Beirut weather 15.41 ° C
تاريخ النشر September 13, 2023
A A A
لودريان يستكمل مُبادرته تحت سقف إجماع “الخماسيّة” ويدعم دعوة برّي للحوار!
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

بدأ الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان زيارته الثالثة الى لبنان، على أمل إحداث خرق ما في جدار الأزمة الرئاسية، في ظلّ استمرار الغموض حول ما ستحمله من نتائج، يؤمل أن تؤدّي الى كسر للجمود الرئاسي الحاصل، رغم كلّ المبادرات الداخلية والخارجية. ولم يشأ الموفد الفرنسي الذي زار امس عددا من الشخصيات السياسية والروحية والعسكرية، الإفصاح عن مضمون زيارته الحالية قبل إنهاء محادثاته مع المسؤولين. وهو سيُكثّفها اليوم وغداً الخميس، ما يعني انّه أطال إقامته في بيروت علّه يتمكّن من “إقناع” الرافضين للحوار من الجلوس الى طاولته، إن في قصر الصنوبر في حضوره، أو في مجلس النوّاب، من خلال اعتبار أنّ “من يرفض الحوار هو من لا يريد مصلحة الوطن، ويُعطّل بالتالي انتخاب الرئيس”…

وتقول مصادر سياسية مطّلعة على جولة لودريان الذي قال بأنّه هنا في لبنان لإكمال مهمّته، بأنّه يدعم مبادرة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي التي تتشابه كثيراً مع مبادرته، لا سيما إذا بقي 7 ايّام في بيروت، على غرار عدد الأيام التي دعا برّي الى الحوار خلالها تحت قبّة البرلمان، على أن تنتهي بجلسات مفتوحة ومتتالية لانتخاب الرئيس، الأمر الذي يسعى اليه الموفد الفرنسي في حال جرى التوافق على إسم رئيس الجمهورية في ظلّ وجوده في بيروت.

 

غير أنّ طريق لودريان، كما مسار برّي، لا تبدو سالكة وآمنة في ظلّ تجديد قوى المعارضة (أي “القوّات” و”الكتائب” و”التجدّد” وعدد من النوّاب “التغييريين” و”المستقلّين” ويصل عددهم الى 31 نائباً)، رفضها للحوار من أي جهة أتت، على اعتبار أن لا جدوى منه. فضلاً عمّا أبلغه وليد جنبلاط للفرنسييين بأنّه لن يُلبّي أي دعوة للحوار في قصر الصنوبر، لا هو ولا نجله تيمور، مشيراً الى أنّه “بإمكان لودريان أن يزورنا في بيوتنا بعدما زرناه سابقاً”. وهذا أمر لم يُفاجىء الموفد الفرنسي، على ما أشارت المصادر، إذ سبق وأن اطلع على جميع المواقف السياسية من خلال إجابة النوّاب الـ 38 الممثّلين للكتل النيابية خطيّاً على سؤالَيه حول مواصفات ومهام أو برنامج الرئيس للسنوات الست المقبلة.

وأوضحت المصادر نفسها بأنّ الموقف الفرنسي أصبح اكثر صراحة وقُرباً من الموقف السعودي، وإن لم يحصل لقاء ماكرون مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في نيودلهي على النحو الذي كان متوقّعاً، ومن إجماع اللجنة الخماسية وبيانها الذي كانت تتمايز فرنسا عنه. وهذا يعني بأنّ لودريان تمكّن من جعل بلاده أكثر التحاماً بما ستقرّره الخماسية بالنسبة للملف الرئاسي في لبنان، لا سيما بعد اطلاعها على مطالب جميع القوى السياسية. ولهذا يشجّع لودريان لبنان، ويدعم مبادرة برّي إذ لا سبيل للخروج من الأزمة الراهنة إلّا بالحوار.

وذكرت المصادر بأنّ فرنسا تعمل على خط مساعدة لبنان في كلّ وقت، واليوم من خلال مبادرة لودريان، التي تُجسّد موقف الخماسية وبيانها، تمكّن لودريان من توحيد القرار الفرنسي أولاً فيما خصّ الملف اللبناني، ويسعى خلال جولته الحالية من إيجاد نقاط مشتركة بين الأفرقاء السياسيين يُمكن البناء عليها، وربما طرح أسماء مرشّحين جُدد، علّه يتمّ الإتفاق على أحدهم. والمهمّ أن مسعى لودريان يأتي من ضمن المبادرة الفرنسية الشاملة، وتحت مظلّة اللجنة الخماسية. فمتى انتقل الى تسلّم مهامه في العُلا في السعودية كرئيس لوكالة التنمية الفرنسية فيها، سيُسلّم مهامه على الأرجح الى الموفد القطري الذي سيزور لبنان بعد أسبوع.

واعتبرت المصادر عينها أنّ المبادرة الفرنسية التي ينعيها البعض قائلاً بأنّها “ماتت”، لم تمت حتى الساعة، والدليل هو أنّها جزء من مبادرة اللجنة الخماسية. وبقدر ما يتمكّن مسعى لودريان أو سواه من الفرنسيين من خدمة المبادرة الخماسية، والبيان الثلاثي الصادر في أيلول من العام الماضي وسيجري تكريسه خلال اجتماع اللجنة المرتقب، بقدر ما تتحقّق مصلحة لبنان في التوصّل الى انتخاب رئيس للجمهورية.

ومن المهم التأكيد، وفق ما أضافت المصادر، على أنّ الموقف الفرنسي لا يتباين مع الموقف السعودي، بل هما متقاربان، خصوصاً مع ما ينتظر المنطقة والعالم من تسويات إقليمية ودولية، لا بدّ وأن ترسو بتداعياتها الإيجابية على عدد من دول الشرق الأوسط، ومن ضمنها لبنان. وهذا يعني بأنّ ليس من تناقض بين الموقفين الفرنسي والسعودي، على ما يُصوّر البعض، وإن لم يُعقد لقاء ماكرون – بن سلمان.

من هنا، فإنّ جهود الخماسية ستستمرّ حتى بعد انتهاء مهمّة لودريان، على ما شدّدت المصادر، وإن لم تؤدّ الى نتيجة سريعة. علماً بأنّ فرنسا لم تُحدّد أي موعد نهائي لإنهاء مهمة لودريان في لبنان، وإن جرى تعيينه في منصب جديد في السعودية، خلافاً لما يجري الحديث عنه في بيروت عن أنّ زيارته الحالية ستكون الأخيرة، ما يعني بأنّه سيستمرّ في مسعاه تحت سقف إجماع اللجنة الخماسية والبيان الثلاثي، أمّا الهدف فإنهاء الشغور الرئاسي الذي يقترب من عامه الاول، ومساعدة لبنان للخروج من أزماته الراهنة. علماً بأنّ التوافق قائم بين فرنسا واللجنة الخماسية على مواصفات الرئيس وليس من أي خلاف عليها.