Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر October 13, 2021
A A A
ماذا جاء في مانشيت “النهار”؟
الكاتب: النهار

كتبت صحيفة “النهار” في افتتاحيتها: ‎قد يكون أخطر ما حصل أمس في تطورات ملف التحقيق في جريمة انفجار مرفأ ‏بيروت هو استحضار تجارب “تطييف” او “مذهبة” موقف حزبي اعتراضي على المحقق ‏العدلي في هذه القضية القاضي طارق البيطار ودفع الأمور نحو اجهاض التحقيق برمّته ‏رغم كل المزاعم والحجج التي يراد لها تبرير نسف التحقيق. فحتى في حقبة الصراع الأعنف ‏التي فجّرها انشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي اتسمت بانقسام سياسي عريض ‏وواسع حولها، لم تبلغ الأمور ما بلغته فجأة في الساعات الأخيرة من تشكل حالة مذهبية ‏شيعية رفعت تحت لافتة اعتراض هو اشبه بالفيتو في وجه المحقق العدلي والقضاء. وبدا ‏واضحاً ان “حزب الله” نفذ وعيد أمينه العام السيد حسن نصرالله غداة الهجوم الأعنف الذي ‏شنّه على البيطار والذي اتسمت نبرته فيه بالتهديد الواضح بما وصفه بكارثة اتية، اذ تمثل ‏هذا التهديد في جرّ مرجعيات الطائفة الكبيرة إلى اتخاذ موقف متطابق تماماً مع حملة ‏الحزب على البيطار، وزج في هذا الموقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى نفسه، لكي ‏يمتزج الديني بالسياسي والحزبي في “وحدة حال” مذهبية يراد لها اسقاط المحقق العدلي ‏ومعه التحقيق برمّته. جرى ذلك وسط ذهول عام اثاره الصمت المذهل الذي التزمه اركان ‏الدولة بدءاً برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي ومجلس الوزراء ‏والوزراء، بل ذهب المجلس الأعلى للدفاع بدوره إلى عرقلة إضافية لعمل المحقق عندما ‏رفض، بسيطرة رئاسية واضحة عليه، الموافقة على التحقيق مع المدير العام لأمن الدولة ‏اللواء طوني صليبا. وكأن الأمر لم يرض الحزب عند هذا المنسوب التصعيدي البالغ ‏الخطورة، فذهب أبعد إلى نقل الضغط إلى قلب مجلس الوزراء وتعريض الحكومة الغضة ‏لأول هزة داخلية حادة‎.‎
وسيكون مجلس الوزراء امام امتحان كبير اليوم وامام مفترق طرق: وزراء “أمل” و”حزب ‏الله” اطلوا بانتمائهم السياسي الواضح من خلال موقف سياسي موحّد قدمه وزير الثقافة ‏محمد مرتضى كقاضِ بقالب قانوني طالبوا فيه باستبدال المحقق العدلي القاضي طارق ‏البيطار. وما لم تتوصل اتصالات الليل التي اعقبت الجلسة إلى اتفاق، فالافتراق واقع وقد ‏ينفذ وزراء “امل” والحزب تهديدهم بالاعتكاف او الانسحاب من مجلس الوزراء‎.‎
وزير العدل قال أمس رداً على مداخلة زميله مرتضى: مجلس الوزراء لا يمكنه التدخل في ‏التحقيق العدلي، وتغيير المحقق العدلي هو شأن مجلس القضاء الاعلى الذي اكتمل عقده. ‏ومجلس الوزراء لا يمكنه فعل شيء سوى سحب قضية المرفأ من المجلس العدلي وهذه ‏سابقة لا يمكن لمجلس الوزراء ولا لأحد ان يتحمل وزرها‎.‎
المعلومات تشير إلى ان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ليسا بوارد تسجيل سابقة ‏بموقف يعدّ تدخلاً في عمل السلطة القضائية او في التحقيق العدلي‎”.‎
لذلك ستكون جلسة اليوم الاربعاء كحد السيف إما بانقاذ الحكومة او بشلّها ما لم تكن ‏اتصالات الليل نجحت في تقديم العقل القانوني على الموقف السياسي‎.‎
وفي المعلومات ان الجلسة بدأت بمبادرة مرتضى إلى تقديم مطالعة قانونية باسم الوزراء ‏الشيعة في الحكومة انطلاقاً من خلفيته القضائية فنّد فيها ملابسات التحقيق متهما المحقق ‏العدلي بالاستنسابية وطالب مجلس الوزراء بـ “قبع البيطار‎”.‎
بدأ النقاش وزادت حدته بانضمام باقي الوزراء الشيعة إلى مطلب مرتضى الذي علا صوته ‏في الدفاع عن وجهة نظره القانونية‎.‎
وردّ وزير العدل هنري خوري بمطالعة قانونية أكد فيها مبدأ فصل السلطات وقال “من غير ‏الوارد ولم يحصل في تاريخ القضاء مثل هكذا تدخل في تحقيق عدلي‎”.‎
طلب رئيس الجمهورية تعليق النقاش إلى نهاية الجلسة، وتفرغ مجلس الوزراء لاجراء ‏تعيينات طرحت من خارج الجدول، مما يعني انها كانت متفقاً عليها‎.‎
وعندما وصل الأمر إلى صياغة البيان بدون التوصل إلى اتفاق على الموقف المطالب به ‏بالتحقيق العدلي، قال مرتضى: “مصرون على موقفنا ولا يمكننا ان نكمل هكذا‎.”‎
عندها طلب رئيس الجمهورية رفع الجلسة إلى الرابعة عصر اليوم بعدما تمّ تكليف وزير ‏العدل بمتابعة الملابسات القانونية والدستورية المتصلة بالتحقيق على ان يعود إلى ‏مجلس الوزراء بتقرير ليبنى على الشيء مقتضاه‎.‎
وقالت مصادر وزارية إن الكلام عن اعتكاف او تعليق جلسات جاء في إطار الضغط ‏والتهويل. لكن مصادر وزارية أخرى قالت إن جلسة اليوم ستكون متفجرة ما لم يسحب فتيل ‏التحقيق العدلي خارجها، لاسيما وان انسحاب الوزراء الشيعة او اعتكافهم يعني إما شل ‏الحكومة او تعطيلها‎.‎

