Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر June 18, 2022
A A A
لهذه الأسباب لم يلجأ لبنان إلى التحكيم الدولي .. 600 مليار دولار بين الخطين 23 و29؟
الكاتب: عمار نعمة - اللواء

منذ مغادرة المبعوث الأميركي آموس هوكستين الأراضي اللبنانية بعد لقائه المسؤولين اللبنانيين، والأسئلة تُطرح غزيرة حول مفاوضاته مع لبنان الذي خرج هذه المرة بموقف مُوحد في القضية وإن ما زالت التساؤلات قائمة حول سبب عدم تعديل رئيس الجمهورية ميشال عون للمرسوم 6433، علماً بأن البعض ردد بأن عون أبلغ المبعوث الأميركي بأن لا تنقيب إسرائيلياً في حقل “كاريش” من دون تنقيب لبنانيّ بالتوازي.

ويرتقب لبنان عودة المبعوث الأميركي، الذي جاء مستمعاً وسيعود ليُبلغ المسؤولين بماهية الرد الاسرائيلي على الملاحظات اللبنانية التي تمحورت حول الخط 23 وتمسك لبنان بحقل “قانا”.

لكن سؤالاً طُرح لدى المتابعين قبل مقاربة مهمة هوكستين، عن سبب اعتماد لبنان على وسيط أميركي “منحاز” بالطبيعة الى المطالب الإسرائيلية، وعدم رفع لبنان الأمر إلى التحكيم الدولي، لماذا حصل ذلك؟

الخبير في القانون الدولي والأستاذ الجامعي علي فضل الله، يجيب على هذا السؤال لـ”اللواء”، بالقول إن لبنان في حالة عداء مع إسرائيل وسيعني التحكيم الدولي الجلوس مع العدو حول طاولة واحدة ليصبح الإدعاء والدفاع وجهاً لوجه. ويشير الى أن الإطارين المتاحين هنا على الصعيد القضائي الدولي هما إما غرف التحكيم وإما محكمة العدل الدولية حيث سيتعين على لبنان رفع دعوى ويُشترط هنا موافقة الدولة المُدعى عليها.

وبينما سيتخذ الأمر وقتاً، يطرح فضل الله السؤال: ما الذي يُدريك بعد ذلك بقرار المحكمة؟ فنحن لا نضمن النتائج، إضافة الى نقطة ثالثة للأسف وهي أننا يجب ان نعترف بأن الأداء القانوني لعدوِّك أفضل وأقوى من لبنان، وبعد كل الوقت الذي سيضيع سيكون القرار الدولي الذي سيصدر مُلزماً.

لبنان حريص على خاطر الأميركيين

وعلى صعيد زيارة المبعوث الأميركي، يلفت الخبير القانوني النظر إلى أن القائمين على الدولة يحرصون جداً على خاطر الاميركيين وهم حتى يعجزون عن الاعتراض أو الانتقاد.

هو يعود بالتخبط اللبناني الى سنوات مضت، تحديدا الى العام 2011 حين قدّم المكتب الهيروغليفي البريطاني معلومات حول الموضوع وأعطى لبنان ما هو حتى أكثر من الخط 29 ومن ثم اعتمدت قيادة الجيش هذا الخط العام 2018.

ويشير الى أن في فن التفاوض هناك أصول، “فلا أحد يقدم هذا الخط على أنه تفاوضي، عليك أن تطلب الأعلى لكي تتنازل قليلا وتأخذ الاقل، وهذا يدل على الموقف الرسمي المثقل بالخوف إضافة الى ضغط الحالة المالية والاقتصادية”.

ولكن ماذا عن تقييم الزيارة نفسها؟

“الواقع أن لا أحد سعيد بمسار الأمور. فقد حضر هوكستين بعد مطالبات حثيثة وفي التفاوض هذا له معنى عبر تعمّد التأخر وما كان ليأتي لولا ورقة قوة المقاومة التي يمتلكها لبنان”.

لا معنى لـ”قانا” مقابل “كاريش”

على أن الموقف الموحَّد كان ايجابيا، لكن ما تردد حول معادلة “قانا” مقابل “كاريش”، لا معنى له في القانون الدولي حيث ليس هناك ما يعرف بخط متعرج، “إما ترسيم وإما لا ترسيم، وبالحديث عن خط متعرج نصبح أمام تسوية وليس ترسيم، ثم ان حقل “كاريش” مخزوناته ثابتة أما “قانا” فلا دراسة تؤكد أنه يحتوي على الغاز”.

