Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر June 6, 2019
A A A
لن تكون الحرب الجديدة سهلة… ماذا كشف مصدر أمني عن الارهابي مبسوط؟
الكاتب: ايمن عبدالله - الديار

من لاس فيغاس عام 2017، ومارسيليا، وبعدها عمليات ارهابية في ألمانيا والعاصمة الفرنسية، اودت بحياة المئات من المواطنين حول العالم، وصلت «الذئاب المنفردة» الى لبنان في عملية طرابلس التي نفذها عبد الرحمن مبسوط، ما ادى لاستشهاد 5 عسكريين من الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، الامر الذي يفتح النقاش حول هذا النوع من الجرائم وكيفية مواجهتها.
بداية، ليست «الذئاب المنفردة» واقعا جديدا يغزو العالم، فالظهور الأول لهذا النوع من الهجمات، والذي يعتمد على تحرك «الشخص الواحد» ما يصعّب على الأجهزة ملاحقته وتوقيفه قبل تنفيذه العمليات، كان مع الحركات الثورية في روسيا عام 1848، ومن بعدها تلى مرحلة الحرب العالمية الاولى حيث كانت تستخدم من قبل المقاومين الذين يسعون لتحرير بلادهم من الاستعمار، وصولا الى مرحلة استخدام هذه الطريقة من قبل المتطرفين الدينيين والتكفيريين في بداية الثمانينات مع تنظيم «القاعدة» واليوم مع تنظيم داعش الإرهابي.
يكشف مصدر امني لبناني أن الإرهابيين جربوا بالسنوات الماضية العمل التنظيمي، فكانوا يشكّلون الخلايا التكفيرية ويتواصلون مع بعضهم البعض عبر وسطاء يؤمنون لهم الاحتياجات اللوجستية لتنفيذ مخططاتهم، كالسيارات المفخخة مثلا التي تحتاج بداية الى «سارق» يسرقها، ثم سائق ينقلها، وخبير متفجرات يفخخها، وانتحاري يقودها، مشيرا الى أن الاجهزة الامنية اللبنانية تمكّنت خلال الأعوام 2013 حتى 2017 من تدمير وتفكيك كل الخلايا الارهابية في لبنان، وتمكّنت من رصد الخلايا النائمة وانتظار تحركها لإلقاء القبض عليها، ما جعل لبنان ساحة مستقرة امنيا في المرحلة الماضية. إن هزيمة الارهابيين في لبنان والمنطقة جعل أصحاب الافكار الشيطانية يتجهون نحو تكتيك «الذئاب المنفردة»، أي العمل الفردي لا الجماعي.
يؤكد المصدر أن حادثة طرابلس تحمل دلالات كبرى لا يمكن التغاضي عنها، أبرزها وبحسب ما تملك الأجهزة من معلومات حتى اللحظة ان مبسوط تصرف بخطة رسمها بنفسه، وحضر لها بنفسه ونفذها لوحده، مع العلم أن بداية الهجوم وتعدد امكنة إطلاق النار أوحت وكأن هناك مجموعة مسلحة لا شخصا واحدا. ويضيف المصدر الأمني: «لا ينتمي مبسوط الى خليّة، ولا مشغّل لديه، وهذا قد يكون اخطر ما في المسألة، اذ يمكن لأي شخص يحمل أفكارا ارهابية في عقله أن يتحرك ويهاجم المواطنين او القوى الامنية والعسكرية دون ان يتم اكتشاف امره مسبقا، خصوصا وأنّ من يريد امتلاك سلاح في لبنان يمكنه أن يقصد الأماكن التي لا سلطة للدولة عليها ويحصل على ما يريده، ما يجعل الأمر سهلا».
الى جانب ذلك يؤكد المصدر ان هذا النوع من الهجمات قد يحصل باستخدام سيارة لدهس المواطنين، او سلاحا أبيض يستعمل في المنازل، لذلك يمكن القول ان يوم الاثنين الماضي شهد تحولا مفصليا لعمل الارهابيين في لبنان، ما يعني ضرورة وجود تحول استراتيجي بعمل الأجهزة الامنية لمواكبة هذا الخطر المستجد.
أما عن كيفية المواجهة، يكشف المصدر أن التوجه العالمي لمواجهة «الذئاب المنفردة» يكمن بمعالجة الأسباب، أي الاهتمام بالسجون ومن يدخل اليها وما الذي يخرج منها، مع تكثيف مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي للأشخاص الذين تدور حولهم شبهات أو يملكون ماض تكفيري، اذ اثبتت الاحداث المشابهة الماضية بالعالم أن غالبية الارهابيين يستعملون وسائل التواصل للتعبير عن أفكارهم وخططهم بطرق مبهمة، واحيانا كثيرة يستخدمون هذه الوسائل للتواصل مع أقرانهم في مناطق ودول أخرى، مشددا على دور المجتمع برفض التعامل مع المتشددين والتبليغ عنهم، ودور القضاء بتشديد الأحكام على كل متورط بعمل ارهابي.
لن تكون هذه الحرب الجديدة سهلة، يقول المصدر، مشيرا الى أنها ليست مستحيلة أيضا، خصوصا وان الاجهزة اللبنانية تملك من القدرة ما لا يعلمه الارهابيون الذين يظنون ان بإمكانهم تحويل لبنان الى ساحة انتقام لهزائمهم في المنطقة. ويضيف: «من الضروري تعاون الاجهزة بدل التلهي بأمور سطحية سياسية، وهو الامر الذي تم التطرق اليه بالاجتماع الامني الاخير في قصر بعبدا، حيث كانت رسالة رئيس الجمهورية واضحة بأن الأمن لا يحتمل التأجيل، ولا التسويف، والأهم أنه لا يحتمل الصراعات الداخلية»، مشيرا الى أن الجهد الامني الذي لم يتوقف، سيعود بزخم أقوى واستراتيجيات جديدة.