Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر November 13, 2016
A A A
لماذا لم يرسل الرئيس الاسد برقية تهنئة اسوة بـ”زملائه” العرب؟
الكاتب: عبد الباري عطوان - رأي اليوم

لماذا لم يرسل الرئيس الاسد برقية تهنئة اسوة بـ”زملائه” العرب؟ وما الذي سمعه ترامب ولم تسمعه كلينتون ونخبها السياسية في واشنطن؟ وهل نعتذر كإعلاميين مثلما اعتذرت مجلة “الايكونوميست”؟
*
كشفت نتائج الانتخابات الاميركية، وفوز دونالد ترامب المرشح الجمهوري المفاجيء على وجه التحديد، عن العديد من المفارقات التي يمكن التوقف عندها، بعد انقشاع الغبار، وظهور الحقائق واضحة على الارض.
المفارقة الاولى تكمن في ان الرئيس العربي الوحيد الذي من المفترض ان يكون اول المهنئين للرئيس المنتخب الفائز، لم يرسل بطاقة او برقية تهنئة، والمقصود هنا هو الرئيس السوري بشار الاسد، لانه ربما يكون ابرز المستفيدين، او اقل المتضررين، من هذا الفوز، بينما اندفع المرعوبون الى هواتفهم متصلين، ومهنئين، ومباركين، وعارضين خدماتهم للتعاون.
الرئيس ترامب قال انه لن يقاتل لاسقاط الرئيس السوري، وانما “الدولة الاسلامية” لان النتائج التي يمكن ان تترتب على اسقاطه قد تكون اكثر كارثية من نظيراتها في العراق وليبيا واليمن.
لا نعرف لماذا لم يحاول الرئيس الاسد الاتصال بالرئيس المنتخب ترامب، او بادر بإرسال برقية تهنئة له، وربما يكون فعل ذلك دون اعلان، او لجأ الى حلفائه الروس، والرئيس فلاديمير بوتين تحديدا ليقوم بهذه المهمة نيابه عنه.

المفارقة الثانية تكمن في اعتذار مجلة “الايكونوميست” البريطانية العريقة لقرائها عن سوء تقديرها لقوة المرشح ترامب، وحالة الغضب التي تسود قطاعات عريضة من المجتمع الاميركي ضد المؤسسة الاميركية الحاكمة، والنخبة السياسية، فالمواطن الاميركي لم يصوت على تغيير حزب حاكم، انما على التصويت لتغيير نظام حكم، فالمواطن الاميركي بات يشعر بالعزلة والتهميش من قبل المؤسسة والنخبة السياسية معا، ولم يعد يحصل على حقه من الرخاء الاقتصادي، وارتفاع مستوى معيشته بالتالي، واصبح يتهم “نخبة واشنطن” وامبراطوريتها الاعلامية، بخداعه والاشتراك في “مؤامرة” ضده.
***

فاذا كان الشعب الاميركي الذي يتمتع بنظام ديمقراطي يسمح له بتغيير رئيسه كل اربعة اعوام، ونصف نوابه وشيوخه كل عامين، وصحافة وسائل اعلام مفترض انها حرة، يشعر بالغبن، والتهميش، ويثور على المؤسسة الحاكمة بطريقة حضارية، وعبر صناديق الاقتراع، فماذا يقول المواطن العربي المطحون الذي لا يملك ترف التغيير هذا، ويذهب الى السجن لعشرات السنوات عقابا على تغريدة كتبها على “التويتر” تنتقد الحكم وفساده لا تزيد حروفها عن 140 حرفا؟

الكلمات السحرية التي ادت الى فوز ترامب هي الوظائف، والامن، واعادة العظمة الى اميركا، والحفاظ على هويتها العنصرية البيضاء، ومعظمها لا تنطبق على اي من الحكومات العربية، التي لا تشعر بحالة الغليان في الشارع نتيجة تدهور الخدمات وتفاقم الفساد، وحتى ان شعرت بها، تعاند تفهمها واسبابها، وتلجأ الى القمع كأقصر الطرق وانجعها في العلاج.

امام معظم القادة العرب، وفي منطقة الخليج على وجه الخصوص، ما يقرب من الثلاثة اشهر تقريبا، للتفكير حول كيفية التعاطي مع هذا الزلزال الاميركي الذي ستصل امواجه وتداعياته الى المنطقة العربية، فكيف ستتعاطى معه، ووزير خارجيته الجديد، عندما يوقف كل اشكال الدعم للمعارضة السورية المسلحة التي جرى الرهان عليها طوال السنوات الخمس الماضية، وكيف ستحصن نفسها، وتضع خريطة طريق، لمواجهة قضايا بالآلاف امام المحاكم تتهمها بدعم الارهاب، والجماعات الارهابية، بمقتضى قانون “جستا” الذي يدعمه ترامب بقوة، والاكثر من ذلك يريد ربع الدخل النفطي العربي مقابل الحماية التي تقدمها حكومته للدول المنتجة له في منطقة الخليج.

ربما يشعر بعض القادة العرب بالارتياح لان ترامب تعهد بعدم تصدير الديمقراطية الغربية، وقيم حقوق الانسان الى بلدانهم، ويتخذها معيارا لتغيير الانظمة، ولكن هناك جوانب اخرى في سياساته تبعث على القلق، وابرزها اللهجة العدائية العنصرية للمسلمين والعرب، ومنعهم من الدخول او الهجرة الى اميركا، خاصة بعد ان اعاد نشر هذا الموقف على موقعه الرسمي على “الانترنت” بعد ان جرى حذفه لمدة يومين بسبب خطأ تقني.

وزراء خارجية الدولة الاوروبية سيلتقون اليوم الاحد في بروكسل في اجتماع عاجل لبحث مسألة فوز ترامب، ولا نعتقد ان وزراء الخارجية العرب سيفعلون الشيء نفسه، وحتى لو اجتمعوا، فعن اي عرب نتحدث، وما هي القواسم المشتركة بينهم، وماذا سيقولون لبعضهم البعض؟
***

المستر بول رايان، رئيس مجلس النواب الاميركي (الكونغرس) الذي رفض تأييد ترامب في بداية حملته الانتخابية قال جملة معبرة جدا، تلخص ابرز اسباب شعبية ترامب وفوزه في الانتخابات، وهي “انه استمع الى اصوات لم يستمع اليها الاخرون بما في ذلك المؤسسة الحاكمة في واشنطن”، الا تنطبق هذه الجملة على معظم، ان لم يكن، كل الزعماء والنخب السياسية والاعلامية العربية؟
مجلة “الايكونوميست” اعتذرت لقرائها، وكذلك شقيقتها مجلة “نيوزويك”، التي وضعت هيلاري كلينتون على غلافها كرئيسة قادمة لاميركا يوم الانتخابات، ثم اضطرت لسحبه بطريقة مهينة ومخجلة، ولكن هل يعتذر الآخرون في اعلامنا العربي؟