Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر December 30, 2020
A A A
لقاحات كورونا.. هذا ما نعرفه حتى الآن و3 أمور لا إجابات عليها بعد!
الكاتب: عربي بوست

تمت الموافقة على عدد من لقاحات كورونا، وبدأت كثير من دول العالم تطعيم مواطنيها بالفعل بحسب القواعد التنظيمية المعتمدة، فما الذي نعرفه عن تلك اللقاحات حتى الآن؟ وما أبرز 3 حقائق لا نعرفها بعد؟

 

 

كم لقاحاً تم اعتماده؟
لدينا الآن لقاحات فايزر/بايونتيك وموديرنا (أميركا) حصلا على موافقة طارئة من هيئة الأغذية والدواء الأميركية وحصل الأول منهما على نفس الموافقة من هيئة الدواء البريطانية وهيئة الدواء الأوروبية، وبدأ التلقيح بهما في الولايات المتحدة (تم تطعيم 2 مليون أميركي بالفعل بالجرعة الأولى)، وكذلك في بريطانيا وبدأت دول الاتحاد الأوروبي حملة التطعيم الاثنين 28 ديسمبر/كانون الأول.

ولدينا أيضاً لقاح سبوتنيك الروسي الذي بدأت حملة قومية للتطعيم به في روسيا قبل أسبوعين، واللقاح الرابع هو أسترازينكا/ أوكسفورد البريطاني الذي تعرض لما يمكن تسميته بالانتكاسة مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري بسبب طريقة عرضه في وسائل الإعلام، أما اللقاح الخامس فهو لقاح سينوفارم الصيني الذي بدأت بعض الدول حول العالم، ومنها دول عربية كالإمارات ومصر والمغرب، في تلقي شحنات منه بالفعل.

وهناك حديث عن لقاحات أخرى في مراحلها التجريبية الأخيرة منها لقاح صيني آخر ولقاح ألماني، دون أن تصدر بيانات مؤكدة بشأن موعد اعتمادها والبدء في التطعيم بها. وتكمن أهمية اللقاحات في أنها تمثل بارقة أمل كبيرة في معركة البشرية ضد وباء كورونا الذي أصاب نحو 82 مليون شخص حول العالم وأودى بحياة أكثر من 1.78 مليون شخص، ولكن ذلك لا يعني أن المعركة أوشكت على الانتهاء مع بدء حملات التطعيم باللقاحات.

وكما قال أشيش جا، عميد كلية الصحة العامة في جامعة براون، لموقع Vox الأميركي: “في نهاية المطاف السؤال الأهم هو متى يمكن أن يمارس الناس حياتهم دون التفكير في كوفيد-19؟”، أو بمعنى أدق متى تتحول جائحة كورونا إلى عدوى موسمية مثل الإنفلونزا العادية وهل اللقاحات التي تم التوصل إليها خلال أقل من سنة واحدة قادرة على أن تصل بنا إلى تلك النقطة؟

وحتى تكون هناك إجابة مباشرة عن هذه الأسئلة، لابد من أن يمتلك العلماء والحكومات إجابات على ثلاث نقاط رئيسية أولاً حتى تكتمل الصورة بشأن مدى فاعلية اللقاحات وقدرتها على احتواء الفيروس سريع الانتشار، وهذه النقاط أو العقبات هي:

 

 

1- ما مدى قدرة اللقاحات على منع تفشي كورونا؟
بشكل عام تزيد نسبة فاعلية اللقاحات التي تم اعتمادها حتى الآن عن الـ90%، وتصل تلك النسبة في لقاحي فايزر/ بايونتيك وموديرنا إلى 95%، وهو ما يعني قدرتها على حماية الغالبية العظمى من الذين يتناولون اللقاحات من تعرضهم لعدوى الوباء بصورة تتطلب إدخالهم إلى المستشفيات، أو أن يصابوا بأعراض كورونا الأكثر انتشاراً مثل فقدان حاسة الشم أو ارتفاع الحرارة والسعال.

لكن بعض الناس يحملون عدوى الوباء ولا تظهر عليهم أي أعراض، وبعضهم قد تظهر عليه الأعراض لاحقاً وقد لا تظهر أبداً، وبالتالي فإن التعرف على حاملي العدوى ومنعهم من نقل العدوى لآخرين (سواء بعزلهم أو تطعيمهم باللقاح أو الاثنين معاً) هو أمر أساسي في مسألة احتواء تفشي العدوى، وحالياً الطريقة الرئيسية للتعرف على المصابين بالعدوى هي التوسع في إجراءات الفحص والتتبع للمخالطين وهي عملية مجهدة ومكلفة للغاية في الوقت والموارد البشرية والمالية.

 

 

لقاح فايزر
وتنطبق نفس الإشكالية على التجارب السريرية للقاحات خصوصاً في المرحلة الثالثة التي تهدف إلى دراسة مدى نجاح اللقاح في منع انتشار المرض في العالم الفعلي، أي بعيداً عن العيادات الطبية أو أماكن إجراء الدراسات.

وحتى يتمكن العلماء والباحثون من الوصول إلى نتائج حاسمة، فهم يحتاجون إلى إجراء الاختبارات السريرية في مرحلتها الثالثة على عشرات الآلاف من البشر وربما ملايين، وفي حالة لقاحات كورونا توصل العلماء بالفعل إلى أن اللقاح سيكون قادراً على تقليل تفشي العدوى، لكنهم لم يتوصلوا بعد إلى النسبة الدقيقة لذلك الانخفاض.

