Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر June 27, 2022
A A A
ماذا جاء في افتتاحية “البناء”؟
الكاتب: البناء

تبدو الأمور في العالم كله، خصوصاً على جبهاته المشتعلة أو المعرضة للاشتعال، من جبهات الغرب مع روسيا، او مع إيران، أو مع الصين، الى الجبهات الإقليمية في منطقتنا، سواء حول ترسيم الحدود البحرية للبنان، والتصاعد في الحرب الاستخبارية بين إيران وكيان الاحتلال، وقد بلغت اللحظة الفاصلة بين خيارين كبيرين، الانفجار الكبير، أو الانفراجات الكبرى. فالحروب الصغيرة استنفدت قدرتها على تغيير موازين القوى، والتسويات الصغيرة فقدت قدرتها على تفادي المواجهات الكبرى، وصار المطلوب قرارات بحجم الذهاب لمنازلة بالطاقة القصوى تحسم الحرب بمنتصر ومهزوم، أو منتصرين ومهزومين، أو التراجع عن التصعيد والنزول عن الشجرة لفتح الطريق للتسويات، تمهيداً لصياغة على البارد لنظام عالمي ونظام إقليمي يضمنان استقراراً، بعد تبلور حجم التغيير الذي لا يمكن تفاديه في ترسيم الأحجام والأوزان.

روسيا تتقدم على الجبهتين العسكرية والاقتصادية، والغرب يتراجع، هذا ما تقوله وقائع الحرب في أوكرانيا من جهة، وتضعضع الاقتصادات الأوروبية تحت وطأة أزمة الطاقة مقابل استقرار الاقتصاد الروسيّ، كما يقول سعر الروبل وأسعار المواد الاستهلاكية، من جهة مقابلة، وفي الشرق لا أفق مختلف أمام أي تحرّش مشابه بالصين تحت عنوان مستقبل تايوان، التي تملك الصين تفوقاً قانونياً فيها على الحالة الأوكرانية، حيث لا وجود لتايوان كدولة مستقلة بالمفهوم القانوني الدولي، الذي يكرّسها جزءاً من الصين الموحدة، بخلاف أوكرانيا كدولة ذات سيادة، أما في المنطقة، فتبدو إيران وهي تستعد للربع الأخير من ساعتها النووية، بعدما أتمت تركيب أجهزة الطرد المركزي الأشد حداثة وقررت الانتقال الى أعلى نسب التخصيب، وقد بلغت اللحظة الفاصلة عن امتلاك العتبة النووية، التي تؤهلها لإنتاج سلاح نووي.

جاءت زيارة مفوض السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل إلى طهران يرافقه المندوب الأوروبي الدائم في مفاوضات الملف النووي الإيراني انريكي مورا، بعد اجتماع جمعهما مع المفوض الأميركي بمتابعة الملف النووي، روبرت مالي، والاجتماعات التي عقدت بين الوفد الأوروبي والقيادات الإيرانية في طهران، وما انتهت اليه الزيارة من إعلان العودة للتفاوض، وتحقيق تقدّم كبير نحو إنجاز الاتفاق، لتقول إن ما تلقاه الإيرانيون من عروض تشكل ملاقاة للضوابط التي وضعوها للاتفاق المقبول من جانبهم للعودة لالتزامات إيران  بموجب الاتفاق الأصلي، وهو ما أوضح أمين مجلس الأمن القومي الإيراني الجنرال علي شمخاني أنه لن يتم إلا بعد أن تنال إيران عائدات الاتفاق الاقتصادية بوضوح. فالاتفاق بنظر إيران، التزامات إيرانية نووية مقابل مزايا ايرانية اقتصادية ومالية من الغرب، وهذا ما تؤكد مصادر متابعة للملف النووي في طهران أنه يبدو أقرب من أي وقت مضى للتحقق، بفعل الحاجة الغربية للتفاهم مع إيران، سواء تفادياً لمخاطر بلوغها اللحظة الحرجة نووياً، أو طلباً لعودتها الى الأسواق العالمية للنفط والغاز في ظل أزمة الطاقة التي يترنح الاقتصاد العالمي والغربي خصوصاً تحت وطأتها، ووفقاً لبعض التحليلات فإن قطر ستلعب دوراً في المرحلة المقبلة تفاوضياً لصلة ذلك بتعاون تقني تجاري قطري إيراني في مجال تأمين الغاز لأوروبا بصورة عاجلة، وهو ما يجعل قطر تأمل باستضافة جولات التفاوض غير المباشر الأميركية الإيرانية، التي كانت عمان قد استضافت مثلها قبل توقيع الاتفاق الأصلي عام 2015.

