Beirut weather 15.77 ° C
تاريخ النشر October 12, 2020
A A A
لبنان يرفض تطعيم «الوفد الإسرائيلي» بسياسيين.. فهو لا يذهب الى عقد اتفاقية سلام دولية بل الى اتفاقية حدود
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

بدأت ترتسم الأفخاخ «الإسرائيلية» قبل انطلاق المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي من خلال محاولة هذا الأخير دفع لبنان الى توقيع معاهدة سلام دولية معه وليس التوافق على ترسيم الحدود المرسّمة أساساً على صعيد البرّ وتحتاج الى تثبيتها للبناء عليها في المنطقة الإقتصادية الخالصة في البحر.وقد ظهر ذلك من خلال أعضاء «الوفد الإسرائيلي» المفاوِض الذي سيضمّ سياسيَين هما المستشار السياسي لرئيس الحكومة رؤوفين عيزر (الذي هو أيضاً المستشار السياسي لوزير الطاقة وقد يتمّ اعتماده في الوفد وفق هذا المنصب)، ورئيس المنظومة السياسية في وزارة الخارجية الإسرائيلية ألون بار، ولم يقتصر على العسكريين التقنيين والخبراء في القانون الدولي وفي علم البحر والبرّ.
أمّا الجانب اللبناني فلم يُعلن حتى الساعة عن أسماء الوفد النهائي المفاوِض باسمه، ويُتوقّع الإعلان عن ذلك مطلع الأسبوع المقبل، رغم أنّ المعلومات أفادت بأنّه سيضمّ ضابطين من قيادة الجيش هما نائب رئيس أركان الجيش للعمليات العميد الطيّار بسّام ياسين والعقيد البحري مازن بصبوص، والخبير القانوني الدولي في المفاوضات الحدودية نجيب مسيحي الذي يعمل مع قيادة الجيش في كلّ ما يتعلّق بالخرائط، على أن يكون في عِداده أيضاً رئيس هيئة قطاع النفط وسام شباط، وديبلوماسي هو مدير مكتب وزير الخارجية والمغتربين هادي هاشم، وفق ما يقضي التمثيل القائم في «تفاهم نيسان» (العام 1996).
أوساط ديبلوماسية مواكبة أكّدت أنّ لبنان يعلم بأنّ التفاوض مع العدو الإسرائيلي لن يكون سهلاً، سيما وأنّه معروف بمماحكاته ومراوغته وبتغيير الإتفاقيات في ربع الساعة الأخير. ويبدو أنّه بدأ برسم أفخاخه هذه من خلال تشكيل وفده من كبار السياسيين وعدم اقتصاره على عسكريين وخبراء قانونيين في علم البحار والمسح الجيولوجي، الأمر الذي يوحي بأنّ واشنطن وتلّ أبيب تسعيان الى عقد معاهدة سلام أو تطبيع مع لبنان رغم تشديد المسؤولين فيه على أنّ المفاوضات ستكون «غير مباشرة»، برعاية واستضافة الأمم المتحدة وبوساطة أميركية «مسهّلة» وذلك من خلال حضور الإجتماع الأول الذي يُعقد الأربعاء المقبل في 14 تشرين الأول الجاري من قبل مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر. غير أنّ لبنان أرسل كتاباً للإستفسار عن هذا الأمر، وينتظر الردّ عليه، سيما وأنّه يدري بأنّ واشنطن والعدو الإسرائيلي سيستفيدان من مسألة وجود الوفدين على طاولة واحدة للمفاوضات وفي غرفة واحدة للإيحاء للمجتمع الدولي بأنّ عملية سلام أو تطبيع تُعقد بين لبنان والعدو الإسرائيلي.
وشدّدت الأوساط على أنّ لبنان ذاهب الأربعاء المقبل لترسيم حدوده البحرية، واستعادة حقوقه المكتسبة البريّة والبحرية بشكل تقني وليس سياسياً. وقد أعطى قائد الجيش جوزف عون توجيهاته للوفد المكلّف بالتفاوض وفق توجيهات رئيس الجمهورية ميشال عون، لانطلاق عملية التفاوض على أساس الخط المنطلق من نقطة رأس الناقورة برّاً، والممتد بحراً وفق تقنية خطّ الوسطدون احتساب أي تاثير للجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلّة.وقد رفض لبنان تماماً الرضوخ الى الفخّ «الإسرائيلي» عبر التمثيل السياسي سيما وأنّ الوفد اللبناني سيكون عسكرياًوتقنياً بحت، ما يعني أنّ حالة الحرب لا تزال قائمة مع الكيان الإسرائيلي. ولهذا فإنّ لبنان سيرفض، على ما أوضحت الأوساط، تطعيم الوفدين بسياسيين، وسيقرّر فيما يتعلّق بالوجود الديبلوماسي، خصوصاً وأنّه لا يذهب الى عقد معاهدة دولية للسلام مع العدو إنّما الى اتفاقية ترسيم حدود بحريّة، وتثبيت حدود بريّة.
