Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر February 25, 2022
A A A
لودريان في بيروت الأسبوع المقبل: لإجراء الإستحقاقات في مواعيدها وتحقيق الإصلاحات ومنع أي خضّة أمنية
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

لن تكون زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان المرتقبة الى لبنان في أوائل آذار المقبل، مثيلة لسابقاتها، لا سيما الأخيرة منها التي حصلت في 6 و7 آيّار من العام الماضي 2021، عندما جاء لـ «يُؤنّب» المسؤولين اللبنانيين، و»يُهدّد» المعرقلين منهم تأليف الحكومة آنذاك بالعقوبات الأوروبية، أو ليضغط من أجل تشكيل الحكومة ولتنفيذ المبادرة الفرنسية، أو ليُذكّر بما سبق أن حذّره منه قبل هذه الزيارة بتسعة أشهر، من «خطر زوال لبنان»… فأهمّ هذه الأمور جرى في الفترة الماضية مع تشكيل «حكومة معاً للإنقاذ» التي ترأسها نجيب ميقاتي بضمانات خارجية.. ولكن هل سُوّيت الأمور مع تأليف الحكومة الحالية وجرى تطبيق «خارطة الطريق» الفرنسية، وأصبحت فرنسا راضية عن أداء المسؤولين اللبنانيين؟ وما الذي سيحمله لودريان في جعبته لهم خلال هذه الزيارة؟!

مصادر سياسية مطّلعة أوضحت أنّ الملف اللبناني كان أحد الملفات التي جرت مناقشتها على هامش المؤتمر الأمني الذي عُقد في ميونيخ في ألمانيا الأسبوع الماضي (في 19 شباط)، وحضره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. كما ذكر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّه أثار القضية اللبنانية مع نظيره الفرنسي. وكان ميقاتي أيضاً أجرى محادثات مع لودريان على هامش هذا المؤتمر كذلك، وجرى الإتفاق على استكمالها خلال زيارة الموفد الفرنسي المرتقبة قريباً الى لبنان، وأطلع ميقاتي بعد عودته من ميونيخ رئيس الجمهورية ميشال عون على أجواء المؤتمر والمداولات المتعلّقة باستراتيجية الكهرباء.

وهذا يعني، على ما أضافت المصادر، بأنّ لودريان خلال زيارته المرتقبة سينقل للمسؤولين مواقف بلاده، كما موقف الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي ككلّ الذي يُراقب لبنان، وأبرزها حالياً «إجراء الإنتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية دون أي تأجيل أو تمديد للمجلس النيابي الحالي»، على أن تكون حرّة ونزيهة وشفّافة وتوصل الممثلين الفعليين عن الشعب اللبناني الى المجلس النيابي. فهذا الإستحقاق ضروري جدّاً، بالنسبة لباريس وواشنطن، ولا يجب التفريط به لأي سبب كان، سيما وأنّه يُحكى عن إمكانية «تطيير» هذه الإنتخابات لسبب أو لآخر من قبل بعض الأحزاب التي قد تشعر بأنّها ستكون خاسرة فيها. كما سيُشدّد لودريان على ضرورة إجراء الإنتخابات الرئاسية في تشرين الأول المقبل، من قبل هذا المجلس الجديد، بغية «تغيير» الطبقة السياسية الحاكمة التي قامت انتفاضة 17 تشرين الأول في العام 2019 من أجل إزاحتها من مكانها، تحت شعار «كلّن يعني كلّن»، متّهمة إيّاها بالفساد والإهمال وسوء الإدارة وبسرقة الأموال العامّة.

