Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر August 7, 2023
A A A
مآسٍ متراكمة فوق مأساة الضحايا
الكاتب: د. فاديا كيروز - اللواء

مؤلمة هي ذكرى ٤ آب بكل ما تحمله من شعارات وإيحاءات، وبكل ما تسببه من وجع في القلوب وفي النفوس، وبكل ما تثيره من غضب ونقمة ضد المسبّبين والمقصّرين، سواء من أهل السلطة أو من مؤسساتها الأمنية والقضائية.
لا مثيل لما حدث في لبنان في كتب التاريخ القديم والحديث. حيث تقع واقعة بحجم ثالث إنفجار نووي في العالم، والتحقيق مازال مجمداً وعاجزاً عن تحديد الأسباب والمسؤوليات، وكشف أسماء الجهة، أو الجهات المتورطة في جلب هذه المواد المدمرة وتخزينها لسنوات طويلة في عراء المرفأ، المتفلّت من الرقابات الإدارية والرسمية، ولمصلحة مَن كان إستخدامها المريب.

عائلات الضحايا تحولت إلى مجموعة متحركة في الشوارع، بعدما أصم المسؤولون آذانهم عن سماع صرخات الأبناء اليتامى، ورفضوا سماع أنين الأمهات الثكالى، وأنكروا على أخوات وإخوان الشهداء حقهم بالتظاهر والمطالبة بالحقيقة والعدالة. بل أصبح بعض الأهالي موضوع ملاحقات أمنية وقضائية، وتم توقيف بعضهم، «على عينك يا تاجر»، لأنهم تجرؤوا على القول للمسؤول المتخاذل انت جبان ولا تستحق أن تكون في مواقع المسؤولية.
والأبشع من كل ذلك أن هذه الكارثة الإنسانية، تحوّلت إلى فرصة للإستغلال البشع، ونهب المساعدات وتكديس الثروات، عند العديد ممن إدعّوا زوراً وبهتاناً، أنهم جمعيات إجتماعية، وتحمل هويات NGO مزورة، حيث حصلوا على الأموال من المؤسسات والهيئات الخارجية، وتواروا عن الأنظار بوعودهم العرقوبية، تاركين خلفهم آلاف العائلات المشردة من منازلها، والمئات من البيوت المهدمة أو المتضررة بشكل فادح، وتحتاج لكل أنواع الدعم لإصلاحها.
حتى الجرحى والمرضى لم يحصلوا إلا على النزر اليسير من المساعدات التي تدفقت على البلد المفجوع بضخامة الإنفجار من جهة، وبتقصير دولته ومؤسساتها في توفير متطلبات بلسمة الجراح من جهة ثانية، وفي تخفيف معاناة الهجرة من البيوت والأحياء المتضررة، بتقديم المساعدات المالية والعينية الفورية، وإنجاز المسح الكامل للأضرار بالسرعة اللازمة.
على من تقرأ مزاميرك يا داوود في الملاحقة لكشف الحقيقة، وفي المحاسبة لتحقيق العدالة في بلد الفساد!