Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر March 16, 2018
A A A
مؤتمر روما: نتائج دون التوقعات
الكاتب: اللواء

تكاد الاهتمامات بفرط التحالفات؟ والعجز عن تركيب اللوائح، وألعاب «القط والفأر»، بين المرشحين المتنافسين، سواء بين اللوائح المفترضة في داخلها أو خارجها، تطغى على مؤتمر روما لدعم القوى العسكرية والأمنية والذي جمع 41 دولة بحضور الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس ورئيس وزراء إيطاليا جنتيلوني، واعتبر الرئيس سعد الحريري ان الانعقاد يعبر عن «تمتع الحكومة اللبنانية بلحظة استثنائية من الإجماع والدعم الدوليين» معربا عن دعمه لاعلان الرئيس ميشال عون من «ان الاستراتيجية الدفاعية ستناقش بعد الانتخابات، لذا يتعين على المجتمع الدولي دعم «القوات المسلحة» لتمكينها من القيام بواجبها في الحفاظ على الأمن والاستقرار وفقا لهذه الاستراتيجية.

مؤتمر روما
وإذا كان معروفاً مسبقا، ان مؤتمر روما – 2 الذي انعقد أمس في العاصمة الإيطالية، سيخرج ببيان سياسي يُؤكّد تضامن المجتمع الدولي مع لبنان، شبيه بينانات مجموعة الدعم الدولية، ودعم مؤسساته الأمنية والعسكرية، فإن النتائج العملية جاءت دون التوقعات اللبنانية واقتصرت فقط على الاهتمام الفرنسي بدعم الجيش، والذي نوه به الرئيس سعد الحريري قبل عودته مساء أمس إلى بيروت، مقدرا المساهمة الفرنسية بحوالي 400 مليون يورو، في حين ان أي مساهمة مالية أخرى لم تعلن، وان كان الرئيس ا لحريري ألمح انها ستأتي بطريقة ثنائية خلال العام الجارية، وانها ستكون غير مشروطة في أي مرحلة من المراحل.

وكشفت مصادر الوفد اللبناني ان الدول الخمس الكبرى الداعمة للبنان أبدت استعدادا كبيرا للاستمرار في دعمها للجيش والقوى الأمنية، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية من خلال مواصلة عمليات التدريب والتسليح، أو فرنسا والمانيا وإيطاليا التي تعهدت بتقديم الدعم لقوى الأمن الداخلي، فضلا عن الاستمرار في بناء القوة البحرية للجيش.

غير ان البيان الختامي للمؤتمر، رحب بما وصفه بالمساهمات الكبيرة التي قدمها شركاء لبنان في المؤتمر، بعدما ثمن هؤلاء، ومن دون تحديد أي أرقام، «الحاجة لتسريع مساعدتهم للجيش اللبناني وقواه الأمنية في الأعوام الخمسة المقبلة».

وعبر البيان الختامي للمؤتمر عن التزام الدول المشاركة عن التزامهم باستقرار لبنان وأمنه وسيادته، وعن دعمهم الجهود المستمرة من قبل السلطات اللبنانية للتحضير للانتخابات النيابية في السادس من أيّار المقبل، وأورد فقرة خاصة بالاستراتيجية الدفاعية، رحب فيها بالبيان الصادر عن رئيس الجمهورية في هذا الخصوص، مشيرا إلى الاحكام ذات الصلة من اتفاقية الطائف وقرارات مجلس الأمن 1559 و1680 و1701، بما في ذلك الاحكام التي تنص على عدم وجود أسلحة أو سلطة في لبنان بخلاف الدولة اللبنانية ولا قوات أجنبية دون موافقة حكومته، ولا بيع أو توريد لاسلحة ذات الصلة بالاسلحة إلى لبنان باستثناء ما تأذن به حكومته.

كما رحب المشاركون ببيان الرئيس الحريري الذي أكّد من خلاله التزام حكومته بسياسة النأي بالنفس كمسؤولية جماعية لكل الأحزاب لتحصين لبنان من الصراعات الإقليمية وابعاده عن أية تدخلات في شؤون الدول الأخرى، وأثنوا على النجاحات التي حققها القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي والمؤسسات الأمنية الأخرى في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، ونوهوا بدورها في هزيمة «داعش» و«النصرة» وغيرها من التنظيمات الإرهابية، وفي بسط سلطتها على الحدود الشمالية والشرقية، وعلى جهودها لبناء قواها البحرية والجوية».

وبدا واضحاً، سواء من خلال أعمال المؤتمر أو من الكلمات التي ألقيت في الافتتاح، انه كانت هناك التزامات أعلنها الرئيس الحريري، في غير محطة من محطات المؤتمر، في مقابل الدعم السياسي الذي محضه المجتمع الدولي للمؤسسات الأمنية والعسكرية في لبنان.

ولعل في مقدمة الالتزامات اللبنانية، التشديد على أن المؤسسات الأمنية هي المدافعة الوحيدة عن السيادة اللبنانية، وانطلاقاً من هنا، أعلن الرئيس الحريري تبنيه لدعوة الرئيس عون إلى مناقشة الاستراتيجية الدفاعية في اعقاب الانتخابات النيابية، ودعوته للمجتمع الدولي دعم القوات المسلحة اللبنانية من أجل تمكينها من الاضطلاع بواجبها في الحفاظ على الأمن والاستقرار وفقاً للاستراتيجية الدفاعية، وبالتالي الالتزام بالاستثمار في الجيش والقوى الأمنية من ضمن الموازنة الجديدة.

وأكد الحريري أيضاً التزام حكومته بسياسة النأي بالنفس، معتبراً أن هذا الأمر يُشكّل اليوم مسؤولية جماعية وتتم مراقبته عن كثب من قبل جميع مؤسسات الدولة لضمان تنفيذه من أجل مصلحة لبنان الوطنية في الحفاظ على أفضل العلاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي بشكل عام، طالباً إعطاء لبنان الفرصة والوقت لإنجاز ذلك.

ومن ضمن الالتزامات أيضاً: ضمان استمرار عمل الجيش وقوى الأمن الداخلي معاً على المستوى الاستراتيجي والشروع في برنامج إصلاح رئيسي في قطاع الأمن، والالتزام بقراري مجلس الأمن 1701 و2272، واستعداد لبنان لإرسال المزيد من جنود الجيش اللبناني إلى الجنوب ونيته في نشر فوج نموذجي، كاشفاً عن العمل على إنشاء وحدة متخصصة بالأمن الإنساني باشراف رئاسة مجلس الوزراء، تركز على رفع الوعي الوطني حول مخاطر حيازة واستخدام الأسلحة النارية من قبل المدنيين، موضحاً انه كخطوة مستقبلية تخطط الحكومة لإنشاء لجنة وطنية للأسلحة النارية، لافتاً إلى أن هذه الخطوات تؤكد الالتزام على أكثر من صعيد في برنامج عمل الأمم المتحدة لمنع ومكافحة وإزالة الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة في جميع جوانبه.

وفي المؤتمر الصحفي المشترك الذي اعقب الافتتاح والتقاط الصورة التذكارية مع رئيس الوزراء الإيطالي والأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس، لفت الحريري إلى أن لبنان يستمر في تقديم خدمة عامة عالمية نيابة عن المجتمع الدولي من خلال استضافة أولئك الذين هربوا من نظام الأسد، وانه أمّن لهم الدعم خلال السنوات الثماني الأخيرة، وقد أصبح مخيماً كبيراً للاجئين، مشيراً إلى اننا «كنا أول من طرد «داعش» خارج أراضيه، وقد تمكنا من القيام بذلك من خلال قدرات ضئيلة».

أما الرئيس الإيطالي، فرأى أن استقرار لبنان سيشهد إسهاماً كبيراً في هذا المؤتمر، مبدياً اعتقاده بأن مقاربة الرئيس الحريري والتي أكد فيها على سياسة النأي بالنفس مهمة لضمان استقرار لبنان وتشكل إسهاماً لبنانياً في استقرار المنطقة. والمعنى نفسه أكّد عليه غوتيرس عندما قال أن «هذه هي اللحظة التي يتعين فيها على الأسرة الدولية ان تعرب عن التزامها التام بوحدة واستقرار لبنان وسيادته ووحدة اراضيه»، معتبراً أن لبنان هو إحدى الركائز القليلة للاستقرار والأمن في المنطقة، ومن الضروري جداً الحفاظ على هذا الواقع.