Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر December 8, 2020
A A A
لقاء بعبدا يُحرّك مياه تأليف الحكومة الراكدة.. فهل تحصل الولادة؟
الكاتب: محمد بلوط - الديار

ما الذي جعل عملية تأليف الحكومة تتحرك مجددا بعد جمود ومراوحة لأسابيع؟ وما هي الاسباب والوقائع التي جعلت الرئيس الحريري يصعد امس الى قصر بعبدا لاستئناف التشاور مع رئيس الجمهورية حول التشكيلة الحكومية؟ ثمة اسباب ومعطيات ادت الى تحريك مياه هذه العملية الراكدة سعيا الى الخروج من الازمة الراهنة، لكن هذا لا يعني ان الامور وصلت الى خواتيمها او ان الولادة صارت بمتناول اليد.

ووفقا للمعلومات المتوافرة فإن باريس تدخلت في الايام الاخيرة مرة اخرى للدفع باتجاه تحسين الاجواء بين عون والحريري وحلحلة العقد التي تواجه التأليف، سعيا الى التوصل الى الاتفاق على التشكيلة الحكومية قبل زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون للبنان المنتظرة في النصف الثاني من هذا الشهر.

والى جانب عذه الجرعة الفرنسية المنشطة لتحسين مناخ تأليف الحكومة، هناك معطيات داخلية اخرى دفعت باتجاه اعادة تحريك الوضع الحكومي منها دور الثنائي الشيعي المشجع لاستئناف الحوار المباشر بين عون والحريري وما قام به الرئيس بري بعيدا عن الاضواء من دور في هذا الاطار لاستئناف عملية التأليف بالزخم الذي جرى في الاسابيع الاولى من احل تأليف الحكومة باسرع وقت. وقد عكس بيان المكتب السياسي لحركة امل هذا التوجه في بيان وتأكيده على وجوب ان يكون هذا الاسبوع اسبوع حسم تشكيل الحكومة.

ومما لا شك فيه ايضا ان الحريري، الذي كان انقطع عن زيارة بعبدا وعن التواصل المباشر مع الرئيس عون، لا يريد ان ترمى مسؤولية المراوحة والجمود عليه لذلك حرص على زيارة بعبدا امس ولقاء رئيس الجمهورية بروح واجواء الزيارات السابقة، اي بروح غير صدامية تفتح المجال امام استكمال التشاور في التشكيلة الحكومية غدا.

واذا كان الرئيسان قد تكتما على احواء اللقاء، فان مجرد استئناف الاجتماعات بينهما وضعته مصادر سياسية مطلعة في خانة الايجابية، لافتة الى ان تحديد موعد قريب للاجتماع التالي يوم الاربعاء، يعكس الرغبة في تسريع وتيرة التشاور حول التشكيلة الحكومية لحسمها.

لكن تبقى الامور مرهونة بتنازل كل طرف لمصلحة ولادة الحكومة سريعا، وهذا يقتضي التراجع عن الشروط والشروط المضادة، لا سيما ان الاستحقاقات الكبرى والضغوط التي تثقل البلد تفترض مثل هذا التفاهم باسرع وقت.

ويقول مصدر مطلع على مسار الوضع الحكومي ان الاجواء لا تؤشر الى ان الرئيسين عون والحريري توصلا الى تفاهم حول التشكيلة الحكومية، لكن الشيء الذي يمكن تسجيله ان هناك محاولة جديدة لتحريك مياه عملية التأليف الراكدة خصوصا قبل موعد زيارة الرئيس الفرنسي للبنان في النصف الثاني من الشهر الجاري.

ويشير المصدر الى ان نقاط الخلاف كانت قبل لقاء الامس تتمحور بشكل اساسي حول اسماء الوزراء المسيحيين وتوزيع بعض الحقائب، لافتا الى ان حصة الثنائي الشيعي لا ولن تشكل عقبة او عقدة في وجه الولادة اذا ما جرى حسم قضية الوزراء والوزارات المسيحية.

وتقول المعلومات في هذا المجال ان الثنائي الشيعي يعطي الحريري هامشاً جيداً في مسألة اختيار اسماء الوزراء الشيعة، وان هناك مجموعة اسماء يمكن اختيار اربعة منها من الاختصاصيين غير الحزبيين المحسوبين على الثنائي الشيعي.

ويرفض المصدر الخوض في تفاصيل الخلاف بين عون والحريري، لكن المعلومات التي رشحت مؤخرا قبل لقاء الامس تشير الى ان الرئيس المكلف يرفض ان يحتكر رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر تسمية معظم الوزراء المسيحيين، ويتمسك بأن تكون له الكلمة المرجحة في تسمية عدد من الوزراء لا سيما لبعض الحقائب الحساسة مثل الطاقة، كما يرفض حصول الرئيس عون والتيار على الثلث المعطل في الحكومة بأي شكل من الاشكال.

وتؤكد مصادر بعبدا ان رئيس الجمهورية يشدد على المعيار الواحد منذ البداية لعملية التشكيل، مشيرة الى المشكلة ليست مشكلة الحصة والاسماء المسيحية وانما تتعلق بالتشكيلة الحكومية الكاملة وكيفية انجازها وحسمها.

غير ان مصادر اخرى ترى ان هذا الموقف المعلن لا يعكس واقع الامر، وان رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر يتمسكان بتسمية 7 وزراء مسيحيين من اصل 9، مع الاخذ بعين الاعتبار ان الوزيرين الباقيين هما من حصة المرده.

وفي المقابل، تنفي مصادر التيار مثل هذه الاخبار معتبرة انها تسريبات غير صحيحة لان الرئيس المكلف لم يتواصل اصلا حتى الآن ولم يبحث معنا باي اسم او حقيبة وان التواصل محصور بينه وبين رئيس الجمهورية حتى الآن، وان كل ما يحكى وينشر عن شروط ومطالب لنا هي في اطار الايحاء باننا وراء تعطيل عملية التأليف.

وفي المقابل، تقول اوساط بيت الوسط ان الحريري لم يخرج عن اطار الآلية التي اعتمدت منذ البداية لتأليف الحكومة وهي التشاور مع رئيس الجمهورية خلال الاجتماعات التي عقدت بينهما، مشيرة الى انه في الآونة الأخيرة عكف على درس وتقويم كل ما حصل في السابق قبل ان يستأنف لقاءاته مع الرئيس عون امس.

وتحرص اوساط بيت الوسط على عدم الخوض في التفاصيل، مشددة على استكمال البحث غدا حول التشكيلة الحكومية ورغبة الرئيس الحريري كما كانت في اليوم الاول من تكليفه تشكيل حكومة اختصاصيين فاعلة وقادرة على القيام بدورها الانقاذي في هذه الظروف الصعبة.