 

مذكرة توقيف
اما في التطورات الداخلية لملف التحقيق، وغداة التهديدات التي وجهها نصرالله إلى ‏القاضي البيطار، فقد اصدر المحقق العدلي مذكرة توقيف غيابية بحق النائب علي حسن ‏خليل الذي لم يمثل امامه في الموعد المحدد لاستجوابه‎.‎
وعلى الأثر تبلغ البيطار دعوى الرد الجديدة المقدمة ضده من وكلاء خليل والنائب غازي ‏زعيتر، ما استدعى تعليق التحقيق ووقف كل الجلسات، إلى أن تبت محكمة التمييز المدنية ‏برئاسة القاضي ناجي عيد بقبول هذه الدعوى أو رفضها. وبتبلّغ بيطار طلب ردّه من الغرفة ‏الأولى في محكمة التمييز، يُوقف المحقّق العدليّ تحقيقاته إلى حين بتّ الطلب من ‏المحكمة، على أن يُبدي ملاحظاته بصدده أصولاً؛ وبذلك تكون الجلستان المقرّرتان اليوم ‏التي استدعي إليهما زعيتر والنائب نهاد المشنوق مرجأتين أيضاً‎.‎
ويبدو وفق معلومات “النهار” ان صدور قرار محكمة الغرفة الأولى لدى محكمة التمييز ‏المدنية المتعلق بطلب رد البيطار والمقدم من خليل وزعيتر لن يطول بته، وقد يصدر ‏بحسب المؤشرات في الساعات المقبلة. ففي معلومات “النهار” ان رئيس الغرفة الأولى ‏لمحكمة التمييز المدنية القاضي ناجي عيد قرر إبلاغ المحقق العدلي فور وصوله إلى مكتبه ‏في قصر العدل وفي الوقت نفسه تقصير مهلة الرد على الطلب من القاضي البيطار إلى ‏ثلاث ساعات. وقد ثابر المحقق العدلي في مكتبه لإبداء ملاحظاته على طلب الرد بعد تبلغه ‏إياه عند إنتهاء الجلسة التي كانت مخصصة للتحقيق مع أحد مقدمي طلب الرد النائب علي ‏حسن خليل وتقريره‎.‎

وسط هذه الاجواء، برز بيان مفاجئ اصدره المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى حذر فيه من ‏‏”تسييس هذه القضية الوطنية والانسانية بتحويل القضاء اداة للانتقام السياسي الذي ‏يحرف العدالة عن مسارها ويطمس الحقيقة”. واضاف “وإنطلاقا من حرصه على العدالة ‏وحقوق الضحايا والجرحى والمتضررين بضرورة إنزال اقصى العقوبات بحق من سبب ‏وتسبب في وقوع هذه الكارثة الانسانية بحق لبنان والعاصمة، ومن خلال مواكبته ومتابعته ‏للرسم البياني لاداء قاضي التحقيق في هذه القضية، أنه يوما بعد يوم يبتعد كليا عن مسار ‏العدالة من خلال الإستنسابية والمزاجية اللتين كرستا الارتياب به وبعمله”. وختم “مستهجنا ‏الصمت المطبق الذي يخيم على الهيئات القضائية العليا، ويتساءل عمن يغل ايديهم حيال ‏الاسراع بتصحيح المسار قبل فوات الاوان والوقوع بما لا تحمد عقباه من جراء غياب العدالة ‏وسيادة الغرائز لدى من يفترض انه مؤتمن عليها مستسلما للاحكام المسبقة والمستوردة‎”.

يشار إلى ان مجلس الوزراء اقر من خارج جدول الاعمال اول دفعة من التعيينات وأبرزها ‏تعيين الدكتور بسام بدران رئيساً للجامعة اللبنانية ، وتعيين القاضي البرت سرحان والمحامية ‏ميراي نجم عضوين في المجلس الدستوري، وتعيين القاضي محمد المصري مديراً عاماً ‏لوزارة العدل . واطلع على تعيين القضاة: داني شبلي والياس ريشا وميراي حداد وحبيب ‏مزهر، أعضاء في مجلس القضاء الأعلى‎.‎