولار من وديعته وتسليمه لأحد الأشخاص الذي كان ينتظره خارجاً قبل ان يتوارى عن الأنظار، ولاحقاً سلّم وابنه نفسيهما إلى القوى الأمنية التي نقلتهما من المكان.

ثانيًا، مبادرة المواطن عبد سوبرة إلى اقتحام فرع «بلوم بنك» في محلة الطريق الجديدة في بيروت. وقد اعلن سوبرة انّه رفض عرضًا من البنك بأن يقدّم له مبلغ 50 الف دولار من وديعته على أساس 12 الف ليرة للدولار الواحد.

ثالثًا، مبادرة المواطن جواد سليم إلى اقتحام فرع بنك «لبنان والخليج» في محلة الرملة البيضاء في بيروت. واعلن سليم «أننا وصلنا في المفاوضات مع بنك «لبنان والخليج» الى 30 ألف دولار من اصل وديعتي، في حين أنّ البنك يفاوض معي للحصول على 20 الف دولار».

رابعًا، مبادرة احد المواطنين إلى اقتحام فرع «فرنسبنك» في منطقة الحمرا في بيروت.

خامسًا، مبادرة احد المواطنين إلى اقتحام فرع البنك «اللبناني – الفرنسي». واعلن المودع محمد اسماعيل الموسوي الذي اقتحم البنك اللبناني- الفرنسي في الكفاءات، حصوله على مبلغ 20 الف دولار من وديعته في البنك، وقال في تصريح مسجّل: «كان بحوزتي سلاح بلاستيك وتركته أمام المصرف، والآن سوف أذهب لتسليم نفسي إلى القوى الأمنية بعد أن أخذت أموالي بالقوة»، وكان قد أوضح أنّه «تمّ إفقارنا ونريد أدوية وأتفرج على أولادي لأنني لا أتمكن أن أحضر لهم ما يريدونه بسبب أموالي التي في البنك».

سادساً، مبادرة احد المواطنين إلى اقتحام فرع «بلوم بنك» في الكُونكورد في منطقة فردان في بيروت.

سابعًا، مبادرة احد المواطنين إلى اقتحام فرع بنك «البحر المتوسط» في بلدة شحيم في إقليم الخروب.

 

إضراب المصارف

وفيما لقيت عمليات الاقتحام تضامنًا ملحوظًا من زملائهم، وتحديدًا من جمعية المودعين التي حذّرت من استمرار مثل هذه العمليات، طالما انّ الودائع محجوزة في المصارف وتُحجب عن اصحابها، اعلنت جمعية المصارف الاضراب لثلاثة ايام بدءًا من مطلع الاسبوع المقبل. فيما حذّرت «جمعية صرخة المودعين» من «اننا سنهاجم بيوت أصحاب المصارف إن أغلقت المصارف ابوابها». وقد لفتت في هذا السياق تغريدة لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، قال فيها: «انّ عمليات الاقتحام التي حصلت اليوم، والفوضى التي رافقتها.. هذا هو لبنانهم. ولن يخرجنا من لبنانهم إلى لبنان الذي نطمح اليه سوى رئيس انقاذي».

 

وقالت جمعية المصارف في بيان: «بعد الاعتداءات المتكرّرة على المصارف وما يتعرض له القطاع، وخصوصاً موظفو المصارف من تعدّيات جسدية، وعلى الكرامات والتي فصّلها بدقة بيان اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان يوم أمس. كذلك بعد أخذها بعين الاعتبار المخاطر التي يتعرّض لها الزبائن المتواجدون داخل الفروع التي تتعرّض للاقتحام»، فإنّ مجلس الإدارة اتخذ قراراً بإقفال المصارف أيام 19 – 20 – 21 أيلول استنكارًا وشجبًا لما حصل وبغية اتخاذ التدابير التنظيمية اللازمة، على أن يعود مجلس الإدارة إلى الاجتماع في مطلع الأسبوع المقبل للنظر بشأن الخطوات التالية. كما تعتذر الجمعية من كافة المودعين عن أي إزعاج أو تأخير قد ينتج عن هذا الإقفال، كون سلامة موظفيها وزبائنها تأتي في رأس الأولويات التي تضعها المصارف نصب أعينها، إضافة إلى مصالح المودعين التي تحاول تأمينها بقدر المستطاع في الظروف الحالية الصعبة التي تمرّ فيها البلاد».

وإذ اعلنت الجمعية انّها «تشدّد على نبذ العنف بكافة أشكاله، لأنّ العنف لم ولن يكون هو الحل»، اشارت الى انّ «الحل يكون بإقرار القوانين الكفيلة بمعالجة الأزمة بأسرع ما يمكن، لأنّ معالجة أزمة انهيار نظامية Systemic Failure كالتي تمرّ فيها البلاد لا يمكن أن تُحلّ إلّا عبر خططٍ شاملة تأخذ بعين الاعتبار كافة المسببات وتقوم بمعالجتها بشكل متكامل».

 

تشدّد أمني

وقد استدعى ما حصل اجتماعان أمنيان طارئان في وزارة الداخلية، وقال وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام المولوي: «الهدف من اجتماعاتنا حماية البلد وحفظ الامن والنظام وحماية المودعين».

وتوجّه المولوي إلى المودعين قائلًا: «انتم اصحاب حق ولكن لا يمكنكم استرداد حقوقكم بهذه الطريقة لانّها خارج القانون. نحن معكم ونريد حمايتكم والبلد والنظام. واذا تشدّدنا بفرض الامن والنظام والقانون فالهدف ليس حماية المصارف بل حمايتكم».

ورأى المولوي أنّ هناك جهات تدفع الناس إلى هذه التحركات، قائلًا: «ما نشهده اليوم ظاهرة غير صحية وتهدّد الامن والبلد، لذلك القوى الأمنية تعلم كيف ستتشدّد بضبط الأمن».

 

تطيير الموازنة

من جهة ثانية، ما كان متوقعاً قد حصل؛ فرط نصاب جلسة الموازنة، ورُحّلت الى 26 ايلول الجاري، كفرصة جديدة امام الحكومة لتقدّم مشروعًا متماسكًا، مغايرًا للمشروع الذي لم يتمكن من العبور في الهيئة العامة لمجلس النواب.

فعلى مدى ساعات انعقاد جلسة المناقشة، جُلدت الموازنة من كل التوجّهات النيابية، ونُعتت بكل الأوصاف السلبية، وظُهّرت على حقيقتها بأنّها، في ما تتضمنه من أعباء ثقيلة على اللبنانيين، وفي تحديدها مصدرًا وحيدًا لإيراداتها من جيوبهم، وفي افتقادها إلى ما يفترض ان تتضمنه من اوكسيجين مالي واقتصادي وخطط انعاشية وانتاجية، وصفة من طبيب فاشل، لإعادة احياء بلد بلا توازن، كل أركانه مختلة، وكل مؤسساته ومفاصله كناية عن عظام اصبحت رميمًا.

كأنّ من وضع هذه الموازنة، حاقد على الناس، باستسهاله مدّ اليد على جيوبهم وخنقهم بأعباء اضافية لا طاقة لهم على تحمّلها، وواضعوها متسلّحون بمكابرة فضائحية يقدّمون من خلالها هذه الموازنة على انّها افضل الممكن، ووجودها افضل من عدمه، متناسين او غافلين عن انّ وجودها بالشكل المطروحة فيه إعدام نهائي لآخر نبض حياة لمواطنين صاروا في غالبيتهم الساحقة امواتًا بالمعنى المالي والاقتصادي والمعيشي.

 

وبالأمس، استؤنفت الجلسة بعد الظهر بمرافعة عن الموازنة قدّمها وزير المال يوسف خليل، ثم بردّ رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على مداخلات النواب، حيث قال: «نحن على أتمّ الاستعداد منذ هذه اللحظة لنعمل مع مجلس النواب لإنقاذ البلد، وعلينا تغليب الوطنية على الشعبوية .. حدا بيعتقد انو نحنا مش حاسين شو عم بيصير بالشعب؟».

