Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر August 24, 2021
A A A
لماذا يدفع اللبناني الدعم مرّتين؟
الكاتب: نون - اللواء

سياسة الترقيع والهروب من الواقع مستمرة على طريقة النعامة التي تدفن رأسها في التراب حتى لا يراها الصياد.

قرارات اجتماع بعبدا أول أمس برفع سعر المحروقات والغاز على أساس أن الدولار يساوي ثمانية آلاف ليرة، لن تحل مشكلة المحروقات، ولا تُنهي طوابير الذل والمهانة أمام المحطات، ولا تُوفر الكميات الكافية من المازوت لتغطية حاجات السوق المحلي، والأهم من كل ذلك أنها لا توقف التهريب إلى الخارج، ولا تقضي على التخزين في الداخل، وكل ذلك لأن الأسعار الجديدة للمحروقات ما زالت دون مستوى الدولار الفعلي، حيث تستفيد مافيات التهريب والتخزين وتجار السوق السوداء من هذا الفارق الكبير بين دولار الواقع الذي يُلامس العشرين ألفاً، ودولار المركزي المحدد بثمانية آلاف ليرة.

قرارات المزايدات الشعبوية، وتأجيل الخطوات الصعبة، خوفاً من النقمة الشعبية، لا تبرر تدفيع اللبنانيين كلفة الدعم المزعوم مرتين أو ثلاث مرات، في مثل هذه الظروف المعيشية المرهقة، بحجة الحرص على عدم تحميل اللبنانيين تداعيات رفع الدعم كلياً مرة واحدة!

اللبناني يدفع كلفة الدعم أولاً من أمواله المحجوزة في المصارف، والمودعة في المصرف المركزي كإحتياطي إلزامي، وفق قانون النقد والتسليف، لأن خزينة الدولة مفلسة ولا تستطيع تحمل التبعات المالية لاستمرار دعم المحروقات.

ويتحمل المواطن اللبناني أعباء فروقات الأسعار مرة أخرى في السوق السوداء، لعدم توفر الكميات اللازمة من المحروقات بسبب عمليات التهريب والتخزين، لأن الأسعار المعتمدة ما زالت دون مستوى الأسعار العالمية، الأمر الذي يدفع الناس الغلابى إلى شراء البنزين والمازوت من السوق السوداء لتأمين احتياجاتهم اليومية، حيث بقي سعر صفيحة البنزين بحدود الأربعمائة ألف ليرة، بينما يتراوح سعر طن المازوت بين العشرين والخمسة والعشرين مليون ليرة.

والأنكى أن المجتمعين في بعبدا يعرفون جيداً أن رفع الدعم كلياً عن المحروقات، لا يوقف التهريب والتخزين فحسب، بل يحفظ للمركزي ما تبقى معه من دولارات، ويوفر على المواطن فروقات أسعار السوق السوداء، ويُنهي مآسي طوابير الذل والإشكالات الدامية في المحطات، ويُعيد الطلب على المحروقات إلى حركته الطبيعية، وطبعاً يساهم إلى حد كبير في تحسين التغذية بالتيار الكهربائي، حيث تتوافر حاجات أصحاب المولدات بالكميات الكافية.

ولكن يبدو أن أهل القرار في البلد اعتادوا العيش في العتمة، حيث في ظلامهم يعمهون!