Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر January 29, 2024
A A A
للموازنة جوانب مضيئة وسلبية.. ماذا يقول أنطوان فرح لموقع “المرده” عنها؟
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

انتظر اللبنانيون اقرار موازنة العام 2024 وسط ترقب لما ستؤول اليه التقلبات الاقتصادية والمالية بعد اقرارها وطبعاً التغيرات التي قد تطرأ على ما يدفعه المواطن من ضرائب ورسوم وغرامات.
وشهدت قاعة المجلس النيابي شد حبال ومشادات كلامية بين النواب قبل اقرارها الا ان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اعترف بأنها ليست الموازنة المثالية “لكنها موازنة تتماهى مع الظروف الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والدولية التي يمر بها لبنان”.

 

 

بالنظر الى الجوانب المضيئة في الموازنة، أكد الكاتب والخبير الاقتصادي أنطوان فرح في حديث خاص لموقع “المرده” أن ارسال هذه الموازنة من قبل الحكومة والمجلس النيابي واقرارها بالتوقيت القانوني وفق ما ينص عليه الدستور هو من النقاط الايجابية على اعتبار ان هذا الامر يجب ان يكون بديهيا ولكن مع الاسف اعتدنا خلال السنوات المنصرمة ان يكون هناك تأخير وفي كل مرة تُقدم الموازنة في موعد غير قانوني وغير دستوري وهذه هي المرة الأولى التي يجري تقديمها في موعدها الدستوري والقانوني وهذا أمرٌ جيد”.
أضاف: “الطريقة التي أُقرت فيها الموازنة كانت افضل من تركها واعادة اقرارها بمرسوم لدى الحكومة بالصيغة التي جاءت فيها بالنسخة الاولى وبالتالي فان تحسين الموازنة من قبل لجنة المال والموازنة والمجلس النيابي بشكل عام كان امر جيد والاكيد ان لبنان مع الموازنة حتى ولو لم تكن مثالية افضل بكثير من ان يكون من دونها لانه في هذه الحالة نكون نصرف على القاعدة الاثني عشرية ويكون المشهد مبهماً على الصعيد المالي”.

أما عن الجوانب السلبية للموازنة، قال فرح: “هناك توافق على أن هذه الموازنة تفتقد الى الرؤية الاصلاحية وافضّل دائماً ان أذكّر ان الموازنة يجب ان تترافق فيها الخطة الاصلاحية مع مواكبة من قبل الحكومة بخطة انقاذية شاملة لأننا في وضع انهيار وافلاس وبالتالي هناك تجنٍّ اذا اعتبرنا ان الموازنة وحدها ستحمل الخطة الاصلاحية التي هي بمكان آخر والمفروض ان تأتي الموازنة لتواكب هذه الخطة اذاً غابت الخطة والرؤية الاصلاحية عن الموازنة في المقابل”.
وتابع: “من النقاط السيئة في الموازنة ان الدولة بدت وكأنها مستسلمة لموضوع التهرب والتهريب الضريبي والتهرب من دفع الضرائب من قبل كل اللبنانيين بمعنى ان تقدير الايرادات الضريبية كان هناك نوع من الاعتراف من قبل الحكومة انها غير قادرة على ضبط التهرب الضريبي او تحسن الوضع وستبقى تتعامل على اساس ان هناك نسبة كبيرة يقدّرها البعض بـ50 او 60 % من التهرب الضريبي بما يعني ان 40% من المكلفين يدفعون كامل الايرادات بالنيابة عن كل اللبنانيين الذين يجب ان يدفعوا الضرائب ولا يسددونها وهنا تكمن مشكلة كبيرة”.
ولفت الى أن ترك الوضع كما هو والموازنة من دون خطة انقاذ فان اي زيادة على الضرائب والرسوم تشكل ضغطاً اضافياً على الوضع المعيشي للمواطن لان مداخيل الناس سيئة ولا يتم مواكبتها مع زيادة الرسوم والضرائب وكذلك ضغطاً على الاقتصاد الشرعي ويمكن ملاحظة ان الاقتصاد غير الشرعي ينمو أكثر فأكثر وتشير التقديرات الى انه يشكل 50 % اي ان نصف الاقتصاد اللبناني بات غير شرعي وهذا الامر خطير وسيء جداً”.
واستطرد فرح قائلاً: “من المآخذ على هذه الموازنة ايضاً أننا كنا نتوقع ان تنطلق الى تحديد سعر صرف الليرة اللبنانية الا ان هذا الامر لم يتمّ وبقيت الموازنة غامضة الى حدٍّ ما وتلجأ الى اعتماد اكثر من سعر صرف بما يصعّب اعتماد سعر صرف موحد في البلد وهذا الموضوع انتظره مصرف لبنان ليبني عليه والمؤسسات الأخرى، موضحاً ان عملية استعراضية حصلت في الموازنة بموضوع فرض عقوبات على المستفيدين من صيرفة ومن موضوع الدعم وبنظرة أولية ما ورد في الموازنة مبهم بطريقة انه لن تتمّ محاسبة أحد وان هذا الموضوع لذرّ الرماد في العيون وكأنه رفع عتب والقول انه جرت محاولة لمعالجة هذه النقطة بعد ما تبين ان مافيات ومضاربين استفادوا من الدعم بطريقة غير شرعية ويحاولون القول في هذه الموازنة انه ستتمّ المحاسبة ولكن القناعة هي ان من خلال الطريقة التي برز فيها هذا الموضوع تؤكد انه لا محاسبة ولا من يحاسبون”.
وعن الفئات الأكثر تضرراً من هذه الموازنة، أكد فرح أنه “في الواقع المواطن اللبناني سيتحمل العبء الاضافي لأن الرسوم والضرائب ارتفعت وبالمقابل المداخيل لا زالت على حالها ومن بين اللبنانيين بشكل عام فان شريحة موظفي القطاع العام هم الأكثر تضرراً لأنهم الأقلّ مدخولاً بين كل الفئات على اعتبار ان قسماً من القطاع الخاص استطاع التأقلم نسبياً مع الأزمة وتمكن من تحسين مداخيل الموظفين لديه في حين انه في القطاع العام لا زالت في مرحلة متدنية وسيئة”.
وزاد على ذلك: “المتضرر الاساسي ايضاً هو المؤسسات الشرعية التي تتعاطى مع الدولة وتدفع الضرائب بشكل قانوني ومنتظم وشرعي وزادت عليها الضرائب والرسوم من دون ان تمتلك القدرة على تحسين ايراداتها على اعتبار اننا نعرف كيف هو وضع البلد داخلياً اضافة الى تداعيات حرب غزة التي أثّرت سلباً على ايرادات كل المؤسسات”.
وشدد على أنه من ممكن ان يكون “المنتفع” هو الاقتصاد غير الشرعي اي المؤسسات التي تتهرب من دفع الضرائب سيكون لديها قدرة تنافسية أكبر على المؤسسات الشرعية التي تسدّد الضرائب”.
وختم فرح حديثه قائلاً: “امام هذا المشهد نتوصّل الى نتيجة مفادها ان الاقتصاد في البلد هو المتضرر الأكبر والأول بشكل عام”.