Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر March 16, 2023
A A A
لقاحات “كوفيد”… حقائق تخرج إلى العلن
الكاتب: زيزي إسطفان - نداء الوطن

سنتان تقريباً مرّتا على بدء تلقي لقاحات كوفيد 19 التي تهافت الناس عليها كأنها حبل نجاة ينقذهم من براثن الفيروس القاتل. وتوالت الجرعات ثانية وثالثة ورابعة وإن خفّ التهافت عليها. بعض الناس رفضوا منذ البداية أخذ اللقاح لأسباب مختلفة، بعضها علمي وكثيرها أفكار مسبقة دينية أو عن عناد ورغبة في تحدي الفيروس…اليوم أقاويل تسمع عن أعراض غريبة أصابت فلاناً أو علتاناً نتيجة اللقاح. فهل بدأت تظهر آثاره السلبية أم هي مجرد أوهام في أذهان الناس الخائفين من كل شيء؟
موضوع كورونا ولقاحاتها يعود الى الواجهة من جديد مع انتشار الروايات والأخبارعن أعراض غربية تصيب البعض ولا يجدون لها تفسيراً. لا يتوقف الأمر عند ثرثرة وشائعات بل يتعداه ليطال حالات موت شباب بسبب أزمات قلبية مجهولة المصدر او جلطات دماغية اصابت البعض من دون إنذار. البعض يردّ كل ما يصيبه من مشاكل صحية أو نفسية الى «الطعم». حتى شعرها الذي لا ينمو كما يجب بعد قصّه ترده تريز الى «طعم» كورونا فيما يتهمه فؤاد بتراجع قدراته الرجولية… لكن بعيداً عن الأوهام المضخمة ثمة أعراض جانبية مختلفة لا ينكرها الأطباء مطلقاً.

منذ اسبوعين استفاقت روسيا على خبر مقتل العالم أندريه بوتيكوف الذي ساهم في اختراع لقاح سبوتنيك، وقبل ذلك أطلق الخبير في الإحصاءات الفرنسي بيار شايو كتاباً مدوياً أثار عاصفة من التعليقات المؤيدة والمعارضة يحمل عنوان «Covid-19, ce que révèlent les chiffres officiels» وقد ترك فيه للأرقام أن تتكلم وتكشف التضخيم المفتعل الذي رافق جائحة كورونا وصحة امتلاء المستشفيات وفعالية اللقاحات والأعراض الجانبية وكذلك صحة فحوصات الـ PCR التي تم اعتمادها كمرجع أول لتحديد أعداد المصابين… أما في الولايات المتحدة فيعمل عدد من المحامين على إثبات أن اللقاحات قد تسببت بأضرار جانبية لمتلقينها؛ ونشر مايكل غيهلاين وهو محامٍ متخصص بإصابات العمل وباحث قانوني مع خلفية طبية معمقة بحثاً موسعاً حول شركات الأدوية الكبرى التي يقول إنها تلاعبت بالناس وتحايلت عليهم عبر اللقاحات وربحت جراءها مليارات الدولارات… أما القنبلة الأخيرة فتتمثل بالخبر الذي انتشر منذ ايام ويؤكد أن كورونا فيروس تسرب من احد المختبرات في ووهان الصينية. حقيقة كورونا إذاً ولقاحاته لم تتكشف بعد، وبين من يؤمنون بنظرية المؤامرة حول نشأة الفيروس وصحة كل ما قيل عنه وبين المراجع الصحية والحكومات التي أعلنت الحرب عليه، لا يزال الجدل محتدماً.

 

 

ذعر مفتعل

وبحسب متخصصة بالكيمياء البيولوجية والبيولوجيا الجزيئية والمناعة الإنسانية الجينية ( وه) تابعت الجائحة منذ بداياتها وأدركت سريعاً ان ثمة تضخيماً غير مبرر لها كما تقول. فيروس كوفيد ليس جديداً وهو من عائلة فيروسات كورونا المعروفة ويشبه فيروس Sars الذي انتشر منذ سنوات ولم يكن يتطلب حجراً صحياً كالذي فرض في بلدان عدة بإيعاز من الحكومات لأسباب سياسية. وقد دفعت هذه السياسات الإعلام الى تضخيم الأمر بغية خلق حالة من الذعر بين الناس.

