لن يكون الخلاف بعد انعقاد “القمة العربية التنموية، الاقتصادية والاجتماعية” في بيروت مغايراً للجدل الذي نشب قبيل انعقادها وأدى الى انقسام سياسي حاد على رغم اجواء ايجابية بثت امس وربطها متابعون بكلام الوزير جبران باسيل في ملف الامام موسى الصدر، وملاقاة الرئيس نبيه بري له استناداً الى زواره الذين نقلوا عنه انه تلقى رسالة ايجابية في هذا الشأن، كما ربط المتابعون الغاء الرئيس سعد الحريري سفره الذي كان مقرراً غداً بالافادة من اجواء ايجابية خصوصا بعد جملة من المواقف والخطابات القيت في القمة، وتناولت ملف عودة النازحين السوريين الى بلادهم من دون عبارة “عودة طوعية” وضرورة اعادة تفعيل مشاركة سوريا في جامعة الدول العربية.
لكن “طراوة” الاجواء الذي اعتادها اللبنانيون عقب جولات العنف الكلامية خوفاً من انتقالها الى الشارع، لا تعني لهم حكماً تنازلات سياسية فعلية تؤدي الى ايجاد حلول للعقبات القائمة، والتي تحول دون الاتفاق على تأليف حكومة، كما تعرقل اعادة تفعيل حكومة تصريف الاعمال.
مؤيدو رئيس الجمهورية وفريقه السياسي يعددون الايجابيات المحققة من القمة في اعادة تسليط الاضواء على بيروت من باب اللقاء لا الارهاب والفوضى والخلافات السياسية، وكسر الحصار المفروض على لبنان، ذلك أنه على رغم عدم رفع مستوى التمثيل، ليت جميع الدول المدعوة الدعوة، يضاف الى ذلك ان لبنان سلط الضوء أيضاً على تداعيات ملف النازحين السوريين، واطلق أفكاراً ومبادرات.
في المقابل، يركز معارضو انعقاد القمة، على مستوى التمثيل، وغياب الحكومة، وعدم مشاركة سوريا، وعدم توافر الظروف المهيأة لتبني مبادرات تنموية، وعدم التعامل بمسؤولية وطنية مع ملف الامام الصدر.
ومما لا شك فيه ان لبنان نجح في تنظيم “القمة العربية التنموية”، لكن النتائج الفعلية رهن بالاتي من الايام والاشهر اذ انه لم يتم تبني مبادرة رئيس الجمهورية ميشال عون لانشاء مصرف عربي لاعادة الاعمار ومشاريع التنمية بسبب وجود صناديق عدة مماثلة في العالم العربي، والاهم بسبب غياب التمثيل الرفيع للدول الخليجية الممولة افتراضاً لأي صندوق أو مصرف مشترك. لكن لبنان، كما أفادت مصادر المنظمين، سيتابع الملف عبر وفود تتولى زيارة عدد من الدول العربية وعرض المشروع وتوجيه دعوات الى اجتماع في الاشهر الثلاثة المقبلة.
واذ لم يتم أيضاً تبني مبادرات فعلية لمساعدة النازحين أو حملهم على العودة، نجح لبنان في عدم ادراج عبارة “العودة الطوعية” بل الامنة. وإلى “إعلان بيروت” الختامي، خص المسؤولون العرب أزمة اللاجئين ببيان دعا الى “تكاتف جميع الجهات الدولية المانحة والمنظمات المتخصصة والصناديق العربية، من أجل تخفيف معاناة اللاجئين والنازحين، وتأمين تمويل تنفيذ مشاريع تنموية في الدول العربية المضيفة، من شأنها أن تدعم خطط التنمية الوطنية، وتساهم في الحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على هذه الاستضافة الموقتة”.
أما حضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والذي خرق المقاطعة العربية لقمة بيروت بناء على اتصال من الرئيس ميشال عون كما اكدت وكالة الانباء القطرية، وعلى رغم اقتصاره على الجلسة الافتتاحية، فانه استناداً الى مصادر وزارية قوبل بعدم ارتياح عربي على رغم عدم تعليق أي دولة عربية عليه، وهو بالتأكيد لن ينال رضى سوريا وحلفائها في لبنان الذين يتهمون قطر بتمويل المعارضة السورية للنظام. في المقابل، لم تتضح حقيقة التسريب الذي أشار الى وديعة قطرية في مصرف لبنان، وما اذا كان الخبر يتضمن بعضاً من الصحة وقد ألغي كذلك من جراء استياء قطري من الدعوة اللبنانية الى اعادة النظام السوري الى الجامعة العربية، ام انه كان مجرد شائعة. واكتفى السفير القطري في بيروت بنفي الخبر من غير أن يعلّق عليه.
وفي تقويم أولي لنتائج القمة وفق مصادر المنظمين: