Beirut weather 13.41 ° C
تاريخ النشر December 28, 2016
A A A
لماذا هذا التباين في التقديرات؟ ومن هو الاكثر دقة؟
الكاتب: رأي اليوم

ايهما نصدق؟ العبادي الذي يقول ان القضاء على “الدولة الاسلامية” في الموصل سيتم في غضون ثلاثة اشهر.. ام الجنرال الاميركي تاوسند الذي يطالب بعامين؟ ولماذا هذا التباين في التقديرات؟ ومن هو الاكثر دقة؟
*

هناك روايتان حول المدة الزمنية التي تحتاجها القوات العسكرية للقضاء على “الدولة الاسلامية” في كل من الموصل والرقة: الاولى للسيد حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي الذي اعلن في مؤتمر صحافي عقده اليوم ان قواته تحتاج الى ثلاثة اشهر، وانها تخوض حاليا حرب استنزاف شرسة، اما الثانية فجاءت على لسان الفريق ستيفن تاوسند، قائد التحالف الدولي لمحاربة “الدولة الاسلامية” في تصريحات لموقع “ديلي بيست” الاخباري “ان عملية تطهير الموصل العراقية، والرقة السورية قد تستغرق عامين”.

لا نعرف ايهما اكثر دقة في توقعاته، السيد العبادي الذي يتحدث عن ثلاثة اشهر كسقف زمني لتحرير الموصل فقط، ام الفريق تاوسند الذي قال ان القضاء على “الدولة الاسلامية” في الموصل والرقة يحتاج الى عامين، ولكننا نميل الى ترجيح رواية الفريق الاميركي، بالنظر الى الصعوبات التي يواجهها الجيش العراقي في انجاز مهمته، ونجاح قوات تابعة لتنظيم “الدولة” في شن هجمات مضادة.
اذا بدأنا بالموصل يمكن القول ان الهجوم الذي شنته قوات مكافحة الارهاب العراقية، مدعومة بقوات الحشد الشعبي والبشمرغة الكردية، وغطاء جوي واميركي بدأ في 17 تشرين الاول العام الحالي، ونجح فعلا في اقتحام احياء سكنية في اطراف المدينة، ولكنه توقف بفعل المقاومة الشرسة، وصعوبة الحرب لقوات نظامية واخرى شبه نظامية في المدن.

صحيح ان الهجوم اعيد استئنافه هذا الاسبوع، بعد توقف لبضعة ايام لادخال تعديلات على تكتيكاته جرى اخذها بعين الاعتبار بعد تجربة شهرين من القتال لعدو متمرس في حرب المدن والعصابات، ولكن فرص تقدمه تبدو بطيئة، ان لم تكن محدودة، لوجود شبكة انفاق تحت الارض يتحرك خلالها المدافعين، وكثافة سكانية تقارب المليون نسمة تشكل درعا بشريا لا يستهان به.

اما اذا انتقلنا الى مدينة الرقة عاصمة “الدولة الاسلامية” ومقرها الرسمي، فان الحرب فيها لم تبدأ بعد، بسبب وجود خلافات قوية بين الاميركيين وحلفائهم في سورية حول هوية القوات التي يجب ان تقوم بعملية التحرير، فالاتراك يعارضون قيام قوات سورية الديمقراطية المدعومة اميركيا بهذه المهمة، لان هذا يشكل اعترافا رسميا بهم، وسيطرتهم بالتالي على المدينة في حال نجحت المهمة، مما يشكل تعزيزا لطموحات الاكراد في اقامة كيان كردي مستقل في الشريط الحدودي الممتد شمال سورية ومحاذيا للحدود التركية.

التحالف السوري الروسي غسل يديه من مسألة تحرير الرقة، واخراج تنظيم “الدولة الاسلامية”، معتبرا ان هذه مهمة اميركا التي تدعي الحرب على الارهاب، مثلما ترك مسألة اخراج “الدولة الاسلامية” من مدينة الباب في ريف حلب مسؤولية تركية ولو مؤقتا، هذا التحالف يستعد لخوض هجوم في تدمر لاستعادتها من “الدولة الاسلامية” وبعد ذلك على ادلب، وهاتان المهمتان تحتاجان الى وقت طويل يصعب وضع سقف زمني له.

ما يجعل معركة الموصل اكثر تعقيدا من نظيرتها في حلب، ان من يدافع عن المدينة تنظيم واحد، اي “الدولة الاسلامية” يبدو متماسكا داخليا، ولا توجد صراعات اجنحة داخلية على غرار الفصائل المتواجدة سابقا في حلب الشرقية وادلب حاليا، التي يزيد تعدادها عن 50 تنظيما، وتتقاتل فيما بينها على الزعامة والنفوذ، وفشلت محاولات عديدة لتوحيدها او انهاء الخلافات فيما بينها الامر الذي عجل بهزيمتها في حلب، مضافا الى ذلك ان تنظيم “الدولة الاسلامية” لا يتلقى اي دعم في الوقت الحالي من الدول العربية الخليجية، وبالذات السعودية وقطر، وبات يقف في الخندق المعادي لتركيا التي قيل اكثر من مرة انها سهلت مرور المساعدات والمقاتلين اليه في بداية الازمة السورية، واليوم كسر اردوغان كل التوقعات والنظريات السابقة وفاجأ الجميع عندما اتهم اميركا بعدم محاربة “الدولة الاسلامية”.

يصعب علينا ان نصدق رواية العبادي او الجنرال تاوسند حول تحرير الرقة والموصل، والسقف الزمني الذي حدداه، لان العدو شرس وظهره الى الحائط، والخلافات بين اعدائه تتفاقم، وكلفة الحرب ضده ستكون عالية جدا، وهذا لا يعني ان هزيمته مستحيلة بالنظر الى حجم القوى المنخرطة خلف هدف ازالته من خريطة الشرق الاوسط، لانه في نظرهم، التنظيم الارهابي الاخطر الذي يهدد العالم بأسره.