Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر May 21, 2020
A A A
ماذا جاء في افتتاحية “البناء”؟
الكاتب: البناء

خلال الأيام الماضية طغت على السطح خطابات داخلية للعديد من القوى السياسية، وواكبتها حملات إعلامية مركزة، تحت عنوان تحميل قضية التهريب عبر الحدود مع سوريا، والمعابر غير الشرعيّة النسبة الأكبر من أسباب الأزمة المالية والاقتصادية، بصورة بدت شديدة المبالغة والافتعال، وتم الربط بينها وبين خطاب يروج لاستحالة أي حل ما لم يتم المرور بقرار تدويل إدارة الحدود، وتعديل القرار 1701 ليطالها. وخلال الأيام الماضية انشغلت رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية والدوائر الأمنية في الدولة باستكشاف مدى جديّة هذا الكلام ومرجعيّته، وما إذا كان يعبر عن شرط غربي وأميركي خصوصاً للسماح لصندوق النقد الدولي لمد يد العون للبنان، ضمن إطار الربط بين نهج أميركي تقليدي لمحاصرة حزب الله، وبين الضوء الأخضر لمساعدة لبنان. وهو ما كان محور حركة دبلوماسية فرنسية حثيثة منذ شهور، خرجت للمرة الأولى للعلن، مع كلام وزير المالية الفرنسية في لقاء وزراء مالية دول قمة العشرين في الرياض مطلع السنة، عندما دعا للفصل بين مساعدة لبنان على التعافي ومواجهة واشنطن لطهران في المنطقة، وفي خلاصة التتبع الرسمي في ضوء تحذير علني أطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من اللعب بالنار ومحاولة استغلال الأزمة الاقتصادية لاستحضار ما فشلت حرب تموز في تحقيقه من أهدافها، قالت مصادر متابعة إن الحصيلة التي باتت واضحة بين أيدي رئيس الجمهوريّة ورئيس المجلس النيابيّ ورئيس الحكومة ووزارة الخارجية، تتيح النفي القاطع لأي بحث دولي جدي نحو تدويل الحدود اللبنانية السورية، وأن ما يجري تداوله إعلامياً هو عبارة عن تمنيات بعض الأطراف اللبنانية، وسعي بعضها لحشر حزب الله في زاوية الردّ على اتهامات تحمله مسؤولية الأزمة الاقتصادية المالية، ومحاولات بعض ثالث توجيه رسالة لحزب الله طلباً لتدخله لوقف بعض الملاحقات القضائيّة، كي لا ينقلب خصوم الحزب نحو خيار الضغط لتدويل الحدود من بوابة الدعوة لمكافحة التهريب، والكلام الرسمي الغربي والأميركي خصوصاً الذي سمعه المسؤولون اللبنانيون، تضمن دعوات للتهدئة الداخليّة، بالتزامن مع نفي أي بُعد دولي لهذه المطالبات والإيحاءات.

بعيداً عن هذه الوجهة تسلك العلاقة اللبنانية السورية مرحلة أولى من الخطوات العملية لتعاون الحكومتين، عنوانها زيارات وزارية تتناول ملفات الكهرباء والترانزيت وأنبوب نفط كركوك طرابلس، بالإضافة لملف الحدود والتهريب، وملف حيويّ للمزارعين اللبنانيين يتعلق بالتبادل التجاري، تمهيداً لصياغة مشاريع اتفاقات تشكل أساس بروتوكول بين الحكومتين، تقول المصادر المتابعة إن قضية النازحين السوريين وعودتهم بتعاون حكوميّ لبنانيّ سوريّ ستبقى حاضرة في مباحثات لبنان مع سوريا، وبالقوة ذاتها في مباحثات لبنان مع مصادر التمويل الدولي، بسبب حجم النزف المالي الناتج عن هذا الملف، كما قال رئيس الجمهورية أمس، أمام السفراء الأجانب وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان.

