Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر October 16, 2021
A A A
ماذا جاء في افتتاحية الجمهورية؟
الكاتب: الجمهورية

هذا بعض ما جاء في افتتاحية صحيفة “الجمهورية”: كيف يمكن لهذا الجرح ان يبرد او يندمل، طالما انّ العقليات التي نمت في الحرب واعتاشت وارتزقت فيها ولم تغادرها أصلاً، قد بصمت بأصابعها الخبيثة على ورقة نعي البلد واغتيال شعب؟
كيف يمكن لهذا الجرح ان يبرد او يندمل، مع هذا الاحتقان السياسي والشحن الطائفي والمذهبي، الذي يُنفخ في كل مفاصل البلد، ومع هذا السلاح المتفلّت الذي كشف عن هويته الحقيقية في الطيونة كسلاح فتنة، وخادم مطيع لإرادة تدمير ما تبقّى من بلد مدمّر، والإجهاز على أبسط مقومات استمراره؟
كيف يمكن لهذا الجرح ان يبرد أو يندمل، واللبنانيون الأبرياء قابعون في زوايا الخوف ممّا هو آتٍ عليهم.. ومسكونون بهاجس وفزع من أن يكون ما حصل في الطيونة، مجرّد جولة شبيهة بتلك الجولات التي مهّدت لحرب السنتين في العام 1975؟

مع عقليات الحرب هذه، تحوّل لبنان الى وطن الصدمات المتتالية، وجميعهم، ومن دون استثناء، شركاء في محاولة اغتيال وطن وشعب. وليس غريباً عليهم ان يتنصلوا من المسؤولية ويتبادلوا الإدانات ويلقوا الاتهامات على بعضهم البعض، فيما هم مكشوفون بسلاحهم المتفلّت، أمام الناس، كلّ الناس، فليس منهم بريء واحد، وليس بينهم من هو بلا خطيئة لكي يرجم الآخر بحجر، ولكي يحاضر كذباً بالعفة والنزاهة الوطنية؟
الى أين؟
امام جولة الطيونة، ينبري السؤال التالي: إلى أين بعدها؟
ما جرى في خميس الطيونة الأسود، تناقلته الشاشات بالصوت والصورة، بوقائعه الدموية المرعبة، ولكن لم يقدّم أحدٌ بعد جواباً: لماذا حصل ما حصل، ولأيّ هدف، ولأي قضية ولمصلحة من يُحمل سلاح القتل والتدمير والتخريب؟
في النتائج، سقط لبنان في الطيونة مضرّجاً بالدماء وبالرعب، وبخوف اللبنانيين، كلّ اللبنانيين، على مصيرهم الذي بات على أكفّ عفاريت تدّعي الحرص على هذا البلد، فيما كل منها رهينة لأجندة من خارج الحدود.
ما حصل، صاغ أجندة داخلية جديدة، باتت مفروضة على البلد، وحشرت كل الأطراف، او بالأحرى الشركاء المباشرين وغير المباشرين في جريمة الطيونة، في زاوية اختيار واحد من خيارين كلاهما صعب؛ الأول، استكمال ورشة التدمير والنزول الى ساحة الإقتتال. والثاني، البحث عن حلّ مستحيل، وسط الإنشقاق الداخلي والعداء المستحكم بين المكونات السياسية والطائفية. وما يُخشى منه ان يكون الخيار الاول هو الأقرب، بالنظر الى عدم ثقة الناس بقدرة هؤلاء على اجتراح حلول تحاكي مصلحة البلد وحده وتحفظ أمنه واستقراره. وتبعاً لذلك، تبقى أيدي اللبنانيين على قلوبهم.

ماذا بعد؟
الواضح من الوقائع المتدحرجة، انّ البلد مفروز سياسياً وقضائياً وطائفياً، وهو الأمر الذي ينثر في الأجواء الداخلية الاسئلة التالية:
اولاً، ما مصير التحقيق في انفجار المرفأ؟ وهل سيتعطّل؟ وهل سيكمل بالوتيرة ذاتها إن ردّت محكمة التمييز تلك الطلبات؟ وماذا عن التغطية الدولية للتحقيق العدلي التي تدعو الى إبعاده عن التدخّلات السياسية؟ وماذا لو كرّت سبحة مذكرات التوقيف وطالت النائبين غازي زعيتر ونهاد المشنوق وبعدهما رئيس الحكومة السابق حسان دياب؟
ثانياً، ما مصير الحكومة، التي تعرّضت لأعنف هزّة في بنيتها، جراء العاصفة الأمنية التي هبّت عليها من الطيونة، وقبلها العاصفة السياسية – القضائية التي هبّت عليها من التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت؟ وهل ستستمر هذه الحكومة في ظلّ مقاطعة وزراء “أمل” و”حزب الله”، التي قد تنتقل مع تطوّر الأحداث الى حدّ الخروج منها؟
ثالثاً، ما مصير الانتخابات النيابية؟ وما الذي يضمن إجراؤها، فيما لو ظلّ الوضع في البلد على تدحرجه، وفرض وقائع غير محسوبة او متوقعة؟ وهل ثمّة من يضمن ان تكون الأجواء مؤاتية لإجرائها في موعدها؟
رابعاً، ما مصير الأزمة الاقتصادية إن فرض الاشتباك السياسي – القضائي – الأمني وقائع وتوترات من أي نوع؟ ومن يستطيع ان يلحق بتداعياتها وبمسارها الانحداري الكارثي، إن أفلتت الامور من أيدي الممسكين بالقرار؟
خامساً، ماذا عن الشارع الذي تحوّل بالأمس الى “حلبة للنقاش” بالرصاص والقذائف، وهل ثمة من يستطيع ان يمسك بالشارع إن افلت من أيدي الجميع وصار البلد محكوماً للغة الشوارع المتقابلة؟