 

وأضاف: «سنأخذ كل الملاحظات بعين الاعتبار، ونعي تماماً أنّ كل أساسات هذه الدولة متصدّعة وعلينا التعاون جميعاً للتوصل الى النتيجة المرجوة».

وأشار إلى أنّ «الأدوية المدعومة كانت تُهرّب خارج لبنان وأنشأناً نظاماً لمواكبة تلك الأدوية وتنظيم توزيعها للمواطنين». وقال: «طلبنا إجراء مسح وظيفي في كافة الإدارات العامّة، وأقترح إعطاء الموظفين 3 أضعاف الراتب».

وإذ شدّد ميقاتي على انّ «الانقاذ لا يحصل دون التعاون مع تغليب الوطنية والواقعية». اشار إلى انّ «وزارة الماليّة بدأت بإعداد موازنة العام 2023، وأطلب أنّ نكون واقعيين، وهدفنا واحد إنقاذ لبنان، ونحن الآن في مرحلة الإنقاذ».

وخلص إلى القول: «إن لم نتعاون لإنقاذ البلد على من نعتمد؟ وأنا أعرف أنّ البلد في أزمة كبيرة، وأقولها بكلّ محبة نحن في «سياسة مرقلي لمرقلك».

 

مداخلة بري

وقبل البدء بالمناقشة والتصويت على مواد مشروع قانون الموازنة، توجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى النواب قائلًا: «تحدثنا على مدى 11 ساعة منذ يوم الخميس إلى اليوم، وتحدث 36- 37 نائبًا، فإذا لم ننتهِ اليوم من مناقشة الموازنة عندها ستمتد المناقشة إلى 8 أيام بسبب سفر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي غدًا، ومناسبة أربعين الإمام الحسين يوم السبت».

وتمنّى بري: «على الزملاء النواب، دعونا نستعمل حقنا القانوني كي نعطي الناس حقوقهم، هناك في الخارج المتقاعدون، وأهالي السجناء، دعونا نحول هذه الموازنة التي قيل عنها إنّها موازنة سيئة إلى موازنة مقبولة».

 

نقاش فتطيير للنصاب

ومع البدء بالمناقشات، اقرّت الهيئة العامة زيادة رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بثلاثة أضعاف، وذلك ضمن المساعدات الاجتماعية، كما صادق على نفقات الموازنة العامة.

وخلال التصويت ساد هرج ومرج، غادر خلاله العديد من النواب قاعة الهيئة العامة، ما افقدها نصابها، فرفعها رئيس المجلس الى 26 الجاري.

 

اسرائيل والتنقيب

من جهة ثانية، وفي تطوذر لافت للانتباه في توقيته، أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية، امس الجمعة، بدء الاستعدادات لربط حقل الغاز «كاريش» بشبكة الأنابيب الإسرائيلية، تمهيداً لتشغيل المنصة وإنتاج الغاز الطبيعي.

وتأتي تلك الخطوة في ظلّ عدم تبلور اتفاقٍ بين لبنان وإسرائيل في ملف ترسيم الحدود البحرية، وذلك رغم الكلام عن تقدم وإيجابيّة على صعيد المفاوضات.

وأشارت صحيفة «يسرائيل هيوم» نقلاً عن الوزارة الإسرائيلية إلى أنّه ستُجرى عمليات اختبار لمنصة الحفر الموجودة في «كاريش» فضلاً عن إجراء اختبارات لنظام ضخّ الغاز الطبيعي من المنصة إلى شبكة الأنابيب الإسرائيلية.

وبحسب الصحيفة، فإنّ عمليات الفحص لا تشمل بدء استخراج وانتاج الغاز الطبيعي من الحقل المُشار إليه.

وأشارت وزارة الطاقة الإسرائيلية إلى أنّ الاستعدادات تتمثل بإجراء اختبارات لتدفق وضخ الغاز الطبيعي في الاتجاه المعاكس، من شواطئ شمالي البلاد إلى الحفارة في حقل الغاز الواقع في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان في البحر المتوسط، وذلك من أجل اختبار منظومة وشبكة الأنابيب.