أمّا الأزمة الإقتصادية والمالية الخانقة التي يعيشها لبنان، وأدّت الى تفقير وتجويع وبطالة أكثر من 70 % من الشعب اللبناني، فلا يُمكن الخروج منها سوى بإجراء الإصلاحات المطلوبة، ولهذا سينوّه بأول خطوة منها قامت بها الحكومة الحالية، على ما أوضحت المصادر نفسها، أي عملية استجرار الغاز والطاقة من مصر والأردن التي وُضعت على السكّة الصحيحة، رغم أنّ الكهرباء لم تصل بعد الى المنازل والشركات والمؤسسات، بل يتطلّب هذا الأمر بضعة أشهر بعد. من هنا، سيُشجّع لودريان على ضرورة استكمال هذه الخطة، والإسراع في تأمين الكهرباء للمواطنين، والإنتقال الى ملفات إصلاحية أخرى لكي يتمكّن المجتمع الدولي ومن ضمنه فرنسا مدّ يدّ المساعدة للحكومة اللبنانية.

ولفتت المصادر الى أنّ لودريان سيؤكّد مرّة جديدة بأنّه على لبنان المُضي قُدماً في الإصلاحات المطلوبة التي لا تزال تُشكّل أولوية بالنسبة لفرنسا والدول الأوروبية وحتى بالنسبة للدول المانحة، لحصول لبنان على أموال «مؤتمر سيدر»، كما لعقد الإتفاقية مع صندوق النقد الدولي التي تهدف الى تحسين الوضع الإقتصادي وصولاً الى تحقيق التعافي من جديد. كما سيُشدّد على ضرورة الحفاظ على الأمن والإستقرار في البلاد، كما على الحدود الجنوبية، لتمرير الإستحقاقين المرتقبين من دون أي خضّة أمنية كونها قد تنسفهما من دون أدنى شكّ.

وذكرت المصادر عينها بأنّه من المتوقّع أن يلتقي لودريان خلال زيارته المرتقبة أوائل الأسبوع المقبل، بممثّلي المجتمع المدني ومجموعات المعارضة، للإطلاع منهم على الخطوات التي يقومون بها لخوض المعارك الإنتخابية في الدوائر الـ 15. علماً بأنّه لم يتمّ العمل بعد على توحيد الصفوف لكي يتمكّن المعارضون من الوقوف بشكل قوي في وجه لوائح السلطة، وقد لن يتوحّدوا بل سيتوزّعون على لوائح تنافسية عدّة. وتجدر الإشارة الى أنّ غياب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري و»تيّار المستقبل» عن الساحة السياسية والمشهد الإنتخابي، قد يُفسح في المجال أمام هذه المجموعات لربح المقاعد الحريرية في دوائر عدّة، لا سيما إذا ما قرّر الناخب السنّي الإقبال على الإقتراع وضدّ السلطة التي لم يخرج منها بعد انتفاضة 17 تشرين سوى الحريري.

من هنا، تجد المصادر بأنّ وزير الخارجية الفرنسي سيُمنّي النفس بأن تكون «قوى التغيير والمعارضة» قادرة على انتزاع بعض المقاعد النيابية من أهل السلطة، لتشكيل كتلة تغييرية، ولو صغيرة بالدرجة الأولى من 15 الى 20 نائباً، تكون قادرة على وضع أسس بناء الدولة من داخل البرلمان، على أن يتضاعف حجمها خلال الدورات الإنتخابية اللاحقة. ففرنسا تُشجّع على «التغيير» ضمن الأسس الديموقراطية، و»العقد السياسي الجديد» الذي تحدّث عنه الرئيس إيمانويل ماكرون يبدأ من هنا، أي من المجلس النيابي، على أن يُستكمل فيما بعد على صعيد الحكومة ومن ثمّ رئاسة الجمهورية.

كذلك سيتطرّق الموفد الفرنسي، على ما أضافت المصادر، الى موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي، كون شركة «توتال» الفرنسية ترأس تحالف الكونسورتيوم الذي لزّمه لبنان عمليات التنقيب والإستكشاف في البلوكين 4 و9. علماً بأنّها تعمل اليوم على تأجيل بدء عملها في البلوك 9 بسبب الخلاف على المنطقة المتنازع عليها بين لبنان والعدو الإسرائيلي، الأمر الذي لا يُشجّعها على المجيء لبدء عملها في المنطقة البحرية، بل بتأجيل هذا الأمر الى السنة المقبلة، ريثما يكون الجانبان قد اتفقا على مسألة الترسيم، أو تقاسم موارد الحقول النفطية.