Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر July 7, 2020
A A A
ماذا جاء في افتتاحية “النهار”؟
الكاتب: النهار

لم تكف الشكوك الكبيرة التي أثارها توقيت إدراج استحقاقات قديمة عالقة في ملف الكهرباء في جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم، ربطاً بتصاعد الضغوط التي مارسها صندوق النقد الدولي على الحكومة من خلال شروطه لمعاودة المفاوضات المجمدة منذ الأسبوع الماضي، بل تتسع هذه الشكوك الى طبيعة ما دبر من صفقات سياسية لتمرير رزمة من التعيينات بمحاصصة جديدة قد تكون أسوأ من تلك التي مرّرت قبل اسابيع في مناصب مالية. ذلك أنه بات معلوماً أن الادراج المفاجئ لثلاثة استحقاقات مؤجلة ومجمّدة ضمن ملف الكهرباء والتي تتصل عضوياً بعملية إصلاح الكهرباء التي يضعها المجتمع الدولي أساساً في أولويات الاصلاحات المطلوبة من لبنان والتي تتكرّر المطالبة الدولية لهذا البلد بالوفاء بتعهداته حيالها، ما كان ليحصل لولا الصدمة التي تلقاها الوفد اللبناني المفاوض من فريق صندوق النقد الدولي الذي قال كلاماً حازماً عن شرطين تشدّد فيهما هما توحيد الأرقام المالية التي يجري على أساسها التفاوض والشروع عملياً في الاصلاحات الجوهرية بدءاً من الكهرباء.

ومع أن الحكومة كلاً بما تضم من مكونات سياسية بدت في عين العاصفة التي سيّرتبها تكريس فشلها في المضي في مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي اختارته بإصرار وراحت تبشّر به كإنجاز وما يعنيه الفشل المحتمل لمعاودة المفاوضات، فإن الفريق الذي استشعر أكثر من سواه خطورة انزلاق الوضع نحو هذه المتاهة هو”التيار الوطني الحر” ومن خلفه العهد لكون هذا التيار يمسك بقرار الكهرباء منذ أكثر من عقد كما هو معروف. ولذا برزت بوضوح في الأيام الأخيرة معالم احتواء للاضطرابات التي دبت داخل الصف الحكومي بعدما ثبت أن ما سمي محاولة تغيير أو تعديل الحكومة كان يقف وراءها أطراف من التحالف السلطوي والحكومي وليس من المعارضين على رغم كل ما قيل. وبدا واضحاً أن الجانب الآخر لاستعجال طرح هذا الملف المجمد والمعقد والذي أرجئ بته مرات عدّة حتى منذ تشكيل الحكومة الحالية، يتصل بعملية تجميد الحديث عن تغيير الحكومة وتعويمها مجدداً على خلفية تعذّر إيجاد البديل الجاهز منها من جهة، وعدم استعداد “حزب الله” تحديداً لتغييرها “طوعاً” إلا في حال إنهيارها تحت وطأة ضغوط استثنائية من جهة أخرى.

ولذا تنظر الأوساط المعنية بمصير الحكومة الى إعادة برمجة بعض الملفات الشائكة ومنها الكهرباء من زاوية السعي السياسي الحثيث الذي توافق عليه في شكل أساسي العهد وتياره والثنائي الشيعي لإعادة تثبيت الحكومة كأمر واقع لا إمكان لتبديله راهناً، وهو الأمر الذي لم يجد هؤلاء الأفرقاء عناءً كبيراً في تسويقه لدى الحلفاء الآخرين، فيما لا تبدو قوى المعارضة راهناً في وضع الانقضاض على الحكومة الى حدود إشعال حملات لإسقاطها.

ومع ذلك ستقف الحكومة اليوم أمام اختبار تلوح سلبياته المكشوفة من خلال المحاصصة السياسية أولاً في مشروع التعيينات التي ستشمل مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان مهما قيل في تبريرها، ومن ثم في تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء التي يمعن الفريق المسيطر على القرار الوزاري في هذا القطاع الحيوي في منع قيامها إلا بشروطه التي سيخضع عبرها مشروع قانون الكهرباء المجمد منذ 18 سنة لشروطه في إبقاء الهيئة تحت سيطرة الوزير. وبذلك يبدو واضحاً أن تجديد الصفقة السياسية بين “التيار الوطني الحر” والثنائي الشيعي “أمل” و”حزب الله” قد خط مسار تعويم الحكومة لكن ذلك لن يحجب بطبيعة الحال انفجار تداعيات المحاصصة الفضائحية الجديدة وخصوصاً نزعة تيار العهد الى إبقاء هيمنته وتوسيعها على قطاع الكهرباء بما يشكل تحايلاً وطعناً واضحين في جوهر المعايير الاصلاحية.