وأشارت الأوساط نفسها الى أنّ «اتفاق- الإطار» الذي جرى التوافق عليه بين الجانبين والذي سيُشكّل الإنطلاقة الجديدة لمسار المفاوضات غير المباشرة لم يشمل نقاط أساسية عدّة أبرزها: القرار الدولي 425 الصادر عن مجلس الأمن والذي دعا «إسرائيل» الى الإنسحاب من جميع الأراضي اللبنانية الى خطّ الحدود الدولية من دون اي تفاوض. في حين نصّ على القرار 1701 الذي طالب «حكومة إسرائيل» بسحب جميع قوّاتها من جنوب لبنان، مع إعادة تأكيد تأييده الشديد للإحترام التام للخط الأزرق والذي هو فعليّاً خط تقني لا يُمثّل حدود لبنان المعترف بها دولياُ، على ما ورد في اتفاق الهدنة العامة بين لبنان والعدو المؤرّخ في 23 آذار 1949 وما جاءأيضاً في وثيقة ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين في كانون الأول من العام نفسه. فلو جرى التوافق على إدخال القرار 425 في «اتفاق- الإطار» لكان لبنان وفّر عليه كثيراً عناء التفاوض مجدّداً على إنسحاب «إسرائيل» من أراضيه سيما وأنّها لا تزال تحتلّ مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية النخيلة وبلدة الغجر، وهي ملزمة بالإنسحاب منها وفق القرار المذكور. هذا الى جانب 13 نقطة تبلغ مساحتها 485.487 م2، احتلّتها بعد سلسلة اجتياحات للبنان وبعد العام 2006 وغيّرت هويتها من كونها أرض لبنانية محتلّة، الى مناطق متنازع أو متحفّظ عليها، وهذا أمر بالغ الخطورة.
وأوضحت الأوساط بأنّ الحدود اللبنانية البريّة معترف بها منذ العام 1920، وقد جرى تحديدها وترسيمها في العام 1923، ومن ثمّ تُبّتت في العام 1924 وجرى إيداع محضر الترسيم لدى عصبة الأمم، فتمّ إقراره، وأصبحت دولية، لهذا لا حاجة اليوم الى ترسيمها. ولكن عندما أخذت الأمم المتحدة قرار حلّ الدولتين في الأراضي الفلسطينية في العام 1947، وحصلت النكبة الفلسطينية عام 1948 لصالح إقامة الدولة اليهودية، جرى توقيع إتفاقية الهدنة بين لبنان والعدو الإسرائيلي في الناقورة، والتي نصّت في الفقرة 2 من المادة الخامسة منها على أنّ »خطّ الهدنة هو خط الحدود الدولية الدائمة بين لبنان وفلسطين».
وفيما يتعلّق بالترسيم البحري، فكان لا بدّ وأن ينصّ «اتفاق الإطار» على «الإتفاقية الدولية لقانون البحار» التي وقّع عليها لبنان في العام 1994 فيما رفض العدو التوقيع عليها، سيما وأنّ هذا الأخير يعتدي على المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة للبنان في المثلث البحري المحدّد بين النقطتين رقم 1 ورقم 23 والذي تبلغ مساحته نحو 860 كلم2، وطالبت واشنطن بإعطاء لبنان 468 كلم2 منها ومنح العدو المساحة المتبقيّة أي 392 كلم2، وقد رفض لبنان هذا الطرح، ولا يزال متمسّكاً برفضه خلال المفاوضات المنتظرة. ولكن طالما لم ينصّ الإتفاق المبدئي على اتفاقية قانون البحار، فإنّه على الوفد اللبناني المفاوِض اعتمادها كمرجعية لأساس التفاوض على الترسيم البحري، خصوصاً وأنّها تُعطي لبنان حقّه بمساحة إضافية الى ما وراء النقطة 23 تبلغ أكثر من ألف كلم2.