Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر April 22, 2018
A A A
مادلين أولبرايت تراقب الانتخابات النيابية في لبنان!
الكاتب: وليد عوض - الأفكار

عندما كان الرئيس سليم الحص زمان الثمانينات رئيساً للحكومة، كان يقابله في الضفة اللبنانية الأخرى العماد ميشال عون رئيس الوزراء المسمى من قبل الرئيس أمين الجميّل. وفيما كان العماد ميشال عون يطل من شرفة القصر الجمهوري في بعبدا هاتفاً: (يا شعب لبنان العظيم) ويهدّد بسحق كل رأس في الخارج يتهجم على لبنان، دون أن يوفر من ذلك الرئيس السوري حافظ الأسد، كان الدكتور سليم الحص يدعو الى التهدئة ورص الصفوف، فاستحق أن يعطى لقب الأم تيريزا التي كانت تضم يديها وتدعو الى السلام من أي باب أتى!

الآن… موقف آخر.
فالرئيس سعد الحريري حامل مشروع الاصلاح الى مؤتمر سيدر واحد يدافع بشدة وضراوة عن نجاح لبنان في اتمام صفقة العصر وهي أن تكون قروض لبنان من الدول المانحة التي حضرت المؤتمر وزاد عددها عن الاثنتين والخمسين دولة بنسبة واحد ونصف بالمئة بعدما كانت قروض الماضي بنسبة 7 أو 8 بالمئة، كما نجح في جعل مدة التسديد مطروحة على سبع سنوات، وبذلك يستطيع لبنان أن يراعي ظروفه الاقتصادية ويلتقط أنفاسه دون ضغوط معيقة، أو شروط مانعة.

لكن الرئيس الحريري بالمقابل لم يكن مثل الأم تيريزا رائدة السلام والطمأنينة وضبط النفس من مركزها في الهند، بل لا يوفر من حملاته كل من يعاكس نتائج مؤتمر سيدر واحد، لأنه يضع كل ثقله السياسي وصداقاته الواسعة في خدمة أهداف المؤتمر. وليس أدل على ذلك من الصورة السيلفي التي التقطها مرة مع ملك المغرب محمد السادس وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ومن صورة السيلفي الأخرى التي التقطها مع ولي العهد السعودي وهو باللباس المدني ومع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. وتكفي هاتان الصورتان للتأكيد على المنزلة التي يحتلها الرئيس الحريري ويوظف هذه المكاسب لصالح النهضة الاقتصادية اللبنانية، وصار المشهد عبارة عن مشاركة فرنسا والمملكة السعودية في تأمين الغطاء الاقتصادي للبنان في ظروف عالمية ضاغطة يمثلها تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب للنظام السوري والسلطة الروسية بقصفهم بصواريخ ذكية وقوله: (روسيا استعدي فصواريخنا الذكية آتية الى سوريا).

موالاة ومعارضة
وليس بقليل أن تقف 52 دولة الى جانب لبنان عبر مؤتمر سيدر واحد، ولا يمكن لهذه الدول الاثنتين وخمسين أن تترك لبنان في أية محنة يتعرض اولبرايتلها، وصار في امكان لبنان أن يقول: (أنا و52 دولة من دول العالم نريد نهضة اقتصادية للبنان).

وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو، مع ثقل والده الملك، السند الكبير للبنان، وصاحب المفاتيح للخزانات الاقتصادية المغلقة. وعندما يكون هذا الرجل الى جانب نهضة لبنان، فينبغي على اللبنانيين أن يستبشروا خيراً، وأن يرسموا الآمال الجسام على العلاقات العربية والدولية. لا لأن الأمير محمد بن سلمان هو ولي العهد السعودي فقط، بل لأنه الرجل الذي استطاع أن ينسج أفضل العلاقات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيسة وزراء انكلترا تيريزا ماي ويكفل للبصمة السعودية أن تكون منتشرة في كل أنحاء العالم.

ولكن أهم ما يطل به لبنان على العالم الآن هو تماسكه الوطني، ووحدة قراره، وعدم تشرذمه بين موالاة ومعارضة. صحيح ان المعارضة جزء من اللعبة الديموقراطية، وضرورة للعمل الوطني، شرط ألا تعيق مسيرة الدولة، وقدرتها على تنفيذ الاصلاحات التي هي برد وسلام على الاقتصاد اللبناني. وأهم هذه الاصلاحات تلك التي تتناول أوضاع الكهرباء ومحطة دير عمار في الشمال، لأنه من المعيب جداً أن يرزح لبنان تحت تقصير مؤسسة الكهرباء ويذوق أهله رماد المؤسسة التي تأتي الى بيوتهم بالفواتير الشهرية، دون أن يكون هناك مقابل مناسب لهذه الفواتير.

