Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر April 13, 2017
A A A
ليَكن كبيركم خادمكم … خميس الاسرار
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

إنه اليوم الرابع من أسبوع الآلام، يوم “خميس الأسرار”، فيه احتفل يسوع بالعشاء السرّيّ وأسس سرّ الإفخارستيا أو القربان، وسرّ الكهنوت بقوله: “إصنَعوا هذا لذكري”. يُسمّى أيضاً “خميس الغسل” إذ أن الكاهن يقوم، أثناء القدّاس برتبة “غَسْل الأرجل” مقتدياً بالمسيح الذي غسل أرجُل تلاميذه كما يزور المؤمنون في هذا اليوم سبع كنائس.
– سر المناولة: لمّا قربت ساعة انتقال السيد يسوع المسيح من هذا العالم إلى أبيه، أظهر محبّته بشكل لا يخطر على بال إنسان، حيث أخذ خبزا وخمرا، أهمّ مكوّنات الغذاء اليومي للإنسان، وباركهما حتّى يبقيا نبع ومبعث الحياة الجسديّة فينا. والعجيب في الأمر أنّ هذه المباركة من فمه ويديه، أحدثت أكبر أعجوبة دائمة في كنيسته، وهي تثبيت وجوده، جسديّا وروحيّا بيننا “خذوا فكلوا هذا هو جسدي، خذوا فاشربوا هذه الكأس هي كأس دمي للعهد الجديد الّذي يراق من اجلكم ومن اجل الكثيرين. إصنعوا هذا لذكري”! ثلاث جمل هي من أروع العبارات في الكتاب المقدّس، لا تمرّ ثانية من السّاعة حتّى تتكرّر مرات المرّات في العالم على فم الكهنة.
– سر الاعتراف: لقد أخذ سرّ التوبة شكله المتواتر مع نمو حركة الإرشاد الروحي التي نشطت في أديرة الرهبان ابتداءً من القرن السادس. فالتوبة هي خبرة متواصلة، هذا ما تدلُّ عليه الكلمة اليونانية Metanoia – Métanoïa أي التغيير الجذري والمستمر للذات. كان المؤمن الملتزم في هذه الفترة يتردد إلى أحد الرهبان لكي يرافقه في مسيرته الروحية، فيعترف له بخطاياه خلال طلبه الإرشاد، والراهب كان بدوره يقدم للتائب والمسترشد النصائح المناسبة ويفرض عليه بعض الممارسات التقوية ليجدد من خلالها علاقته بالرب، وإن كان هذا الراهب كاهناً يمنحه “الحل” من خطاياه وإلا يوجهه إلى الأسقف أو الكاهن المأذون لذلك.

ولقد أقرّ المجمع اللاتراني الرابع سنة 1215 ضرورة “الاعتراف السنوي”، وذلك للتحقق من صحة الإيمان لدى المسيحيين في عصر كثرت فيه البدع والهرطقات. ويؤكد المجمع على أن من لا يتقدم من هذا الاعتراف الإجباري السنوي يحرم ويفصل من الكنيسة.
– العشاء السري: العشاء الأخير طبقًا للعهد الجديد، هو عشاء عيد الفصح اليهودي التقليدي، وكان آخر ما احتفل به يسوع مع تلاميذه، قبل أن يتم اعتقاله ومحاكمته وصلبه ويعتبر الحدث شديد الأهمية، إذ تأسس به سر القربان، وقدّم فيه يسوع خلاصة تعاليمه. الحدث يمثل المقابل الإنجيلي لمناسبة خميس الأسرار.
– خميس الغسل: هناك تقليد في الكنيسة حيث يقوم الكاهن في هذا اليوم خلال القداس الإلهي بغسل أقدام اثني عشرة شخصاً يرمزون إلى عدد رسل المسيح تحت عنوان “ليكن كبيركم خادمكم”.
–  زيارة الكنائس السبع: يزور المؤمنون سبع كنائس، متأملين بمراحل محاكمة يسوع وآلامه بحسب الترتيب الآتي: عليّة العشاء السريّ، جتسمانيّة، اي ما يعرف بـ “بستان الزيتون”، في المجلس عند قيافا، في قلعة أنطونيا عند بيلاطُس، عند هيرودُس، عند بيلاطُس مجدّداً، الجلجلة.

نشأت هذه العبادة القديمة في أورشليم – فلسطين، مع أولى إطلالات المسيحيّة، حيث كان يجتمع المؤمنون كلّ سنةٍ في ليلة خميس الأسرار “عند الساعة الأولى مِن الليل (أي السابعة مساءً) في كنيسة الإيليونا وهي الكنيسة الواقعة في جبل الزيتون، يُصلّون ويُرنّمون، إلى أن ينطلقوا بمسيرة مصلّية نحو قمّة جبل الإمبومون حيث “خرّ يسوع على ركبتيه وجعل يُصلّي”، ويبقَون هناك في الكنيسة مستمعين إلى الإنجيل حتّى صِياح الديك. مِنْ ثَمَّ ينحدرون إلى جتسمانية حيث أُلقيَ القبض على يسوع، ويُصلّون ويسمعون الإنجيل ثمّ يتوجّهون إلى باب المدينة، فالمدينة حتّى الصليب”.

في مطلع القرن السادس عشر نُظّمت هذه العبادة بسَعْيِ القدّيسFilippo Neri  في مدينة روما الإيطاليّة.

10-2017-web-size 3-2017-web-size img_4789
<
>