واذ يُذكِّر بدراسة سُربت إسرائيليا ثم سُحبت بعد ضجة حصلت، تقول إن بين الخطين 23 و29 هناك 600 مليار دولا كإستثمار لـ 30 سنة، يسأل: من يضمن أن لا يكون الاسرائيلي قد بدأ منذ زمن الاستخراج بينما لا نمتلك نحن الداتا الكافية؟ لماذا لم نطلب في الحد الأدنى من شركات متخصصة أن تأتي للتنقيب وتعلن النتائج ثم نفاوض على الخط؟

من هنا فإن مطالبات لبنان غير كافية ويجب تعديل المرسوم 6433 وبعثه الى على الامم المتحدة ولحظ ما جاء به المكتب البريطاني عن الخط 29 وعندها يصبح على الجانب الاسرائيلي التوقف.

الرفض الإسرائيلي رسالة تصعيد

يؤكد الخبير في القانون الدولي تمسكه بالخط 29 إلى النهاية، “لكن ما قدمه المسؤولون اللبنانيون من المفترض أن يقبل به الإسرائيلي لكون لبنان يقبل بالحد الأدنى وعدم تعديل المرسوم يشكل رسالة لبنانية بتجنب التصعيد، وفي حال الرفض فهذا يعني أن الإسرائيلي يريد “المشكل” ولا يريد التسكين وهو أصلا في حالة هجوم مستمرة وعندما يراك تقبل بالحد بالأدنى فسيطلب أكثر وقد يطالب بخط هوف ويصبح الخط 23 الهدف والإنجاز، فلا أحد يضمن الإسرائيلي الذي كان يسرق تراب الجنوب فماذا اليوم عن الغاز والنفط؟”.

ثمة سؤال هنا حول طلب لبنان من شركات دول لا تدور بالفلك الأميركي التنقيب في البلوكات غير المتنازع عليها.

يشير فضل الله الى أن روسيا من أكبر الدول إنتاجاً للنفط، وشركة “غاز بروم” معروفة، “لكن العتب على الحكومة اللبنانية بسبب عدم السؤال والإستفسار عنها فلا خطط على هذا الصعيد، ولا تستبعد أن تكشف وثائق “ويكيليس” عن كلام البعض في لبنان الرسمي عن رفض التنقيب الروسي أوالصيني”.

على أن حل الأزمة، حسب فضل الله، لا يبدأ باستخراج النفط بل بتقرير رسمي واحد لشركة معترف بها عالميا بوجود مخزونات نفطية، وعندها يظهر لبنان أمام العالم ممتلكاً للأصول، ومصدر ثقة لاستجلاب الأموال.

ويلفت النظر الى أن الأميركيين منذ زمن الرئيس السابق دونالد ترامب، فرضوا بعد الحديث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على الأخير أن يُبلغ شركة “توتال” بقرار عدم التنقيب في لبنان، ليخرج القول إن لا نفط في البلوكات المعنية، وهو قرار واضح بعدم التنقيب في كل السواحل اللبنانية وليس فقط البلوكات الجنوبية.

ماذا عن الحرب؟
المهم اليوم ما سيحدث ميدانياً، حسب الأستاذ الجامعي: هناك سفينة ضخمة لا تستطيع الانتظار ويجب أن لا ننسى أن هناك تأمينات وإذا بدأتَ بالإستخراج فماذا سيكون الرد؟ قد نلحظ ليناً إسرائيليا لنزع فتيل الاشتباك أو الحرب تحت عنوان أن العالم وأميركا وأوروبا هم على استعجال. ولكن من قال إن الروسي لا يريد حربا في المنطقة؟ ذلك سيرفع أسعار النفط والغاز ثم سيشتت الانتباه عما يحدث مع أوكرانيا، كما أنه سيورط الأميركي الذي لا يبدو أنه يريد حرباً وهو على أبواب الانتخابات.

ويخلص إلى أن احتمالات الحرب غير مطروحة كثيراً بل هناك تحضير لمسرح الحرب لاستغلاله لبناء معادلات وتغيير قواعد الاشتباك، لكن الأمور مفتوحة وممكن لأية غفلة وإستفزاز أن يؤديا الى أمر ما.