على الصعيد المالي والاقتصادي، وبالتوازي مع مواصلة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، أكدت مصادر مالية استحالة حصول لبنان على مبالغ تتيح سد الفجوات في وضعيته المالية المتصلة بحجم الدين الداخلي بين المصارف ومصرف لبنان والدولة، والتي يتصل بحلها مصير الودائع، ولذلك يتصدر اقتراح تأسيس صندوق سيادي توضع فيه أسهم شركات استثمار الحقوق السيادية للدولة، بعد تقييم هذه الأسهم وفقاً لسنوات استثمار تمنح للشركات العامة المملوكة من الدولة، فيما تبقى الأصول ملكاً حصرياً غير قابل للتنازل للدولة حكماً، على أن يتم طرح نسبة من أسهم هذا الصندوق للتبادل مع جزء من سندات الدين الداخلي، ويطرح جزء من هذه الأسهم للبيع للبنانيين المقيمين والمغتربين، ومن ضمنهم أصحاب الودائع حكماً، بينما يبدو أن جمعية المصارف التي تراجعت عن نظرية رئيسها الداعية لبيع أصول الدولة لمالكين أجانب مقابل الحصول على كمية من الدولارات كافية لتحسين ميزان المدفوعات وتمويل سداد ديون الدولة للمصارف، قد أعدّت مشروعاً يقوم على تقييم أملاك وموجودات وأصول الدولة ووضعها في الصندوق السيادي، لرهنها لدى مصرف لبنان لقاء سندات دين بقيمة 40 مليار دولار، بدلاً من أسهم استثمار هذه الأصول.

وبقيت الخطة الاقتصادية الحكومية محور الحركة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية الداخلية والخارجية مع مرور ثلاثة أشهر من عمر الحكومة، فيما برز ارتياح لدى رئاسة الحكومة، بحسب ما علمت «البناء» من الاهتمام الذي أبدته دول اوروبية بلبنان وتأكيدها على أن أموال سيدر لا زالت موجودة. توازياً مع استمرار التفاوض بين الوفد اللبناني ووفد صندوق النقد الدولي حيث من المتوقع ان يعقد اللقاء الثالث الاسبوع المقبل مع تسجيل اشارة ايجابية هي مشاركة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة في الاجتماع، إلا أن موقف جمعية المصارف التي ترتبط بعلاقة متينة مع الحاكم بمعارضة الخطة الحكومية يثير التساؤلات(!)، حيث اعتبرت بأن الخطة الحكومية تنطوي على ثغرات من شأنها أن تقود البلاد إلى كارثة. في المقابل أعدت جمعية المصارف بحسب المعلومات خطة اقتصادية مؤلفة من 50 صفحة فولسكوب، وان مجلس ادارة الجمعية سيجتمع اليوم لتقويم اجتماع لجنة المال والموازنة امس وإعداد خطة تحرّك للمرحلة المقبلة. وفي المعلومات أيضاً ان رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان نصح بعقد اجتماع رباعي لوزارة المال ومصرف لبنان وجمعية المصارف والهيئات الاقتصادية من أجل توحيد الأرقام.

وكان الملف المالي إضافة الى ملف الحدود الشمالية والشرقية مع سورية، محور لقاءات رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، حيث التقى الحاكم سلامة. وأفيد أن اللقاء تناول جولة المفاوضات الثانية التي عقدت مع ممثلي صندوق النقد وسبل الحفاظ على اموال صغار المودعين والتعيينات المالية وحقيقة الوضع المالي.

وقالت مصادر متابعة للقاء لـ”البناء” إن “اللقاء بين الرئيس بري وسلامة تمحور حول الوضع النقدي والمالي وآفاق الحل للأزمات النقدية والمصرفية والمالية”، كما وضع سلامة الرئيس بري في أجواء المفاوضات التي تجرى بين الحكومة وصندوق النقد الدولي والجهات المانحة وسبل الاستثمار عليها، حيث شدد بري على ضرورة توحيد الموقف اللبناني والعمل كفريق عمل واحد لضمان نجاح المفاوضات وحصول لبنان على الأموال والمساعدات اللازمة لإنقاذ لبنان من الازمة، ويدعم الرئيس بري بحسب ما نقل زواره لـ”البناء” “الاتجاه الحكومي للانفتاح على صندوق النقد والتفاوض معه بشرط عدم المساس بالحقوق السيادية للبنان”، كما حضرت في اللقاء الملاحقات القضائية لعدد من الصرافين والموظفين في المصرف المركزي بتهمة التلاعب بالنقد الوطني. ويشدّد بري خلال لقائه المعنيين بالشؤون المالية والمصرفية من حاكم المصرف وغيره على أن أموال وودائع اللبنانيين من المقدسات وخارج أي نقاش ومن غير المسموح المسّ بها تحت أي اعتبار”. ويدعم بري الإجراءات الحكوميّة والقضائية لملاحقة الصرافين والموظفين الذين يتلاعبون بسعر صرف الدولار وتحويله كسلاح مسلط على رقاب اللبنانيين.

