Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر December 14, 2023
A A A
للأخوين فرنجيه بصمات فيها وابن الكورة رئيسها… ما هي هذه اللجنة الوطنية وما مهامها؟
الكاتب: حسنا سعادة - موقع المرده

من الاونيسكو وفيها انبثقت اللجنة الوطنية اللبنانية، هذه اللجنة التي للأخوين فرنجيه بصمات واضحة فيها فرئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجيه هو من وقع النص القانوني الذي ينظم حاليًّا عمل اللجنة، اما رجل الاستقلال حميد فرنجيه وزير الخارجية انذاك فقد ترأس أول دورة للمؤتمر العام لمنظمة الأونيسكو خارج المقر الرئيس في باريس، وهي الدورة الثالثة التي انعقدت في بيروت عام 1947، ولأجلها بني قصر الأونيسكو المعروف.
اليوم يرأس هذه اللجنة المحامي شوقي ساسين، ابن قضاء الكورة الذي انتخبته الهيئة العامة التي عيًنها وزير الثقافة محمد وسام المرتضى وذلك لما لديه من مؤهلات ثقافية وقانونية وعلمية.

موقع المرده كان له لقاء مع رئيس اللجنة لالقاء الضوء على مهامها ودورها وصلاحياتها فكانت الاسئلة والأجوبة على الشكل التالي:

* هل بالامكان وضعنا في اجواء مهام اللجنة الوطنية اللبنانية للاونيسكو؟ وهل يقتصر دورها على التوعية فقط؟
– تطوي اللجنة الوطنية اللبنانية للأونيسكو هذا العام عيدها الخامس والسبعين. فقد أنشئت عام 1948 على إثر انضمام لبنان إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة UNESCO، تطبيقًا لنص المادة السابعة من الميثاق التأسيسي لهذه المنظمة، وذلك لتكون حلقة الوصل بينها وبين الدولة اللبنانية في سبيل العمل معًا على إحلال السلام بين البشر من خلال التعاون الدولي في مجالات التربية والعلم والثقافة. وقد عرفت قوانين اللجنة الوطنية وأنظمتُها عدة تعديلات منذ نشوئها، وهي الآن خاضعة لوصاية وزارة الثقافة، بعدما كانت من قبل تحت وصاية وزارة التربية.
​تتألف اللجنة الوطنية من أربعة أجهزة هي: الهيئة العامة، اللجان المتخصصة، المكتب التنفيذي والأمانة العامة.
تعيَّن الهيئة العامة بقرار من وزير الثقافة، وتنتخب أول اجتماع تعقده رئيسًا ومكتبًا تنفيذيًّا، كما يتوزع أعضاؤها بحسب اختصاصاتهم على لجان التربية والعلم والثقافة والاتصالات. أما الأمانة العامة فهي المطبخ الحقيقي للمشاريع والبرامج والأداة التنفذية لها بعد موافقة المكتب التنفيذي عليها.
وبعدما كان نشاط اللجنة الوطنية مقتصرًا على العلاقة مع منظمة الأونيسكو التابعة للأمم المتحدة، فقد باتت اليوم تلعب الدور نفسه مع منظمة الألكسو (المنظمة العربية للتربية والعلم والثقافة التابعة لجامعة الدول العربية) ومنظمة أنا ليندا الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات، ومؤخرًا مع منظمة الإيسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والعلم والثقافة التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي).
تتولى اللجنة مهمات رئيسية أربعًا:

– مهمة استشارية تتمثل في تقديم المشورة إلى الدوائر والإدارات الرسمية الوطنية كافة، وإلى الوكالات والمؤسسات والمنظمات الوطنية حول الأمور المتعلقة باليونسكو والألكسو والبرامج الخاصة بكل منهما.
– مهمة اتصال بين الهيئات الوطنية التي تعنى بمجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال والمعلومات من ناحية، واليونسكو والألكسو من ناحية أخرى.
– مهمة إعلامية لنشر الوعي بأهداف اليونسكو والألكسو وأعمالهما، ونشر قيمهما وتعزيز الوعي بالمسائل التي تعالجانها.
– مهمة تنفيذية تشارك بموجبه، نيابةً عن لبنان، في إبداء الرأي ببرامج وميزانيات اليونسكو والألكسو وتنفيذ تلك البرامج والميزانيات.

* ما النشاطات التي قمتم بها وماذا على جدول الاعمال في المستقبل؟
​- على امتداد ثلاثة أرباع قرن تعاقبت على اللجنة شخصيات فكرية وثقافية أثرت دورها الريادي عبر الندوات والإصدارات والترجمات، وإنشاء المكتبات، وتأسيس أندية الأونيسكو في المدارس والجامعات، وإنشاء شبكة المدارس المنتسبة إلى الأونيسكو التي فاق عددها الثمانين، والإسهام في تأسيس كراسي الأونيسكو في الجامعات وآخرها كرسي للبحوث القانونية في جامعة الروح القدس الكسليك، وكذلك الإسهام في إعداد الدراسات والملفات لإدراج التراثين المادي وغير المادي اللبنانيين على لائحة التراث العالمي للأونيسكو: (جبيل – بعلبك – صور – عنجر – وادي قاديشا – معرض رشيد كرامي في طرابلس، كتراث مادي) وكذلك (الزجل والخط العربي والمنقوشة، كتراث غير مادي). واللجنة الوطنية عضو أساسي في فعالية طرابلس عاصمة للثقافة العربية التي ستقام السنة المقبلة 2024 بالتعاون مع منظمة الألكسو. ويبقى عليّ هنا أن أشير إلى أمرين:
• أن أول دورة للمؤتمر العام لمنظمة الأونيسكو خارج المقر الرئيس في باريس، هي الدورة الثالثة التي انعقدت في بيروت عام 1947، ولأجلها بني قصر الأونيسكو المعروف، وكانت برئاسة المغفور له الوزير حميد فرنجيه.
• أن النص القانوني الذي ينظم حاليًّا عمل اللجنة الوطنية هو المرسوم رقم 3196 الصادر بتاريخ 13/5/1972، ممهورًا بتوقيع المغفور له فخامة الرئيس سليمان فرنجيه، وتلك يدان من فضلٍ إهدنيتان.

* في ظل الاوضاع الراهنة وطغيان التطورات الامنية على ما عداها اين دوركم؟
– منذ ما يزيد على العام تسلمنا مسؤولياتنا في اللجنة الوطنية. فكان علينا أن نواجه الأوضاع الصعبة التي حلت بالوطن والمواطنين، ولا سيما من الناحية المعيشية. ففي ظل الأزمة المصرفية وانهيار الليرة اللبنانية وتدني قيمتها الشرائية، وتبخر قيمة الرواتب، حاولنا بكل الوسائل أن نعمل على تأمين الحد الأدنى الذي يمكننا من الاستمرار في تأدية الواجب الثقافي الذي نقوم به، تعبيرًا عن المعنى الحقيقي لوجود لبنان مهد الأبجدية والوطن الرسالة. استطعنا من ضيق ذات يدِنا، أن نجهز جانبًا من الطبقة الثانية في قصر الأونيسكو، وأن ننقل مقرنا إليه. وبقي موظفو الأمانة العامة مواظبين على أداء أعمالهم اليومية دونما شكوى. كما استمرت اللجنة في تنفيذ البرامج والمشاريع مع المنظمات الدولية ذات الصلة، وفي إثبات حضور لبنان وسط المحافل والمؤتمرات الثقافية والتربوية. وعلى سبيل المثال أذكر أن نائبة رئيس اللجنة الوطنية الدكتورة تمارا الزين انتخبت رئيسة للجنة العلوم في مؤتمر الأونيسكو العام الذي انعقد في باريس الشهر الماضي، وأن رئاسة اللجان الوطنية للأونيسكو في جميع الدول العام الماضي، كانت للبنان بشخص الأمينة العامة للجنة الوطنية الأستاذة هبة نشابة، وأن الجائزة الأولى لأفضل أغنية أطفال تمجد السلام نظمتها الأونيسكو على صعيد العالم كله للعام 2023، كانت من نصيب كورال أطفال مدرسة راهبات العائلة المقدسة في الفنار، على أغنيتهم “كمشة سلام”.