وتؤكد مصادر معنية أنه فيما يستمر ارتفاع الدولار وانهيار سعر صرف الليرة، تركت متابعة الوضعين المالي والنقدي الى البند الأخير في جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم في بعبدا من غير أن يدعى اليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير لمعرفة الآلية والاجراءات التي اتفق على وضعها للجم التدهور. وبات التركيز السياسي على إعطاء اصلاحات الكهرباء الأولوية، والاتفاق على تعيين أعضاء مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان ووضع الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء على سكة التنفيذ من خلال مشروع القانون الذي سيرسل الى مجلس النواب من أجل تعديل قانون تنظيم قطاع الكهرباء الرقم ٤٦٢ والصادر في العام 2002. كما أن التوافق السياسي تمدّد الى وزارة المال بقبول استقالة المدير العام للمال ألان بيفاني، وبالاتفاق على إجراء التدقيق المركز في حسابات مصرف لبنان مع إسقاط خيار الشركة التي كان يتمسك بها رئيس الجمهورية، والطلب من وزير المال البحث عن شركة بديلة من “كرول”.

 

مجلس إدارة الكهرباء

وترجم التناغم بين بعبدا وعين التينة بمباركة من قيادة “حزب الله” من خلال تعيينات مجلس إدارة كهرباء لبنان. ومع أن وزير الطاقة ريمون غجر طبق آلية يقول إنها لا توصل الا من هم أصحاب الاختصاص، إلا أن التوزيع الطائفي يعطي كل فريق مرشحه في الأعضاء الستة الذين سيتم اختيارهم. وسيرفع الوزير غجر ١٨ اسماً: ثلاثة مرشحين لكل عضو ويقترح ستة أسماء إلا أنه يعود الى مجلس الوزراء أن يوافق عليها أو يصوت لغيرها. وأوضح غجر للـ”النهار” أنه بدأ العمل على هذه التعيينات كأولوية منذ تسلمه الوزارة وأعلن فتح باب الترشيح عبر الموقع الالكتروني للوزارة وتقدم ٢٦٣ شخصاً للمراكز الستة. وبعد جوجلة السير الذاتية للمرشحين لم يبق منهم ‘لا ٦٣ من أصحاب الاختصاص والكفاءة. وأشرفت لجنة من الاختصاصيين ومن دكاترة من كبرى الجامعات على غربلة الأسماء بمقابلات أجريت مع المرشحين، فلم يبق ألا ٥٢ مرشحاً، ومن بينهم اختار وزير الطاقة ١٨ اسماً هي التي يرفعها الى مجلس الوزراء ويقترح منها ستة.

وحصلت “النهار” على أسماء المرشحين الـ١٨ الذين يرفعهم وزير الطاقة الى مجلس الوزراء لعضوية مجلس ادارة الكهرباء وهم:

– سنة:

طارق عبدالله

اكرم حمودي

احمد الخطيب

– شيعة:

حسين سلوم

ايهاب فرحات

علاء مكي

– دروز:

شكيب حرب

سامر سليم

مالك بو غنام

– كاثوليك:

جيلبير حج

وسام يعقوب

حبيب سرور

– أورثوذكس

موريس طرنب

كاريم ساباً

نيكولا النخل

– موارنة:

كرم عيد

نسيب نصر

شادي كريدي

أزمة التقنين

في غضون ذلك، تفاقمت أزمة التقنين الكهربائي وتمددت انعكاساتها نحو القطاع الاستشفائي حيث أفيد أن بعض المستشفيات عمد إلى قطع المكيفات عن غرف الأطباء المناوبين لتوفيرها لغرف المرضى بفيروس كورونا والسبب عدم توافر مادة المازوت. وكشف عن تأجيل بعض العمليات بسبب انقطاع الكهرباء في مستشفى رفيق الحريري. وقال رئيس دائرة الهندسة والصيانة في المستشفى: “بعد وضعنا على خطّ تقنين قاسِ جداً بدأت تنقطع الكهرباء حوالى 15 ساعة فاضطررنا إلى وضع خطة طوارئ تطلّبت وقف التكييف عن الطاقم الإداري وإبقاءه على المعدات الطبية وغرف المرضى”.

وفي المواقف السياسية من الأزمة، اعتبر الرئيس سعد الحريري أمس أن “الأمل لا يزال موجوداً للخروج من هذه المحنة التي يمر بها لبنان، رغم الشلل الذي يضرب كل قطاعاته ومؤسساته”، وقال: “إن الخلل الأساسي يكمن في طريقة معالجة المشاكل الاقتصادية التي تفتقر إلى الأساليب العلمية الواجب اتباعها للخروج من النفق المظلم الذي نمر به، خصوصاً بعدما أثبتت كل محاولات ضرب نظامنا الاقتصادي الحر فشلها”.

وشدّد على “ضرورة دعم كل القطاعات الإنتاجية في لبنان لتتمكن من الاستمرار في تأمين الوظائف لآلاف العمال والموظفين”.