بالتوازي تطوّران في الاتجاه ذاته، فقد عقد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي محادثات متتابعة في كل من الرياض وطهران، شملت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، تمهيداً لتحقيق تقدم نوعي في المسار التفاوضي بين الدولتين، يتمثل بعقد لقاء لوزيري خارجية السعودية وإيران يعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، بينما تؤكد مصادر عراقية ما قالته تصريحات مسؤولين إماراتيين لصحيفة وول ستريت حول عدم الانخراط في أي حلف عسكريّ إقليميّ مشترك مع جيش الاحتلال تحدثت عنه المصادر الأميركية والإسرائيلية كثمرة لزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الشهر المقبل الى المنطقة.

أما التطور الثاني فهو ما نقلته وكالة رويترز عن مسؤولين إسرائيليين حول لقاء جمع الوسيط الأميركي في ترسيم الحدود البحرية للبنان، مع المفاوضين الإسرائيليين، لمناقشة ما سمعه من نظرة لبنانية لملف التفاوض، وقالت الوكالة إن المسؤولين الإسرائيليين قالوا إن الأجواء إيجابية، وإنهم يأملون بحل تفاوضي قريب.

يجري الرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي استشارات التأليف مع الكتل النيابية والمستقلين اعتباراً من بعد ظهر اليوم، حيث يستهل الاستشارات بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في الواحدة والنصف بعد الظهر ثم نائب رئيس المجلس إلياس أبو صعب.

ويبدأ ميقاتي استشارات الكتل النيابية بلقاء مع كتلة التنمية والتحرير (الكتلة النيابية لحركة أمل وتضم 15 نائباً) ثم كتلة الجمهورية القوية (الكتلة النيابية لحزب القوات اللبنانيّة وتضم 19 نائباً) وكتلة الوفاء للمقاومة (الكتلة النيابية لحزب الله وتضم 15 نائباً) وكتلة النواب السادة (كتلة تحت التأسيس لـ13 نائباً من المستقلين) وكتلة اللقاء الديمقراطي (الكتلة النيابية للحزب التقدمي الاشتراكي وتضم 8 نواب) وكتلة الاعتدال الوطني (الكتلة النيابية لـ6 مستقلين) والتكتل الوطني المستقل (الكتلة النيابية لتيار المردة وتضم 4 نواب) وكتلة نواب الكتائب (الكتلة النيابية لحزب الكتائب اللبنانية وتضم 4 نواب) وكتلة شمال المواجهة (الكتلة النيابية لحركة الاستقلال وتضم نائبين) وكتلة مشروع وطن الإنسان (وتضم نائبين) وكتلة جمعية المشاريع (وتضم نائبين) وكتلة الجماعة الإسلامية وتضم نائباً واحداً، فيما يختم ميقاتي استشارات اليوم الأول بلقاء النائب المستقل غسان سكاف.

ويستهل ميقاتي استشارات اليوم التالي بـ 13 لقاء للمستقلين بالإضافة إلى تكتل لبنان القوي (الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر وتضم 16 نائباً) ثم كتلة نواب الأرمن وتضم 3 نواب ثم 3 نواب مستقلين، إضافة إلى لقاء أخير مع المجلس الاقتصادي الاجتماعي.