* برأيك هل تراجع المستوى الثقافي في لبنان؟
– لا شك في أن الثقافة بمعناها التقليدي تراجعت كثيرًا في الدول والمجتمعات كافة، وباتت التفاهة بشكل عام سمة العصر، كما يرى مفكرون كبار في مقدمهم ألان دونو أستاذ الفكر النقدي في العلوم السياسية في جامعة مونريال كندا، واضع الكتاب الشهير “نظام التفاهة”. وهذا بلا ريب تلمسونه في الإعلام أنتم أيضًا. لكن هذا التراجع لا ينفي وجود حراك ثقافيّ حي ما زال يصارعُ من أجل الحفاظ على وجه لبنان المشرق، في ظل ما ينتابه من أزمات. فلو تأملنا ما تخرجه المطابع، وما تصدح به المنابر الثقافية، وما يقام من معارض ويُخرجُ من أفلام ويُلعَبُ من مسرحيات، وما يُوزَّعُ من أغانيَّ ومعزوفات، لثبت لدينا بالدليل القاطع أن روح الثقافة ما زالت تنبضُ في لبنان، لكنها بحاجة إلى عناية إعلامية أكثر اهتمامًا. ففي عصر الصورة والخطاب الرقمي تبقى مواكبة الإعلام للثقافة ذات فعالية قصوى، من غير أن أهمل دور التربية والمدارس بالتحديد في اكتشاف المواهب الشابة وتنميتها.

​* هل هناك دعم فعال للجنة لممارسة عملها ام ان الدعم محدود؟
– ​الدعم الأول الذي نحظى به هو إيماننا بدورنا الثقافي الرائد، الذي يمنحنا ثقة بأن الصعوبات كلَّها قابلة للتذليل والتجاوز. وفي ما خلا الدعم المعنوي من السلطة الرسمية، وبخاصة وزارة الثقافة صاحبة الوصاية، ووزارتي التربية والإعلام، لا ننال أي دعم مادي من أحد. بل نحن في فاقة تحول في بعض الشهور بيننا وبين تسديد الرواتب للعاملين في الأمانة العامة ودفع النفقات التشغيلية الأخرى. ولهذا السبب نسعى حاليًّا مع دولة رئيس مجلس الوزراء ومعالي وزير الثقافة إلى إيجاد حلول تمكننا من تجاوز ما نحن فيه.

​* ختاماً اديب وشاعر ومحام تجمع المجد من اطرافه وتبرع في المجال الثقافي والقانوني وفي الشعر والادب سؤالنا الاخير اي مجال هو الاحب الى قلبك؟
– ​يذكرني هذا السؤال بقول عروة بن الورد: أقسّمُ جسمي في جسوم كثيرة.
​الحقيقة أنني لا أستطيع أن أتصور أحدًا يكتفي من مهنته بعلمِها، ولا يلتفت إلى الثقافة بمفهومِها الواسع. أنا أفخر بأني محامٍ زاولت المهنة على امتداد خمسة وثلاثين عامًا، وبنيتُ لاسمي فيها موضعًا، ولو عند زاويةٍ صغيرة، في العمل المهني البحت والنقابي العام. لكنني أفخر أيضًا بأنني أطل على الأدب من بوابة القانون، وعلى القانون من شرفة الأدب، وأنني أولًا وأخيرًا شوقي ساسين الإنسان العاري من الصفات والألقاب والمواقع، العارف بأنني ناقص لا أكتملُ إلا بمحبة الآخر.