Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر April 8, 2018
A A A
لماذا ينبش المسيحيون القبور عند كل استحقاق؟
الكاتب: عيسى بو عيسى - الديار

لا أحد يعي تماماً لماذا تندلع المعارك الانتخابية بهذه الشراسة وصولاً الى العداوة فقط في المناطق المسيحية فيما بقية الساحات الاسلامية تتوزع فيها الخلافات بين منعدمة او شبه موجودة وها هي الساحة الشيعية لا يمكن سماع الاصوات فيها سوى للثنائي الشيعي والضجيج فيها يكاد لا يسمع وان تم سماعه لا تأثير له وايضاً الساحة الدرزية مرتاحة من هذا الشجار الذاتي داخل الطائفة الى حد بعيد، وتبقى الساحة السنية التي تمّت عملية انحسار الصوت فيها الى المستوى الادنى بمساعدة اقليمية وسكوت داخلي، وهكذا يبقى المسيحيون في «بوز البارودة» عند كل منعطف سياسي او انتخابي او حتى دون مناسبة لتتحول معه الساحات الى منابر للقتال ونبش القبور واعادة احياء الأموات.

لا شك تقول مصادر كنسية ان ما تقدم يمكن اسقاطه على الواقع الحقيقي للمسيحيين المشرذمين في كل حين ولا سبيل لجمعهم وان اجتمعوا اختلفوا وازداد الانقسام فيما بينهم وصولاً الى الفرقة. وتضيف هذه المصادر: وكأنه مكتوب على المسيحيين في هذا الشرق ان ينتحروا من تلقاء أنفسهم واذا لم يجدوا من يحاربهم يستنبطون اساليب الكراهية والحقد والتباعد، وكأن تعدادهم في هذا الشرق بمئات الملايين ولم يعتبروا من مشاهد التنكيل والتهجير والقتل بحق المسيحيين في سوريا والعراق ومصر وليبيا وفلسطين، حتى باتوا أقل الاقليات.

واذا استمروا على هذا القتل الذاتي والانتحار فإن معظم السياسيين المسيحيين سوف تكون حالتهم كحال مطران على مدينة مكة دون رعية ولا رعايا. والحال الواقعي كما قال وزير الداخلية الاسبق مروان شربل ان اعدادهم بعد عشرين سنة سوف تنخفض بنسبة اكبر من عشرة بالماية. وتضيف المصادر الكنسية انه بدلاً من ان تتحول الانتخابات النيابية القادمة الى مناسبة لتوحيد جهودهم لايصال نواب متماسكين في المجلس النيابي ووزراء في السلطة التنفيذية، يمكن مشاهدة ذلك السكين يقبع فوق رقاب الجميع لتطرح جملة من الاسئلة الوجودية وتتمحور حول امكانية فوز هذه الكتلة من المسيحيين او تلك. ولكن كتلة على من وما هي مقومات قوتها داخل المجلس وسط بحر من الكتل الاسلامية المتماسكة بفعل استزلام حقيقي محلي ودولي من اجل استقواء كل مسيحي على الآخر دون تحديد هدف معين سوى التوجه نحو الاضمحلال تمهيداً للخروج من لبنان او العيش على هامش الحياة السياسية مع فقدان اي صوت صارخ لتحصيل الحقوق والوجود المسيحي في لبنان والشرق.

وتلفت هذه المصادر الى الشعارات الفارغة والتي لا تخدم المسيحيين خلال المعركة الانتخابية وكأنها موجهة فقط الى الساحة المسيحية فقط بفعل غياب اي تأثير ايجابي. والأنكى ان القيادات المسيحية تتلطى وراء هذه الفئة او تلك فقط لهدف وحيد هو الانقضاض على ابن جلدته فيما واقع الساحات الاسلامية لا يمكن ان تتأثر ولا تستعمل هذه الاساليب لأنها وليدة قناعة ان الوجود اهم من بعض المقاعد النيابية، وما الذي يفيد الكتائب والمردة والتيار الوطني والقوات اللبنانية ان كانت مقاعدهم النيابية زاد عديدها؟ وما هو مبرر هذا التأجيج الحاصل فقط في هذه المناطق؟ وهل يعمل القادة المسيحيون اليوم وفق قاعدة غب الطلب من الآخرين للتنكيل بأخوتهم، وما هو المانع من شبك الايدي اقله حسداً من اخوانهم المسلمين المرتاحين عدة وعديداً؟

هكذا جنت القسطنطينية على نفسها بفعل خلافاتها الذاتية واليوم يتكرر المشهد من بيروت وكسروان وجبيل وزحلة والشمال في رحلة مأساة وعذابات وكله من اجل الصوت التفضيلي والحاصل الانتخابي فيما الشركاء في الوطن يعملون على تثبيت اقدامهم في كافة المجالات السياسية والديمغرافية والجغرافيا، ولكن هل فات الاوان على امكانية الخلاص؟

هذه المصادر الكنسية تعتبر ان هذا الحقد الدفين الذي يسيطر على هذا الاستحقاق الانتخابي لن يتوقف عنده والخوف الاكبر ان يستمر وبحدة اكبر الى ما بعد الانتخابات حيث عندها لا ينفع الندم ولا التحسر على الماضي.