Beirut weather ° C
تاريخ النشر December 31, 2016
A A A
لبنان ينجو من مخطط إرهابي
الكاتب: داود رمال - السفير

يمضي اللبنانيون إلى سنتهم الجديدة، بعدما ودعوا سنة مكلفة في السياسة والفراغ والاقتصاد والمعيشة والأمن، لكنها، أقل كلفة من سابقاتها بالدم ومسك ختامها اكتمال النصاب الدستوري بانتخاب رئيس للجمهورية وولادة قياسية لحكومة مكتملة الأوصاف..

يمضي اللبنانيون إلى أعيادهم وحفلاتهم ويومياتهم الصعبة وشرايين دروبهم التي تعج بالناس الباحثين عن كفاف يومهم والفقراء والمواكب الفارهة، وهم يستحقون أن يكونوا أكثر ثقة بحاضرهم وغدهم، لكن ذلك لا يمنع دعوتهم إلى «الحذر الآمن». وهي النصيحة التي وجّهها إليهم وزير الداخلية نهاد المشنوق، في ضوء ما تجمّع على مكتبه في «الصنائع» من تقارير ومعطيات في الساعات والأيام الأخيرة.

يمضي اللبنانيون إلى أيام جديدة يحرسها بسواعدهم وأقدامهم وعيونهم وقلوبهم جنود عسكرهم ورجال أمنهم المنتشرون من أقصى حدود عكار إلى أقصى حدود الجنوب، مروراً بالقاع والجبل وكل شارع وحي من شوارع وأحياء مدنهم، خصوصاً عاصمتهم الحاضنة.

مرة جديدة، نجا لبنان من براثن الارهاب المتعطش للدم والدمار والإجرام، في زحمة الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية كلها.
قبل ذلك، أفشلت الأجهزة العسكرية والأمنية أكثر من محاولة إرهابية، وبقيت «الإنجازات» طي الكتمان «حتى لا يتسلل الخوف والهلع الى النفوس» وآخرها منذ نحو أسبوع يوم أوقف احد الانتحاريين الإرهابيين الذي كان يتحضر لارتكاب فعل إجرامي بالمحتفلين بالميلاد المجيد، لتتكشّف، امس، فصول جديدة لمسلسل إرهابي «كان يهدف لتحويل الأعياد الى مآتم والافراح الى أتراح».
ماذا في الإنجاز الأمني الجديد؟

يكشف مصدر معني لـ «السفير» انه «نتيجة عملية رصد ومتابعة وتعقب لحظوي، تكونت لدى مديرية المخابرات في قيادة الجيش معطيات ومعلومات على درجة عالية من المصداقية والدقة والخطورة، مفادها ان خلايا إرهابية تتحرك في عاصمة الشمال طرابلس، وفقاً لأوامر وتعليمات من الإرهابي الفار الى مخيم عين الحلوة شادي المولوي، وتتحضر لتنفيذ اعتداءات إرهابية في الداخل اللبناني، وهناك خلية صار جلياً انها اصبحت قاب قوسين او ادنى من ارتكاب فعلها الإرهابي، وأن المسألة صارت تحسب بالساعات وليس بالأيام».

يوضح المصدر «انه عند الساعة الحادية عشرة من ليل الخميس – الجمعة اطبقت قوة من وحدات النخبة في مديرية المخابرات، وبمؤازرة من الوحدات العسكرية المنتشرة في طرابلس على امكنة عدة في التوقيت ذاته، واوقفت خلية إرهابية مؤلفة من ثلاثة ارهابيين تم اقتيادهم الى وزارة الدفاع في اليرزة، وبوشر التحقيق معهم حيث أدلوا باعترافات اولية، دفعت مديرية المخابرات الى توسيع دائرة المداهمات والتعقب، حيث تم توقيف خلية ثانية قوامها إرهابيان ليصبح عدد الموقوفين خمسة إرهابيين، وهو رقم مرشح للازدياد في الساعات المقبلة.

والموقوفون حتى الآن هم اللبنانيون: (ر.م)، (ع.ص)، (ب.ص)، (أ.ص) والفلسطيني (و.أ) وقد اعترفوا بارتباطهم بالإرهابي المولوي الذي يزوّدهم بالتعليمات والأوامر من داخل مخيم عين الحلوة، وآخرها تنفيذ عمليات إرهابية في فترة الأعياد.

يقول المصدر لـ «السفير» إنه استناداً الى المضبوطات «وهي كناية عن حزام ناسف جاهز للاستخدام مزوّد بمواد متفجرة قادرة على قتل وإصابة عدد كبير في حال تمكّن الإرهابي الانغماسي من التسلل وسط حشد ما، إضافة الى أسلحة مزودة بكواتم للصوت وقذائف صاروخية مع مقذوفاتها وكمية كبيرة من الاسلحة والذخائر؛ وبناء على الاعترافات الأولية، فإن الخلية الإرهابية كانت تخطط لتنفيذ عمل إرهابي ثلاثي يبدأ برمي قذائف صاروخية ورمانات يدوية ويعقبها إطلاق نار كثيف.. وفي مرحلة أخيرة عند التجمع لإسعاف الجرحى ونقل الضحايا، يعمد الإرهابي الانتحاري إلى تفجير نفسه وسط المحتشدين».

ما هي الأماكن التي كانت ستُستهدف؟
يتحفّظ المصدر عن ذكر المعطيات التي تجمعت لدى مديرية المخابرات، الا انه يجيب بالأسئلة الآتية: «ألسنا في فترة اعياد بدأت مع عيد المولد النبوي الشريف ومن ثم ميلاد السيد المسيح وصولاً الى الاحتفالات غداً (اليوم) برأس السنة؟ ألا يُحتفل بها في المساجد والكنائس والاماكن العامة لا سيما المقاهي والمطاعم والفنادق؟ ألا يحتفل برأس السنة في الساحات؟ أليست الضاحية الجنوبية هدفاً دائماً للإرهابيين؟».

وطمأن المصدر اللبنانيين بالقول «ثمة إجراءات أمنية كبيرة مرئية وغير مرئية لحماية كل الاماكن، وليس هناك ما يستوجب القلق او الهلع أو الخوف، كل ما هو مطلوب من المواطنين إكمال برنامج سهرات الاعياد كما رتبوها بلا أي تعديل لكن مع الحذر الآمن المفيد».

في هذا السياق، وجّه وزير الداخلية نهاد المشنوق نداء الى المواطنين من أجل ضرورة التجاوب مع الإجراءات الامنية المكثفة التي ستتخذها عناصر قوى الامن الداخلي ليلة رأس السنة، ودعاهم الى «تفهم ضرورتها من أجل ضمان أمنهم وسلامتهم». وأكد أن الاستثمار بالأمن «هو الأفعل والأضمن، خصوصاً أن لبنان لا يزال في عين العاصفة».