في مهب الاسعاف
ونعيش اليوم جميعاً تحت التقصير الكهربائي من جهة، وتحت وهج الخوف من رعود الصواريخ الذكية الأميركية عابرة القارات وحاملة في اجنحتها الموت الزؤام الذي لا يرحم نساء ولا أطفالاً، ولا يأخذ في الاعتبار مواسم الخضار والفواكه في ربيع لبنان وسوريا. ويدرك اللبنانيون تماماً أنهم في الموضوع بلا أي ذنب، متكبدين الخسائر في أرزاقهم وكسبهم اليومي والأحلام التي رسموها في أيام الصفاء. والخطر على هؤلاء اللبنانيين يأتي من كل حدب وصوب. فإذا اشتعلت في قطاع غزة بين الفلسطينيين والاسرائيليين، نالهم من هذه المكاره نصيب كبير، ولاسيما بالنسبة لأهالي الشريط الحدودي، واستيقطت خلايا المقاومة براً وبحراً وجواً. والداخل اللبناني لا يسلم من مخاطر الصواريخ الأميركية المدعومة أوروبياً، واجبارهم على سلوك خط معيشي متقشف كما يقضي زمن الحروب.
وستكون أجهزة الدفاع المدني والاسعاف والاطفاء هي المعوّل عليها في هذه المرحلة بعدما اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره النهائي بالهجوم الصاروخي على سوريا، والهجوم الصاروخي من اسرائيل، والتزام اللبناني بالحد الأعلى من اختصار المصاريف، والاكتفاء بقراءة المطبوعات الصحافية ومتابعة برامج التلفزيون ونشرات أخبارها والخبر العاجل وهو المتعلق الآن بالهجوم الصاروخي الأميركي وكم يحصد من أضرار، ويخلف من كوارث.. والافتراضات لا تعد ولا تحصى..

تغريد جنبلاط
ويواصل لبنان الاستعدادات لانتخابات 6 أيار المقبل، وكأن شيئاً لم يحدث. وفي الافتراض كذلك أن يخرج رئيس الوزراء سعد الحريري بكلمة تلفزيونية تطرح تأجيل هذه الانتخابات الى مطلع الخريف المقبل، لكن التمديد غير وارد، والإلغاء عير وارد أيضاً، لأن اجراء هذه الانتخابات نصير وحيد للمسيرة الديموقراطية والاحتكام الى الدستور، والتخفيف عن أعباء رجال الدين بدءاً من البطريرك بشارة الراعي ومفتي الديار اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان. كذلك لا بد من مواصلة الاهتمام بتغريدات الزعيم الوطني وليد جنبلاط باعتبار انه الأكثر امتلاكاً للأسرار في هذه المرحلة.

ويظل السؤال ــ البوصلة هو: هل كان يضرب أم لا يضرب، وذلك إشارة الى موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قال إن ضرب سوريا وارد في كل لحظة، أو مؤجل في كل لحظة، وهذا أخطر ما يكون في الموقف من الهجوم الأميركي على سوريا.
على ان أخطر ما ذكرته قناة الجزيرة وهو ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد عرض على الجامعة العربية أن يسافر هذا الأسبوع الى دمشق ويصطحب الرئيس السوري بشار الأسد الى قمة الدمام، وهو كلام خطير يتعين الاهتمام به من كل جانب.
كذلك أوردت بعض وسائل الإعلام الأميركية ان وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت (83 سنة) التشيكية الأصل، والمرافقة لنظام الرئيس بيل كلينتون في فترة رئاسته الثانية عام 1996، ستكون ضمن الفرقاء المراقبين لانتخابات لبنان بدءاً من يوم 6 أيار.
والأخبار تظل مجرد أخبار حتى تأتي الكلمة الفصل.
ولمادلين أولبرايت قصة مثيرة مع الرئيس اميل لحود عندما رفض أن يتحدث وإياها بالتليفون وقال لمرافقه: أخبرها ان الرئيس خلد الى النوم!
وعلى كل حال: إنها الأيام الاستراتيجية الجديدة في حياة اللبنانيين، ولا تقل أهمية عن بوسطة عين الرمانة في 13 نيسان 1975!