Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر February 16, 2024
A A A
لبنان يواجه العدوان بالشغور والخواء…!!
الكاتب: صلاح سلام - اللواء

التصعيد الإسرائيلي الأخير ليس مفاجئاً، لأن حكومة نتانياهو اليمينية تُحاول منذ الأسابيع الأولى للحرب على غزة، فتح جبهة ثانية على الحدود الجنوبية، وتوريط لبنان في حرب جديدة، تشد «العصب» الداخلي، وتطوق الإنقسامات العامودية التي ظهرت في الكيان الصهيوني، سواء على المستوى السياسي، أم على المستوى الشعبي.
وجاءت الغارة الوحشية على المبنى السكني في النبطية، وسقوط أفراد عائلة البرجاوي ضحية قصف المبنى السكني، في سياق هذا التصعيد المترافق مع التهديدات الإسرائيلية المستمرة بتوجيه ضربات تدميرية ضد البنى التحية في لبنان، والتي بلغت ذروتها أمس، بعنترية وزير الدفاع غالنت، وكلامه عن الإستعداد عن شن حرب ضد لبنان بعمق خمسين كيلومتراً، وصولاً إلى العاصمة بيروت.

لم يعد خافياً أن نتانياهو وفريقه اليميني المتطرف وقعوا أسرى الهستيريا العدوانية المهيمنة على تل أبيب، منذ عملية طوفان الأقصى في ٧ تشرين الأول الماضي، ويخوضون المعارك السياسية في الخارج، والديبلوماسية مع عواصم القرار الغربي، وفي مقدمتها واشنطن، إلى جانب حرب الإبادة الجماعية في غزة، وكلها على طريقة الروليت الروسي، لأن أجَل الحكومة الإسرائيلية أصبح مرتبطاً بإنتهاء الحرب في غزة، وعودة الهدوء على الحدود مع لبنان.
ولكن بقاء لبنان في مربع القلق والحذر لا ينفع في التصدي لأخطار أي مغامرة عسكرية إسرائيلية متفلتة من الضوابط الأميركية والأوروبية الرافضة بشدة محاولات نتانياهو فتح جبهة جديدة في الشمال، لتحويل الأنظار عن إخفاقاته في الجنوب.
ورغم الوضع اللبناني الداخلي الهش، بسبب الصراعات السياسية، والشغور المتمادي في رئاسة الجمهورية، وحالة التعثر المالي في الدولة، فإن التهديدات الإسرائيلية يجب أن تؤخذ بجدية أكبر، ليس من قبل حكومة تصريف الأعمال وحسب، بل ومن كل الأطراف السياسية، التي تُعطل خلافاتها الإستحقاق الدستوري، وتعمق الإنقسامات في الجبهة الداخلية، لأن الحرب في حال إندلاعها لن تبقى محصورة في منطقة معينة، كما هو الحال راهناً، في القرى والبلدات الجنوبية، بل قد تمتد إلى مناطق أخرى لضرب البنية التحتية، وبعض المرافق الحيوية.
البعض يرى إستحالة إنجاز الإنتخابات الرئاسية قبل إنتهاء حرب غزة، ولكن هذا الفريق لم يقدم بديلاً عن إنتظام المؤسسات الدستورية، لتعزيز الوضع الداخلي لمواجهة مضاعفات أي عدوان مفاجئ، في ظل الواقع المتردي للدولة وأجهزتها الرسمية، وكأن حالة الشغور والخواء التي تضرب السلطة، كافية لتأمين مقومات صمود البلد.
الوطن يُنادي الجميع للإرتفاع فوق الخلافات الفئوية والحزبية العقيمة، ووضع مصالح البلاد والعباد فوق أي إعتبار آخر، في هذه المرحلة الدقيقة، ومخاطرها البالغة التعقيد.
فهل من يسمع قبل فوات الأوان؟