Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر April 18, 2018
A A A
لماذا نبكي أثناء النوم؟

ألم شديد ينتابك، وبكاء حار لا تستطيع وقفه، وحتى بعد استيقاظك تستمر دموعك والشعور بالآلام لا يتوقف. لست وحدك، فالبكاء أثناء النوم أمر منتشر بين الناس، وعادة ما يحدث إذا رأيت حلماً مزعجاً بكيت فيه ثم استيقظت، لتجد أن الدموع مازالت تملأ عينيك، رغم أنه كان مجرد حلم وانتهى!

وقد يصاحب كل ذلك الشعور بضيق التنفس خلال النوم. الأمر ليس خطيراً ولكن يحتاج لفهم أسبابه وعلاجه، فالبكاء أثناء النوم ليس خطيراً في الأغلب في حد ذاته، ولكن قد يكون مؤشراً لوجود أمر خطير أحياناً، وينبغي علاجه. في هذا التقرير نستعرض مشكلة البكاء أثناء النوم، وما هي الأسباب الأكثر شيوعاً لها، وكيف يمكن معالجتها؟

مراحل النوم: النشاط ينبعث مجدداً
الجسد يمرُّ بعدة مراحل منذ بداية النوم، وحتى الدخول في مرحلة الاسترخاء الكامل. فبعد أن يفقد النائم الشعور بما حوله، تبدأ مرحلة من خمول النشاط العقلي، وتنطلق الدماء داخل الأوعية مستعيدة الطاقة. ومع بداية الدخول في مرحلة النوم العميق، يبدأ العقل في الدخول في مرحلة النشاط، وتبدأ الخلايا المسؤولة عن الأحلام في القشرة المُخيّة بالعمل. حتى الآن ما زال كل شيء طبيعي، فما الذي يجعل الجسد يتأثر، ويدخل في نوبة بكاء خلال النوم؟

العضو الذي لا ينام هو الذي يجعلك تبكي
إنه لا ينام مثلك خلال النوم، فعقلك يظل يعمل ويفكر أثناء نومك، حتى إن علماء كشفوا خلال اختبارات أجروها أنه يكون قادراً على الفهم والتمييز أحيانا. وليس من المعتاد أن يتفاعل الجسد مع الحركة الذهنية للعقل والأحلام، لكنه وفي بعض الأحيان قد يحدث ذلك التفاعل، فنرى أحدهم يضحك وهو نائم آخر يصارع بيده شيئاً في الهواء -وهو يرى كابوساً- وآخر قد يبكي من فرط انفعال المشاعر بداخله. “عقل” يعمل باستمرار، وذكريات سيئة، وقشرة مخية تنشط الأحلام؛ كل هذا بمثابة مزيج كافٍ لأن يحتوي الحلم على إشارات أو أحداث حزينة ترتبط في كثير من الأحيان بمواقف سيئة أو محزنة عشتها في حياتك. وفي هذه الحالة يحدث البكاء لأن القشرة المخية والعقل والجسد قد عملا معاً. وهناك كثير من العوامل التي تسبب حدوث البكاء خلال النوم، بعضها عضوي وآخر نفسي.

الأسباب العضوية: عندما ينقطع تنفسك لعدة دقائق
من الأسباب العضوية التي تتسبب في الدخول في نوبات البكاء أثناء النوم هو”انقطاع النفس خلال النوم”. وهو اضطراب يصيب كثيراً من الأشخاص، ويظهر في صورة انقطاع التنفس لمدة ثوانٍ، وقد تصل لدقائق معدودة يستيقظ خلالها الشخص، مستعيداً أنفاسه، ثم يعود للنوم من جديد. وتتعدد الأمور الناتجة عن ذلك الاضطراب، فينتج عنها على سبيل المثال الاكتئاب والتدهور النفسي، وكذلك نوبات البكاء خلال النوم، التي تظهر آثارها حتى بعد الاستيقاظ. ومن أبرز العوامل التي تتسبب في حدوث هذا الاضطراب (انقطاع النفس خلال النوم) هي زيادة الوزن، تعاطي الكحول بنسب كبيرة، الإفراط في استرخاء عضلات الفم، ما يسبب انقطاع وصول الأكسجين إلى المخ.

الأسباب النفسية: فتِّش عن مشكلات اليقظة
الاكتئاب والقلق دائماً ما يشكلان العاملَ الأكثر شيوعاً بين مسببات البكاء أثناء النوم. واحد من أكثر الاضطرابات المتعلقة بالبكاء أثناء النوم هو اضطراب ما بعد الصدمة، وهو أحد الاضطرابات النفسية التي تصيب الأشخاص بعد تعرُّضهم لحادث مأساوي أليم، ما ينتج عنه إصابتهم بالاكتئاب والقلق، وتكون من بين نتائج تلك الصدمة البكاء أثناء النوم. نوبات الفزع الليلية تشكِّل أيضاً عاملاً مهماً وشائعاً في حدوث البكاء أثناء النوم، وهي حالة من الرّهاب تحدث خلال النوم، ويكون سببها بعض الاضطرابات النفسية كالاكتئاب والقلق.

لا تخف: فإنه قد يكون أمراً صحياً…!
يرى بعضُ المحللين أن البكاء أثناء النوم قد يكون عرضاً صحياً، رغم كونه ناتجاً عن حدوث اضطراب، فهو بمثابة متنفس لمشاعر الحزن أو ربما الغضب التي عجز الشخص عن التعبير عنها خلال يقظته، أو ربما لأن الظروف المحيطة تمنعه من إظهار مشاعر الحزن تلك. ومن الأمور التي تكبِت الإنسانَ، خاصة الأطفال، في حياتهم، أقوال مثل “الرجال لا يبكون”، أو “إياك أن تبدو ضعيفاً”.
لذلك فإن البكاء خلال النوم قد يكون هو الشحنة التي كنت في حاجة لتنفيسها وإخراجها، لكنك تجنَّبت ذلك خلال يقظتك اليومية فتخرج أثناء النوم. كما أن هناك جانباً إيجابياً آخر، فإذا استطاع الشخص تذكُّر ما شاهده في الحلم فقد يمثل ذلك بالنسبة له إعادةَ عرض لما جرى في الواقع، من دون الدخول في مواجهة فعلية، وهو ما قد يُسهم في أن يعرف الشخص ما الذي قد يُحزنه بحق، وكيف يمكنه أن يتجنَّب الوقوعَ فيه مرةً أخرى.

العلاج: طرق مختلفة ولكن توقف عن هذه الأمور
يتباين علاج البكاء أثناء النوم بتنوع العوامل المسببة له. فمثلاً لمن يعانون من انقطاع النفس خلال النوم عليهم بتخفيض الوزن، التوقف عن تناول الكحول لمن يتناوله، أو الخضوع لعملية جراحية في بعض الحالات. أما فيما يتعلق بالعوامل المصاحبة للاكتئاب والقلق وغيرها من العوامل النفسية، فربما يستغرق الأمر بعض الوقت للتخلص من الاكتئاب في بعض الحالات. وفي حالات أخرى قد ينتهي سريعاً، فهذا يتعلق بمدى درجة الإصابة وسببها. ويكون العلاج النفسي وأخذ رأي الاستشاريين النفسيين هو السبيل الأمثل للمواجهة والتغلب على ذلك النوع من الاضطرابات.