Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر December 29, 2021
A A A
ماذا جاء في افتتاحية “الأنباء”؟
الكاتب: الأنباء

انشغلت المواقع السياسية في لبنان أمس، بقراءة وتقييم رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الميلادية الأخيرة في ولايته المطلة على الغروب، فبدت بين متفهم ومنتقد.. وقانع بأنه قال كل ما يستطيع قوله، خصوصا في انغماس حزب الله بالصراعات الإقليمية، وإفساد علاقات لبنان بمحيطه العربي، أو خائب الأمل بدعوته للحوار حول أسس النظام اللبناني، والاستراتيجية الدفاعية، حيث بدا في الحالتين، كالذاهب الى الحج والناس راجعة.

فما قاله الرئيس عون، لم يحمل مفاجآت، بل كان متوقعا، خصوصا لجهة تصويبه على رئيس مجلس النواب نبيه بري من دون ان يسميه، استدراكا لأي ردات فعل عنيفة، من قبل حركة أمل، التي تلقى أركانها توجيهات حاسمة من بري، بعدم الرد إلا في حالة تناوله من الرئيس عون بالاسم، وهذا عمليا لم يحصل، لا بالنسبة لبري ولا بالنسبة لحزب الله، الذي تطرق اليه، بإشارة خجولة، من خلال سؤاله عن مبرر «توتير العلاقات مع الدول العربية وتحديدا الخليجية، والتدخل بشؤون لا تعنينا»، في وقت توهم البعض انه سيعلن فك التفاهم مع الحزب، اعتقادا بأن في ذلك السبيل الوحيد لتعويم مركب تياره المهدد بالغرق في بحر الانتخابات التشريعية المقبلة. حتى انه، أي الرئيس عون، تجنب دعم الحياد الذي نادى به البطريرك الماروني بشارة الراعي في خطبه خلال الميلاد، كخشبة خلاص للبنان، حرصا على عدم ازعاج الحليف، طارحا بالمقابل تغيير النظام، مستبقا طاولة الحوار التي دعا اليها، والتي لا يبدو انها ستبصر النور.

منابر القوات اللبنانية توقفت أمام طرح عون للأسئلة، بدل ان تطرح عليه، ونفض يده من المنظومة الحاكمة وكأنه ليس منها، أو انه لم يكن شريكا أساسيا في تعطيل المؤسسات الدستورية، مكررا ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، التي يرفضها غالبية الشعب اللبناني.

بدوره، النائب الاشتراكي عضو اللقاء الديموقراطي بلال عبدالله غرد عبر تويتر معلقا على كلام الرئيس عون بالقول:«صح النوم في موضوع الاستراتيجية الدفاعية التي كرسها إعلان بعبدا، وأقرتها طاولة الحوار الوطني في 2006، مع اللامركزية الإدارية، أما اللامركزية المالية الموسعة، فهي خطوة متقدمة نحو الفيدرالية، التي هي شعار شعبوي انتخابي يغلف نزعة تقسيمية».

حزب الله، لم يعلق رسميا على خطاب عون، غير ان الإعلامي فيصل عبد الساتر المقرب من حزب الله، قال لقناة «ال بي سي» ان الحكومة الحالية، هي التي حالت دون تحقيق الرئيس عون ما يصبو اليه. اما عن التعطيل، فقد بدأ مع تعرض جبران باسيل لمحاولة اغتيال، ثم بتظاهرة 17 اكتوبر 2019 وبالمواجهة بين عون وبري.

وعن الاستراتيجية الدفاعية التي عاد يطالب بها عون قال: لم يفت الأوان على هذه الاستراتيجية واعتقد ان حزب الله سيكون اول من يلبي الدعوة للحوار حولها، وسيتحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الاثنين، ليعلن تلبية الدعوة، اما عن التفاهم بين الحزب والتيار، فلم يتزعزع، على حد قول عبدالساتر.

كما انه كانت هناك قراءة لقناة «المنار» في خطاب الرئيس عون، قالت فيها:«ان عون وضع النقاط على الحروف، حيث يراد للعهد ان يتلقى وحده فقاعة النار التي أضرمت في الهندسات المالية.

وغرد النائب فريد هيكل الخازن عبر «تويتر»، قائلا: «فخامة الرئيس بكل محبة، المشكلة أنكم لا تعترفون بالخطأ، لبنان لا يحكم بالقوة والتصادم، إن منطق (الرئيس القوي) والعداوة مع الجميع أكانوا حلفاء أو أخصاما وصولا إلى جمهور الشارع قد أوصل لبنان إلى النهاية. كلامكم ليس مقبولا الحل يبدأ بالتغيير، تغيير إياكم».

إذاعة صوت لبنان الناطقة بلسان حزب الكتائب المعارض، قالت ان رئيس الجمهورية لا يتساءل بل يساءل، الكلمة كانت بمنزلة خطاب تجاهل العارف وتجهيل الفاعل، لقد أخطأ من همس في أذنه ان قلها، لأنه لم يقل شيئا، وأخطأ أكثر من هندس الخطاب وكتبه، لأنه استورد كلاما كاسدا لا يباع ولا يصرف.

في غضون ذلك، نفى مصدر في التيار الحر، ان يكون رئيس التيار النائب جبران باسيل قد عقد أي لقاء مع رئيس وحدة الارتباط في حزب الله وفيق صفا مساء الاحد كما تردد، فيما توقعت مصادر متابعة، ان يقول باسيل يوم الاحد المقبل، ما لم يقله عون أمس الأول، حيث سيركز على اثارة العصبية المسيحية، بوصفها سبيله الأخير الى استعادة شعبية تياره المفقودة.

وأعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن أمله في أن تشهد السنة المقبلة، بداية لتصحيح الوضع المؤلم الذي ساد خلال العامين الماضيين وانعكس سلبا على حياة المواطنين ومعيشتهم واستقرارهم الاجتماعي والصحي. ولفت الى أنه لابد من مواجهة الأسباب التي أدت الى معاناة اللبنانيين من أزمات متعددة اقتصادية واجتماعية وصحية وتربوية، ومحاسبة المسؤولين الذين تسببوا بها على مر السنوات الماضية. وشدد على وجوب وضع حد للأخطاء التي ارتكبت بحق الشعب اللبناني والتي أشار اليها في رسالته امس الى اللبنانيين، مؤكدا تصميمه على مواصلة النضال لتصحيح هذه الأخطاء على الرغم من العراقيل التي توضع في الطريق والتعطيل المتعمد والممنهج للمؤسسات الدستورية والقضائية والإدارات.

ونوه عون بالعمل الذي تقوم به المؤسسات العسكرية والأمنية التي يعمل ضباطها ورتباؤها وعسكريوها في ظروف اقتصادية ومالية صعبة، مشددا على أهمية المحافظة على استقرار لبنان وسلامة أراضيه واحباط أي محاولة للاساءة الى هذا الاستقرار، واعدا بذل كل جهد ممكن لتقديم الدعم اللازم لهم.

وخلال استقباله وفودا من القيادات العسكرية والأجهزة الأمنية، جاءت لتهنئته بمناسبة حلول عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة. ركز عون على ضرورة عودة الإدارات الى عملها المنتظم وتوفير الأجواء الملائمة لتمكين الموظفين من القيام بعملهم من خلال التخفيف قدر الإمكان من حدة الأزمة الاقتصادية التي يعيشون فيها، معتبرا ان ذلك يتحقق من خلال المؤسسات الدستورية التي يفترض ان تعمل بانتظام من دون أي تعطيل.

من جهته، أكد قائد الجيش العماد جوزف عون في كلمته «ان لبنان يعيش ازمة غير مسبوقة وظروفا مقلقة للغاية»، وقال: «في يوم العيد هذا، نتوسل الى الله ان يحرك في قلوب الجميع توقا الى المصالحة والاخوة، ان هذه الازمة قد اتعبتنا جميعا، ولكن يبقى الامل بغد افضل هو الحافز لنا للمضي بمهماتنا، متسلحين بقسمنا وثقة شعبنا بنا، بانتظار اجتراح الحلول السياسية والاقتصادية اللازمة لمنع استمرار تدهور الوضع. املا «ان تستجاب دعوة بابا الفاتيكان فرنسيس للحوار والمصالحة، لما في ذلك خير لوطننا وشعبنا».

بدوره، اكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم المضي «قدما في أداء مهماتنا الوطنية على الرغم من كل الظروف الصعبة، فلا تخاذل في مواجهة التحديات التي تركت تداعياتها المادية والمعنوية على المديرية وعسكرييها، الذين لايزالون يؤدون رسالتهم على اكمل وجه وبما امكننا من تأمين مقومات الاستمرار، فلا تهاون ولا استنسابية في تطبيق القانون، ولا تقاعس في تنفيذ المهمات أو تقديم الخدمات، فالعمل يتواصل بمناقبية عالية على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي حاولنا قدر المستطاع التخفيف من اعبائها. التحديات كبيرة. المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة. نحن نعرف ان اليأس والاستسلام ليسا في قاموسكم، وان المطلوب أن يكون للبنانيين وطن يخافون عليه وليس دولة يخافون منها».

واشار المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الى «ان مؤسسة قوى الأمن الداخلي، تأثرت كما كل مؤسسات الدولة، بالانهيار الذي أصاب لبنان، وقد طال ذلك عديدنا وعتادنا، والوضع العام لا يحتمل التأجيل في اخذ القرارات المنصفة بحقنا، خصوصا ان بعض القطاعات الخاصة، بدأت بمعالجة مشاكلها بطريقة او بأخرى، من خلال تسوية رواتب موظفيها على نحو يتناسب مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل انهيار قيمة العملة اللبنانية. ان المؤسسات الأمنية والعسكرية تؤمن كل متطلباتها من موازنة الدولة، وتنفذ مهامها لصالح كل المجتمع والمؤسسات العامة والخاصة، وهذا واجبها. لهذا كان ضباطنا وعناصرنا، هم الأكثر تضررا في هذا الجانب، ورغم سوء وضعنا، لا نزال نقوم بواجبنا كاملا في مكافحة الجريمة وحماية المواطنين وممتلكاتهم».

ولفت المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا الى ان «الحمل ثقيل ولكن يسهل حمله لمن تسلح بالايمان. الظروف قاتلة ولكنها ستزيدنا قوة ومنعة بعد ان نتخطاها، واعداء الوطن كثر ولكننا لهم بالمرصاد على مدار الساعة، وكلما انتشر الشك بنجاة قارب الوطن، زدنا نحن يقينا بتخطي العاصفة عندما تكونون القبطان، في مرحلة، الكل مدعو فيها الى التجديف والتعاون بإيمان. ان من افتكرنا وارسل ابنه لخلاصنا اليوم، لن يتركنا قبل وصول اللبنانيين بقيادتكم الى ما ينشدون، موحدين مجتمعين، والله يحب الجماعة».