وبحسب معلومات البناء فإن نواب قوى التغيير ربطاً بحزب الكتائب وحزب القوات والحزب التقدمي الاشتراكي لن يشاركوا في الحكومة وسوف يبلغون هذا الموقف كل على حد خلال لقائهم الرئيس ميقاتي خلال يومي الاستشارات، وأشارت مصادر مطلعة الى ان تكتل لبنان القوي من جهته وعلى ضوء ما سيسمع من الرئيس ميقاتي سيحدّد موقفه من المشاركة في الحكومة.

أشار عضو كتلة «اللّقاء الدّيمقراطي» النّائب ​وائل أبو فاعور​، إلى أن «بيننا وبين رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي​ علاقة سياسية وثيقة، ولكن هذه المرة الموقف ليس شخصياً من ميقاتي والمقاربة كانت جذرية خارج اللعبة السياسية التقليدية والذهاب إلى خيار راديكالي».

وأعلن أن «لا مشاركة للاشتراكي في الحكومة ومنحها الثقة مرتبط بتشكيلة الحكومة»، وأوضح «أننا لن نشارك ولن نسمّي وزراء، وإن أرضت الحكومة طموحاتنا نعطيها ثقة، والمطلوب من الحكومة إصلاح وإنقاذ، وحدّ أدنى من سيادة الدولة»، وتابع: «أنا أستبعد أن يتم تشكيل الحكومة».

وقالت مصادر مقربة من حزب الله لـ «البناء» إنه يجب العمل عل تشكيل حكومة  أكثر انتاجية، وعلى الجميع التعاون على تشكيلها في أسرع وقت ممكن لأن الظروف الراهنة تستوجب من الجميع التوقف عن الرهانات  ورفع السقوف وفرض الشروط. وعلى الخط نفسه اعتبر النائب حسن فضل الله أن هناك ضرورة وطنية حقيقية لكل مواطن أن تتشكل حكومة قادرة وفاعلة ولديها الصلاحيات وأن تبدأ بالعمل الفوري، وفي مرحلة البحث عن ​تشكيل حكومة، على الوزراء الحاليين وهم يصرفون الأعمال أن يقوموا بمسؤولياتهم، ففي موضوع الطحين هناك وزارة الاقتصاد عليها القيام بواجباتها، وكذلك في ما يتعلق بالمشتقات النفطية والكهرباء هناك وزارة طاقة ومؤسسة كهرباء هي المسؤولة عن هذا الأمر، وهناك رئيس حكومة ووزراء من مسؤوليتهم متابعة الأمور، لأن تصريف الأعمال لا يعني أن يجلسوا في منازلهم، وعلينا أن نبقى نطالبهم ونلاحقهم من أجل أن نخفف من هذه الأزمة».

طالب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي «بالإسراع في تشكيل حكومة وطنية لحاجة البلاد اليها ولكي يتركز الاهتمام فوراً على التحضير لانتخاب رئيس انقاذي للجمهورية، فلا تفسير لأيّ تأخيرٍ في التشكيل سوى إلهائنا عن هذا الاستحقاقِ الدستوريّ»، معتبراً أنه لا يوجد أي سبب وجيه ووطني يحول من دون تشكيل الحكومة وانتخاب الرئيس الجديد. وناشد الراعي جميع الأطراف بأن تتعاون مع الرئيس المكلف بعيداً عن شروط لا تليق بهذه المرحلة الدقيقة ولا يتسع الوقت لها ولا تساهم في تعزيزِ الوِحدة الوطنيّة وصورة لبنان أمام العالم. وقال: «ننتظر من الرئيس المكلف تشكيل حكومة على مستوى الأحداث تشجّع القوى الوطنيّة على المشاركة فيها وتعزّز الشرعية والنزعة السيادية والاستقلالية في بلادنا وتجاه الخارج».

وعلى خط ملف ترسيم الحدود البحريّة مع فلسطين المحتلّة، أفادت مصادر مطلعة على حيثياث المفاوضات غير المباشرة أن الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين  سيحمل رداً من تل أبيب الى لبنان خلال مهلة لا تتجاوز الأسبوعين وعندها سيبنى على الشيء مقتضاه في ملخص المفاوضات وعملية البحث والتنقيب.