وقالت ماريا إيلينا، المدير المشارك في مركز تطوير اللقاح في مستشفى الأطفال بتكساس، لموقع Vox: ما نعرفه هو أن الدراسات ركزت بالتحديد حتى الآن على فاعلية اللقاحات فيما يخص حدة المرض، أي تخفيف حدة أعراض المرض نفسه، لكن لا توجد دراسات بعد تساعدنا على فهم كيف يمكن أن نوقف التفشي بشكل مؤكد”.

وتخطط بالفعل الشركات التي تجري التجارب السريرية على اللقاحات أن تختبر المشاركين في تلك التجارب لترى إن كانت هناك عدوى خفية بينهم (عدوى دون أعراض)، ولكن نتائج تلك الاختبارات تحتاج لمزيد من الوقت حتى تتوصل إلى نتائج مقبولة علمياً.

وكانت شركة موديرنا قد نشرت بيانات مبكرة أظهرت أن لقاحها بدأ في تقليل انتشار العدوى بالفعل في الفترة الزمنية التي تفصل بين الجرعات وهي 28 يوماً.

وتنبع أهمية هذه النقطة من حقيقة أن سرعة اللقاح في تقليل انتشار الفيروس تتناسب طرديا مع وصول السكان بسرعة إلى ما يعرف بمناعة القطيع، وهي النقطة التي تتقلص عندها قدرة الفيروس على نشر العدوى بسرعة. ويقدر العلماء أن الوصول لمناعة القطيع يعني أن من 60% إلى 90% من السكان قد أصبحوا محصنين ضد العدوى، سواء عن طريق اللقاح أو التعرض للعدوى.

النقطة الأخيرة هنا وهي هامة للغاية تقول أن تناول اللقاحات لا يعني أن كل شخص تم تطعيمه يصبح محصناً بنسبة 100% ضد العدوى، وبالتالي لابد من ارتداء الكمامة والحفاظ على إجراءات التباعد الاجتماعي حتى يصل المجتمع إلى عتبة مناعة القطيع.

 

 

2- كم تبلغ مدة الحماية التي يوفرها اللقاح؟
أظهرت التجارب على لقاحي فايزر/ بايونتيك وموديرنا أن اللقاح يبدأ بسرعة في توفير الحماية ضد كوفيد-19، حيث تتكون الأجسام المضادة بعد تناول الجرعة الأولى من اللقاحين بصورة مباشرة. أما متى تختفي تلك الحماية أو الأجسام المضادة وهل تستغرق شهوراً أو سنوات فهو أمر غير واضح بعد.

ولا يمكن للباحثين معرفة الإجابة عن هذه النقطة إلا من خلال الانتظار والملاحظة، وهو ما يعني الاستمرار في تلك العملية بالنسبة لمن خضعوا للتجارب السريرية ولهؤلاء الملايين الذين تلقوا اللقاح ولا يزالون لمدة تصل إلى سنوات. لكن يمكن أن تظهر المؤشرات على المدى الزمني لاستمرار الحماية أو المناعة أو الأجسام المضادة التي تنتجها اللقاحات في مدى زمني أقرب، وذلك من خلال دراسة تأثير اللقاح على من يتلقاه خلال 6 أشهر أو عام لتحديد اتجاهات المدى الزمني.

وقد أظهرت التجارب السابقة مع فيروس سارس أو ميرس، وكلاهما يتشابه مع كورونا في كونه فيروس يصيب الجهاز التنفسي، أن الأجسام المضادة التي تحمي من تلك الأمراض استمرت عدة سنوات، وهذا مؤشر جيد، لكن يظل فيروس كورونا المستجد وباء جديد لا يزال الكثير عن طبيعته مجهولاً بالنسبة للعلماء والباحثين.

 

 

3- متى يمكن أن يصل اللقاح للجميع؟
الإجابة عن هذه النقطة تقع على عاتق الحكومات وشركات الأدوية، وليس العلماء أو الباحثين. لكنها تظل النقطة الأهم في معركة الوباء ولا أحد يمتلك الإجابة عنها حتى الآن. فالولايات المتحدة الأميركية، أكثر دول العالم تأثراً بالوباء من حيث عدد الإصابات التي تقترب من 20 مليون حالة إصابة والوفيات التي تخطت 343 ألفاً، بدأت بالفعل في أضخم حملة تطعيم لمواطنيها على مر التاريخ.

لكن تعرض مخزون اللقاحات في البلاد بالفعل لعدد من المشكلات، وأبلغت بعض الولايات عن تخفيض حصتها من لقاح فايزر/ بايونتيك بينما أبلغت الشركة المصنعة للقاح عن فقدان كثير من الجرعات دون معرفة أين ذهبت.

وإذا كانت الصورة بهذا الشكل في الولايات المتحدة، فماذا عن الدول الفقيرة التي لا تمتلك الأموال وبعضها لا يمتلك إمكانيات ومتطلبات التخزين والتوزيع الخاصة بتلك اللقاحات؟ فلقاحا موديرنا وفايزر/ بايونتيك يحتاجان للحفظ في درجة حرارة تبلغ 70 درجة تحت الصفر وهذا في حد ذاته تحدي ضخم تواجهه الدول الأقل إمكانيات كي توفر اللقاح لمواطنيها.

وربما يكون اللقاح الروسي سبوتنيك أو الصيني سينوفارم أقل من حيث السعر ومتطلبات التخزين والتوزيع، لكن ذلك لا يمنع أن توفير اللقاحات للجميع يظل تحدياً هائلاً يتطلب من الحكومات أن تتعاون وتعمل معاً من أجل إيجاد حلول لتلك التحديات، فهل يشهد عام 2021 تغيراً في المشهد العالمي الذي غلب عليه الانقسام والاستقطاب والصراع؟