Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر March 24, 2020
A A A
لهذه الأسباب طـالـــب بـــري بإعلان حالــة الطــوارئ الوطـنيّة
الكاتب: حسن سلامه - الديار

طلب الرئيس نبيه بري باعلان حالة طوارئ فورية، لم يأت من فراغ، بل تفرضه ضرورات وطنية كبرى في ظل ما يواجهه لبنان واللبنانيون من ازمات وانحدار في الاوضاع كافة بسبب الانهيار المالي والحياتي والاقتصادي وجاء انتشار وباء كورونا ليفاقم كل هذه الازمات الى حدود لم يكن يتوقعها اي طرف او فريق لبناني، والدعوة الى اعلان حالة طوارئ وطنية وموجباتها واسبابها تطرقت اليها في مقالتي الاسبوع الماضي، وبات مطلوباً من الحكومة ان تسارع لاعلان حالة الطوارئ بعد ان كشف الرئيس بري انه طالب رئيس الحكومة حسان دياب بذلك، وان الاخير وعده بذلك لكن لم اعرف ما هو سبب عدم اتخاذ هذا القرار.

ولماذا مجدداً، الحاجة لاعلان حالة الطوارئ الفورية، وما هي الضرورات الوطنية التي تفترض اتخاذ هذا القرار اليوم قبل الغد؟

وفق تأكيد مصدر سياسي بارز ان هناك اسباباً وضرورات وطنية واساسية كبرى باتت تستدعي مسارعة الحكومة الى اعلان حالة الطوارئ الوطنية، انطلاقاً من مجموعة اعتبارات وموجبات يصعب بل يستحيل تحقيقها دون هذا التوجه، ومن ابرزها الاتي:

1- ضرورات وحيثيات مواجهة تداعيات انتشار كورونا والقلق الذي يساور المسؤولين وكل اللبنانيين من تزايد عدد المصابين بوباء كورونا. وما تفترضه المصلحة الوطنية والانسانية من منع حظر التجول بالكامل، للحد من انتشار الوباء وما يتطلبه ذلك من امكانات غير متوافرة لدى خزينة الدولة لتحمل الاعباء التي استجدت بعد انتشار كورونا واحتمال ارتفاع عدد المصابين الى ارقام اكثر بكثير من العدد الذي سجلته وزارة الصحة، فهذه الاعباء تشتمل عشرات الابواب والمرافق، بدءاً من المرافق الاستشفائية والبلديات واجهزة الصليب الاحمر والدفاع المدني، والقوى الامنية المختلفة التي ستكون في جاهزية كاملة لتطبيق موجبات حالة الطوارئ على مستويات مختلفة.

2- مع استمرار الضبابية التي تكتنف مرحلة التعبئة العامة، وما يستتبعها من جمود وتوقف كل المرافق العامة والخاصة، مع استثناءات قليلة (صيدليات والسلع والمواد الغذائية)، فهذا الكابوس الذي فرض على اللبنانيين، خصوصاً في ظل ما يعلن عنه لدى الجهات الدولة المعنية بمخاطر وباء كورونا من ان تمكن اي دولة من محاصرة هذا الوباء، وحتى لو تمكنت من انهائه كلياً، فهذا لا يحول دون انتشاره مجدداً، الى جانب الكلام عن ان اي دواء او لقاح يمكن لبعض الدول انتاجه في فترة قريبة (روسيا – الصين – ايران – الولايات المتحدة – فرنسا – المانيا ودول اخرى) لن يصل الى الاسواق قبل سنة من الان، ما يعني ان لبنان بحاجة الى امكانات ضخمة حتى يستطيع تجاوز هذه المرحلة.

3- هناك نسبة كبيرة من اللبنانيين لا يمكنها تحمل حتى اعباء فترة قصيرة من التزام المنازل وتعطيل حياتهم واعمالهم، فكيف يمكن لمئات الالاف الذين بلغوا الفقر المدقع تأمين الحد الادنى من مقومات حياتهم اليومية لهم ولعيالهم، في وقت تجاوزت البطالة في لبنان قبل ازمة تفشي كورونا ما يزيد عن 30 بالمئة، فيما بات اليوم كل الذين كانوا يؤمنون مستلزمات حياتهم يوماً بيوم، عاطلين من العمل ومعهم كل اللبنانيين، الى جانب الازمات التي ستصيب كل المرافق والمؤسسات الخاصة المختلفة، ومعها انخفاض واردات الخزينة الى الصفر، بالتوازي مع اعباء ضخمة استجدت على المالية العامة، لمواجهة تداعيات كورونا بما في ذلك، كل الفئات المعدومة والفقيرة.

