Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر November 9, 2021
A A A
مؤتمر جنيف لبناء دولة ووطن
الكاتب: نون - اللواء

من المحزن فعلاً أن تضطر النخب اللبنانية إلى الذهاب إلى الخارج لمناقشة أوضاع البلد، والبحث في السبل الكفيلة بإخراج الوطن من سلسلة الأزمات التي يتخبط فيها لبنان، في ظل هذا العجز المتمادي للطبقة الحاكمة في إدارة شؤون البلاد والعباد في زمن الإنهيارات الموجعة.

مؤتمر جنيف الدولي «لبناء دولة ووطن في لبنان»، الذي تم إفتتاح جلساته أمس في جامعة جنيف، بتنظيم من المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والإعلام ورئيسه العميد الدكتور علي عواد، هو حلقة جديدة من مسلسل الحلقات المستمرة في أكثر من بلد، لمناقشة الأحوال المتدهورة، وإمكانية تحقيق التغيير المنشود من خلال الإنتخابات النيابية المقبلة، للتخلص من أوسع قاعدة ممكنة من البنية السياسية الفاسدة، والتي أصبحت منبوذة من الأكثرية الساحقة من اللبنانيين.

الأفكار المطروحة في جلسات المؤتمر تُعتبر متقدمة بأشواط بعيدة على الطروحات الإصلاحية المتداولة من الحكومة الحالية، أو حتى من بعض الأطراف الحزبية. اللبنانيون في الخارج يرون مشاكل بلدهم بوضوح أكثر من المُستنزفين في الداخل، ويعيشون تجارب وخبرات مع مجتمعات ديموقراطية أكثر تقدماً، خاصة وأن معظم الدول أصبحت متشابهة في تركيباتها التعددية السياسية عموماً، وخاصة الإختلاط العنصري والديني والثقافي، والتي تستوعبها الدول الديموقراطية من خلال التعامل مع الجميع بمعيار المواطنة، وتغليب المساواة والكفاءة على ما عداها من إعتبارات شوفينية وإيديلوجية معلبة أو متطرفة.

الظاهرة الملفتة في المؤتمر هي تعلق اللبنانيين المغتربين، والذين جاؤوا من دول أوروبية مختلفة، ببلدهم وإستعدادهم لبذل كل مساعدة ممكنة لوطنهم ومواطنيهم في المحنة الحالية، شرط أن يتم ذلك من خلال مؤسسات المجتمع المدني التي تتمتع بمصداقية وخبرات كافية، لإيصال المساعدات إلى مستحقيها، بعدما تخلّفت الدولة عن القيام بمسؤولياتها البديهية للتخفيف من معاناة الناس في هذه الظروف الصعبة، حيث مازالت البطاقة التمويلية مجرد حبر على ورق، وفقدت أكثر من نصف قدرتها الشرائية، منذ أن بدأ البحث في إعدادها في عهد الحكومة السابقة، والأنكى أن تذهب الحكومة الحالية أيضاً قبل أن تضع البطاقة التمويلية موضع التنفيذ.

اللبنانيون في الداخل والخارج، الأشقاء والأصدقاء العرب والأجانب، الكل يحب لبنان أكثر من أطراف هذه المنظومة السياسية الفاسدة، والتي أجرمت بحق هذا الشعب المقهور، من دون أن يرف لها جفن، .. وكأن أطرافها لم يسمعوا بالقول المأثور: اللي إستحوا ماتوا!!