وتؤكد الإختصاصية ـ وهي أستاذة في كلية الطب في الجامعة اللبنانيةـ أن 52 فيروساً مختلفاً يمكن أن تعطي نتيجة إيجابية خلال فحص الـPCR وليس الكوفيد وحده. أما حالات الوفاة التي تم الحديث عنها اثناء الجائحة ففيها مبالغة واضحة وكل عام يموت بسبب فيروسات الـ grippe أعداد كبيرة من الناس ولم يتم يوماً التحذير منه او الإشارة الى امتلاء المستشفيات بالمصابين به. ومعظم الذين دخلوا المستشفيات بسبب كوفيد هم من الحالات التي لديها استعداد مرضي أو من الذين أصيبوا بالذعر فتفاقمت حالهم بعد أن أجبروا على البقاء في منازلهم واتخاذ إجراءات قصوى كالعزل وغيره… وقد تم تضخيم اعداد الوفيات بحيث شملت كل من توفي عند إصابته بالفيروس حتى ولو لم يكن الفيروس السبب المباشر للوفاة. وتتساءل الاختصاصية اين صار فيروس كورونا ومتحولاته اليوم؟ ولماذا تم تضخيم المتحولات في حين أن كل العلماء يعرفون جيداً ان كل الفيروسات تشهد تحولات وطفرات جينية هي في مبدأ تكوينها.

من هذا المنطلق يمكن فهم السياسة التي اعتمدت في اللقاحات بحسب ما تقوله الخبيرة. «المبدأ الذي قام عليه اللقاح مشكوك فيه ولم يجرب سابقاً حتى أنه لا يؤمن حماية تامة من الفيروس بل يخفف من أعراضه. ولو لم يتم خلق هذا الذعر عند الناس وإلزامهم بإجراءات حجر صارمة لما صار هذا التهافت على أخذ اللقاح وبالتالي لما استطاعوا كسب الأموال الطائلة. سابقاً كان العلماء يمضون سنوات لإنتاج لقاح فكيف ولدت لقاحات كوفيد بهذه السرعة؟ ولماذا اصرت الشركات المنتجة على عدم التكفل بأية أعراض جانبية تحدث من جرائه وأجبرت الدول على توقيع هذا العقد كشرط اساسي للحصول عليه. ولماذا لم يتم الاعتراف بأدوية أثبتت منذ زمن بعيد قدرتها على مقاومة الفيروسات مثل دواء إيفرمكتين؟».

 

 

حقائق تتكشّف

اسئلة قد تثير الغضب عند المقتنعين بأهمية اللقاح والدور الذي ادّاه في محاربة الجائحة وإيقاف تداعياتها. لكن الاختصاصية المتابعة عن كثب لكل السجالات العلمية الدائرة بين الطرفين تقول إن الأعراض الجانبية للقاحات قد بدأت تظهر منذ سنة وأكثرها أمراض قلبية تصيب الرياضيين الشباب بشكل خاص إضافة الى أعراض مختلفة غريبة مثل عدم انتظام الدورة الشهرية عند النساء. وقد بدأ اشخاص يخرجون الى الإعلام ويتكلمون ويشكون من أعراض غريبة لكن يبدو أن قانون الصمت وكم الأفواه يطبق على كل من يحاول الكلام وكشف الأمور، فالمسؤولون ليس لديهم ما يقولونه بعد أن اختبروا اللقاح على الناس دون ابحاث معمقة تثبت أهليته التامة وعدم تسببه بمضاعفات. ما يحدث ليس قطعاً أوهاماً وإن اختلفت الأعراض من شخص الى آخر واعتماد اللقاحات على الحمض الريبي النووي RNA المصنّع جعلها تدخل الى تركيبة الخلايا متسببة بأعراض جانبية متعددة لا يمكن التكهن بمسارها كما أنها ساهمت في تخفيض المناعة الأصلية للجسم. لكن لحسن الحظ لا تصيب هذه المضاعفات الجميع إذ أنها تعتمد على حالة الشخص الصحية ونقاط ضعفه وحالة خلاياه. لكن ما يمكن ملاحظته هو أنه كلما زاد عدد الجرعات زاد خطر حدوث مضاعفات كما تقول الاختصاصية.

«اليوم للاسف «من ضرب ضرب ومن هرب هرب» وقد بات اللقاح اسوأ من الفيروس لكنهم هيأوا الأرضية الصالحة عن طريق زرع الذعر بين الناس فلم يجرؤ أحد على الشك أو التساؤل حول الأعراض التي يمكن أن تنجم عن اللقاحات».