4- تبين بعد اسبوع من اتخاذ مجلس الوزراء لمجموعة توجهات واجراءات بينها انشاء صندوق لتلقي الدعم، حتى تؤمن جزءاً من الاعباء المالية لمواجهة ما استجد من تبعات ومسؤوليات مالية على الخزينة العامة، ان بعض التبرعات التي قدمها عدد من الاثرياء، وناهبو المال العام والمصارف، لا تكفي حتى لمستشفى الرئيس رفيق الحريري ليتمكن من مواجهة الاعباء المالية المتزايدة يومياً، نتيجة ما سيتحمله المستشفى من ضغوط اكبر بكثير من طاقاته وامكاناته وامكانات الخزينة. وبالتالي، في حال اضطرت المستشفيات الحكومية والخاصة الى استقبال اعداد غير معروفة من المصابين بوباء كورونا، فذلك يتطلب عندئذ امكانات مالية كبيرة غير متوافرة، الى جانب اعباء الدولة للاستمرار في دفع رواتب القطاع العام ومساعدة العائلات المعدومة والفقيرة، ومعه مؤسسات خاصة كثيرة، فما قدم حتى الآن ينطبق عليه ما قاله النائب جميل السيد «هكذا يتبرع لصوص الدولة لحملة الكورونا – نهبوا مالكم بالجرافة ويتبرعون من جيبتكم بالقطارة ويتوقعون منكم ان تشكروهم»، وتكفي الاشارة في هذا السياق الى حصر المصارف لتبرعاتهم بستة ملايين دولار، بينما تمكنوا من زياداة ثرواتهم بعشرات المليارات بطرق غير شرعية طوال ثلاثين سنة.

5- السرقات الموصوفة لما تبقى من اموال بسيطة لدى غالبية اللبنانيين، ان من خلال اجراءات المصارف حيال المودعين، وان من خلال مافيات المضاربة بسعر العملة الوطنية، بعد ان وصل سعر الدولار عتبة الثلاثة الآف ليرة على الرغم من تعميم مصرف لبنان، والملاحقات التي تقوم بها الاجهزة الامنية للمتاجرين بالاستقرار الوطني وحياة اللبنانيين، والامر ذاته يتطبق على معظم المستوردين والتجار لكل انواع السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية، بما في ذلك ما يحتاج اليه المواطن للحد الادنى من الحماية من كورونا، كما هو حاصل في اسعار الكمامات والمعقمات.

من كل ذلك يؤكد السياسي البارز ان موجبات اعلان حالة الطوارئ الوطنية لتحقيق ما سبق تأكيده من خطر بلوغ المالية العامة حال الافلاس الكامل، ومعها تعرض لبنان وفي الحد الادنى الفئات المعدومة للمجاعة لا يكون سوى من خلال تنفيذ البنود المذكورة نظراً للآتي:

– اولا: ان موجبات التعبئة العامة جمدّت عمل القضاء ومعه اي امكانية للمحاسبة واستعادة بعض من المال المنهوب، مع ان المحاسبة الفعلية والجدية تفترض اصلاح القضاء واستقلاليته، وهذه الضرورات اصبحت مؤجلة اليوم، بفعل مواجهة انتشار كورونا.

– ثانياً: تأكد بالملموس والوقائع خلال الاشهر والسنة الماضية على الاقل ان كل الاجراءات الموضعية والبسيطة لم تردع المافيات على اختلافها وتنوعها من الايغال في تهديد الاستقرار الوطني والاجتماعي ومن سرقة ما تبقى من اموال زهيدة لدى اللبنانيين ورفع الاسعار بما لا يقل عن مائة بالمائة، المضاربة بسعر الليرة اللبنانية وتمنع المصارف عن اعطاء المودعون وبالاخص المودعين الصغار الذين لديهم ودائع بالدولار ما هو حق لهم وحتى لموجبات ضرورية.

– ثالثاً: ان اجبار حيتان المال والاثرياء، وبينهم المصارف الذين جمعوا ثروات ضخمة من المال العام وجيوب اللبنانيين، لا يمكن ان يحصل دون الزامهم ولو حتى بإعادة بعض من ارباحهم الخيالية للدولة، وهو الامر الذي تأكد في الاشهر الثلاثة الماضية من خلال تمنع بعض المصارف وحيتان المال من تهريب اموالهم للخارج ومن اعادة اموالهم الى لبنان.

وفي الخلاصة، يؤكد المصدر السياسي البارز انه اذا لم تسارع الحكومة والدولة الى اعلان حال الطوارئ الوطنية فالمخاطر اكبر بكثير من امكاناته والسيطرة عليها في الاشهر القليلة المقبلة، من افلاس الخزينة الى جنوح الجوع لاعداد كبيرة من اللبنانيين، وبالتالي فمواجهة كل هذه المخاطر التي تحاصر لبنان واللبنانيين مدخلها الوحيد اليوم في اعلان حال الطوارئ.