Beirut weather 25.41 ° C
تاريخ النشر August 28, 2024
A A A
ماذا بعد قطوع الحرب الشاملة..؟
الكاتب: صلاح سلام

كتب صلاح سلام في “اللواء”

من حق اللبنانيين أن يتنفسوا الصعداء، بعد برود موجة التوتر الأخيرة، والتي كادت أن تصل إلى الإنفجار الشامل في لبنان والمنطقة، وتحرق الأخضر واليابس، وتفاقم حدة الصراعات العنيفة والمدمرة المشتعلة في غزة، وإمتداداتها الجغرافية في ساحات المحور الإيراني.
رد حزب الله على الإغتيال الإسرائيلي للقائد العسكري فؤاد شكر و قد لا يكون حقق الأهداف المقصودة منه، ولكنه أنهى مرحلة من حبس الأنفاس والضغوط اليومية، بعدما حشدت الولايات المتحدة الأميركية الأساطيل والبوارج البحرية وحاملات الطائرات، في بحار المنطقة، وكأن الدفاع الأميركي عن الدولة العبرية يتطلب استعدادات حربية ولوجستية، وكأننا على أبواب حرب عالمية طاحنة.

بدا واضحاً لكل من واشنطن وعواصم المنطقة، وخاصة طهران والرياض، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو يحاول توريط أميركا في حرب إقليمية، تُنقذه من فشله في تحقيق أهداف الحرب على غزة من جهة، وتتيح الفرصة لتوجيه ضربة قاسمة للمشروع النووي الإيراني، بسلاح أميركي من جهة ثانية، في إطار الخطاب الشعبوي الإسرائيلي عن «الخطر النووي الإيراني».
مساعي وإتصالات واشنطن والرياض ركزت على إحباط نوايا نتنياهو، وعلى إبقاء الأمور تحت السيطرة، والعمل على تجنيب المنطقة حرباً إقليمية مدمرة، قد تمتد نيرانها في «لحظة ما» إلى أبعد من جغرافية الإقليم الملتهب، مما يشكل خطراً داهماً على السلم العالمي.
من المبكر الخوض في تفاصيل الملابسات التي أحاطت بتوجيه الرد الذي كان منتظراً من حزب الله على الكيان الصهيوني. فالمسألة تحتاج إلى تحقيقات دقيقة وحساسة، بتحديد العوامل التي كشفت موعد الضربة ــ الرد ومواقع إنطلاقتها، وتمكين العدو الإسرائيلي من تنفيذ «الضربة الإستباقية»، والتصدي للصواريخ والمسيّرات التي إستطاعت الوصول إلى عمق الأراضي المحتلة.
المهم بالنسبة للبنانيين، لا سيما أهلنا الصامدين في الجنوب، أن وعد الحزب بالرد حصل، ولم يستدرج ردوداً من جانب العدو، بل أعاد الوضع الميداني إلى قواعد الإشتباك السابقة لاغتيال شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، ويتم وقف إطلاق النار في غزة، حتى يعود الهدوء إلى الحدود الجنوبية.
مرور «قطوع» الحرب الشاملة في الأيام الأخيرة، والإكتفاء بما تحقق في رد حزب الله، لا يعني،ولا يجب أن يعني،إمكانية الإطمئنان إلى نوايا نتنياهو ووزرائه المتطرفين العدوانية ضد لبنان، وإتخاذ من التهجير الإسرائيلي من مستوطنات الجليل الأعلى ذريعة للإستمرار في الإعتداءات والغارات اليومية ضد القرى الجنوبية، وما يرافقها من تهديدات سافرة لترهيب اللبنانيين.
المهم أن يعود أهل الحل والربط من سياسيِّي آخر الزمان إلى الحوار، وتحمّل مسؤولياتهم الوطنية، في البحث الجدّي في إنقاذ بقايا الدولة من الإنهيار الشامل، عبر الإسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية، وإعادة الحياة إلى المؤسسات الدستورية، والمرافق الحيوية، وتحقيق الإصلاحات المطلوبة قبل فوات الأوان.