كان لا بد أن نحمل وجهة النظر هذه التي بات كثر يتبنونها اليوم لمقارنتها مع وجه النظر الطبية الرسمية مع د. عبد الرحمن البزري رئيس اللجنة الوطنية للقاحات كورونا. يعترف د. بزري انه ما من شك أن اللقاحات قد انقذت البشرية من اهم وباء فتك بها في الزمن المعاصر. وقد تحرك الطب بسرعة وقضى على الجائحة وقلل من عدد الإصابات والوفيات عبر اللقاحات التي أدت واجبها.

ولكن كون اللقاحات قد أعطيت لثلاثة مليارات شخص في العالم وبفترة زمنية قصيرة كان لا بدّ للترصد الدوائي أن يكشف عن آثار جانبية لها خاصة مع تطور مبدئه وتحسن أدواته، إذ بين هذه الأعداد الكثيفة كان لا بد أن تظهر أعراض سلبية لا ينفيها أحد بل هي موثقة. ولكن بشكل عام فإن المراجع العالمية مثل منظمة الصحة العالمية وإدارة الغذاء والدواء الأميركية حين تراقب الدواء وتتأكد ان حسناته تفوق السيئات فهي توافق عليه رغم آثاره.

في لبنان 60% من الاشخاص نالوا الجرعتين الأولى والثانية لذا كان لا بد من ظهور بعض الأعراض الجانبية، منها ما هو موثق ومنها ما لا يستطيع الاطباء تفسيره فيضعونه على عاتق اللقاح كما وضع سابقاً على عاتق كورونا.

يؤكد د. بزري أنه لا بد من الفصل بين الحقيقة والأوهام قائلاً، أنه لا يمكن ربط حالة واحدة بنمطية معينة. فإذا ما تعرض شاب أو صبية لتطور طبي مؤسف ادى الى الوفاة ولم يحدد سببه لا يمكن اتهام اللقاح. الاحتمالات دوماً موجودة لكنها غير مثبتة والربط بين السبب والمسبب يجب أن يكون ربطاً باتولوجياً مترافقاً مع أدلة ظرفية ولكن يجب التنبه ألا نبني الكثير من الخلاصات بناء على أدلة ظرفية.

فاللقاحات أوقفت الجائحة وحدت من خطورتها والدول التي لقحت ابناءها هدفت الى حمايتهم، أما القول إن لقاحات كورونا لم تختبر بشكل كاف فإن الوضع الذي كان سائداً فرض اتخاذ القرار بوقف التفشي السريع للفيروس عبر تبني لقاحات جديدة تم العمل عليها بسرعة قصوى استناداً الى دراسات سابقة. ففي علم الفيروسات يستفيد الطب من كل فيروس ليطور أدوية و لقاحات تجاهه وبسبب كورونا استطعنا تطوير علم المناعة واللقاحات.

« كنا أمام تحد» يقول د. البزري «وانتصرنا ولكن كل معركة فيها خسائر والربح هنا كان أهم من الخسائر والدليل أن المعركة انحسرت. لقد فضلنا المخاطرة بحصول بعض الأعراض الجانبية على المخاطرة باستمرار الجائحة واستناداً الى طبيعة الحالة الطارئة أعطت منظمة الصحة العالمية ما يسمى بموافقة الاستخدام الطارئة وEmergency Use Authorization التي تتعلق بالقواعد القانونية. وبرأيي كان إعطاء اللقاحات قراراً صائباً وسليماً فلو ترك الوباء يتفاعل لكانت نتائجه المباشرة وغير المباشرة كارثية على الإنسانية واقتصادات الدول. لقد أدّت اللقاحات الوظيفة المطلوبة منها. اليوم ليست كل الأعراض التي يحكى عنها وليدة اللقاحات فالمعلومات التي تربط حصول الجلطات باللقاحات ليست مؤكدة ويمكن أن تطرأ الجلطات أيضاً عند اشخاص لم يتلقحوا. وحتى اللقاحات التي اختبرناها منذ خمسين سنة لها تأثيرات جانبية لكن فائدتها تخطت تأثيراتها».

رأيان متعاكسان لكنهما يتركان للمتلقي أن يقارن بينهما ويبني على اساسهما قناعاته الخاصة. معظمنا سارع لأخذ اللقاح دون الكثير من البحث والتدقيق والتفكير بالعواقب والبعض أنكرها منذ البداية لكن ربما حان الوقت لنظرة تحليلية أكثر عمقاً بعيداً عن الأوهام… على أمل أن يحفظنا الله من تأثيرات اللقاحات السلبية فلا تزيد على همّ العيش في هذا البلد همّاً آخر…