على ضفة أخرى، ووضع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبرهيم الرئيس بري في أجواء زيارته الى سورية ونقاشاته مع القيادة السورية وكان تشديد من بري على ضرورة التعاون والتنسيق بين الدولتين اللبنانية والسورية لا سيما موضوع الحدود والمعابر غير الشرعيّة، وأفادت أجواء اللقاء لـ”البناء” الى “انه لا يمكن ضبط الحدود ومعالجة الملفات بين الدولتين لا سيما ملف التهريب وأزمة النازحين الا بتعاون بين البلدين على مستويات مختلفة”، كما تمّ التطرق الى ملف فتح الحدود أمام اللبنانيين الراغبين بالعودة الى لبنان او السوريين الراغبين بالعودة الى سوريا. ووضع إبراهيم الرئيس بري بما أُنجز على هذا الصعيد.

وفيما يردّد بعض السياسيين في 14 آذار سابقاً بأن هناك إصراراً أميركياً أوروبياً على تطبيق القرارات الدولية لا سيما 1559 ومندرجاته التي تشمل الحدود مع سوريا، علمت “البناء” أن “الرئيس بري لم يسمع من الدبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين اي طرح لتدويل الحدود”، وأشارت مصادر متابعة لـ”البناء” أن “طرح هذا الملف من أطراف سياسية داخلية لا يتعدّى الإطار الإعلامي وليس جدياً”، متسائلة: “أي دولة مستعدة لإرسال جنودها الى الحدود في ظل الأزمات الماليّة والصحيّة التي تواجهها دول العالم أجمع لا سيما أميركا وأوروبا؟”.

وبرزت مواقف لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط التي تعبر عن خيبة من الخيار الذي اتبعته الولايات المتحدة الأميركية بالضغط على لبنان وتجويع شعبه لحصار حزب الله، ولفت جنبلاط إلى أن هناك حرباً اقتصادية أميركية إيرانية على أرض لبنان، مشيراً الى انه قال للسفير الأسبق للولايات المتحدة الأميركية في لبنان جيفري فيلتمان إنه “إذا كانت الادارة الاميركية تعتقد انها بالعقوبات على حزب الله تضعفه فهذا خطأ، فهو لن يضعف والشعب اللبناني سيكون المتضرّر”.

وقال جنبلاط: “هناك ثورة جوع قادمة والسؤال كيف سنواجه؟”. وأضاف: “علينا الآن أن نعالج الوضع الاقتصادي ولنقدم خطة يقبل بها صندوق النقد”، معتبراً أن ما يقوله البعض عن أن لبنان سيحصل على 10 مليارات دولار من صندوق النقد ومبالغ أخرى من أماكن أخرى فإن هذا الكلام غير صحيح لأن هناك شروطاً أساسها الإصلاح.

وفي سياق ذلك، بدأ خيار الانفتاح على سوريا يترجم عملياً على المستوى الحكومي وذلك توازياً مع المفاوضات الحكومية مع صندوق النقد مع توافر مظلة سياسية وحكومية لهذا الخيار الطبيعي بين الدولتين، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية والمالية التي يواجهها لبنان. وعلمت “البناء” من مصادر مطلعة ان “الحكومة اللبنانية ستبادر الى اتخاذ خطوة باتجاه السلطات السورية”، مشيرة الى أن “عدداً من الوزراء سيزورون سوريا خلال اليومين المقبلين وعلى رأسهم وزير الزراعة وذلك لفتح باب الحلول لعدد من المشكلات الحدودية وتفعيل التعاون الاقتصادي”.

واستعرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال لقائه الممثلَ الخاص للأمين العام للامم المتحدة في لبنان يان كوبيش، ملف العلاقات مع سوريا من بوابة أزمة النزوح، واشار الى ان “الازمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان لها أسباب عدة، لكن أبرزها كثافة النزوح السوري الى الأراضي اللبنانية وما قدّمه لبنان لهذه الرعاية والذي قدره صندوق النقد الدولي حتى العام 2018 بـ 25 مليار دولار اميركي، تضاف اليها خسائر لبنان جراء اقفال الحدود اللبنانية – السورية وتوقف حركة التصدير، مبلغ 18 مليار دولار اي ما مجموعه 43 مليار دولار، فضلاً عن الخسائر غير المباشرة الأخرى”. واعتبر الرئيس عون ان “المساعدة الدولية يجب ان تكون بمستوى الضرر الذي لحق بلبنان منذ اندلاع الحرب السورية حتى اليوم، لأن من غير الجائز ان يستمر لبنان في تحمل نتائج هذه الحرب على النحو الذي أرهق كل قطاعاته”.

وكان كوبيش اطلع عون على المداولات التي تمت الاسبوع الماضي خلال مناقشة مجلس الامن الدولي للتقرير الذي أعده الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس عن مراحل تنفيذ القرار 1701، والاهتمام الذي أبدته دول مجموعة دعم لبنان لإقرار الخطة الاقتصادية، وتداعيات النزوح السوري الى لبنان. واكد كوبيش ان الدول الاعضاء في مجلس الامن لا تزال تدعم عمل “اليونيفيل” في جنوب لبنان بهدف تطبيق القرار 1701.

ومن المتوقع أن يعقد المجلس النيابي جلسة تشريعية الخميس المقبل لإقرار عدد من مشاريع واقتراحات القوانين وذلك في حال الاتفاق المسبق على قانون العفو المطروح في اللجان المشتركة. عاد قانون العفو الى الواجهة مع انقسام سياسي ونيابي واسع حول إقراره. وعقدت اللجان المشتركة جلسة امس، وعلى جدول اعمالها اقتراحات قوانين العفو العام ومكافحة هدر الغذاء والسرية المصرفية.

وأفيد عن إشكال كبير حصل في الجلسة حول العفو العام، وأحبط النواب محاولة ضرب بين النائبين جهاد الصمد وميشال معوض. فيما أصرّ نواب تيار المستقبل على إقرار القانون في تقاطع مع النائب في اللقاء التشاوري جهاد الصمد. وبدأ نواب المستقبل يبشرون قواعدهم في طرابلس بأن القانون سيقر في وقت قريب.

وفي وقت تواصل الميدل ايست عمليات إعادة المغتربين الى بيروت، سجلت وزارة الصحة العامة 7 حالات كورونا جديدة، (4 لمقيمين و3 لوافدين) رفعت العدد التراكمي الى 961 اصابة.

وعلمت “البناء” ان وزير الصحة حمد حسن مستاء من التفلت المجتمعيّ الذي تشهده الطرقات والاكتظاظ في الاسواق التجارية، مشيراً الى ان هذا الأمر من شأنه زيادة عدد الإصابات اذا لم يجرِ ضبطُه لافتاً الى ان التزام المواطنين بإجراءات الوقاية لا سيما ارتداء الكمامات من شأنه التخفيف من الإصابة وداعياً الى اعتماد الكمامة إلزامياً لانها تحمي بنسبة 90 في المئة من الاصابة ولافتاً الى صعوبة امنية في ضبط هذا التفلت. وقال: “لا يمكن وضع خفير لكل مواطن”. وكما علمت “البناء” ان “وزير الصحة طلب من وزير الداخلية التشدّد بالإجراءات في الاسواق التجارية مع المخالفين وذلك بتسيير دوريات راجلة لمراقبة الأسواق والمواطنين لا سيما مع اقتراب عطلة عيد الفطر حيث من المتوقع ارتفاع نسبة الازدحام لشراء حاجيات العيد”.

وأعلن وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي أننا “قررنا مراعاة الظروف الاقتصادية في هذه المرحلة فلا قرار حتى اللحظة بإقفال البلد مجدداً”، مؤكداً أننا “سنتخذ القرارات تبعاً لتطور انتشار الكورونا في مختلف المناطق”.

بدوره، أصدر الوزير حسن مذكرة طلب فيها من جميع المستشفيات والمختبرات التي تجري فحوصات كورونا، إبلاغ برنامج الترصد الوبائي بالنتائج الإيجابية والسلبية مع الأسماء فور صدورها، وامتناع الإعلان عن النتائج المجتزأة لكل مركز، لتكون وزارة الصحة العامة مسؤولة حصراً عن الاعلان للرأي العام عن نتائج التحاليل بعد التأكد منها.