Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر September 5, 2019
A A A
لبنان يحتاج إلى وصاية دولية
الكاتب: غسان حجار - النهار

مؤسفاً كان الحوار الاقتصادي في بعبدا. في مضمونه، وفي نتائجه، وكذلك في عواقبه. فالفشل يجر العواقب الوخيمة. وتكرار الكلام المعسول من دون القدرة على القيام بمبادرات حقيقية هو الفشل في عينه. أن لا يعي المسؤولون خطورة الوضع، لهو أمر يدعو الى القلق، فالوضع في لبنان يشبه حالة مريض مصاب بـ”اشتراكات” ويعالج بالاسبرين. أمراضه تتفاقم، ولم تعد تنفع العلاجات التقليدية المجربة. الاجراءات الضرورية ليست كلها مالية، بل هي سياسية اولا واخيرا. زيادة الضرائب والرسوم، او فرض زيادة على البنزين، حلول مجربة أدت في مراحل سابقة الى إمداد الخزينة ببعض المال. لكن السلة المثقوبة اهدرت كل ما توافر. ولم تعد العودة الى تلك الاجراءات ممكنة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. وهذه الظروف ماضية الى تعقيدات إضافية.

ضعف السلطة يجعلها تلجأ الى رمي المسؤولية على المجتمع الدولي، وقد تحول مؤتمر “سيدر” شماعة وحجة لاتخاذ إجراءات يفترض بأي حكومة في أي عهد ان تتخذها من دون ضغوط دولية. عدم القدرة على تغطية القرارات الحكومية يدفع الى التمسك بمطالب المبعوث الفرنسي، كأنه المفوض السامي في زمن الانتداب، يجول على المسؤولين ويحضهم على الاسراع في العملية الاصلاحية. ويا ليت زمن الانتداب يعود فيأمر المفوض السامي المسؤولين ولا يتمنى عليهم.

الاميركيون بدورهم يهددون ويتوعدون، من بوابة وكالات التصنيف تارة، ومن بوابات العقوبات على المصارف اللبنانية طورا. وكان لبيانهم قبل مدة أثره في دفع المصالحة في الجبل، برعاية رئيس الجمهورية الذي كان رفض التحول “شيخ صلح”.

بالامس قال النائب نهاد المشنوق ان لا نفط ولا غاز من دون استراتيجية دفاعية. مسار الامور في ترسيم الحدود يقرب من هذه النظرية. فالمجتمع الدولي لا يثق بنا، بالرئاسات والمؤسسات والتعهدات المؤجلة التنفيذ دوماً بسبب الصراعات، بل النكايات السياسية. والثقة لا يمكن ان تستعاد بشكل فجائي، ولا بخطاب يناقض واقع الحال عبر الحدود وفي الداخل. الانحسار الكامل للثقة عبر عنه رئيس الجمهورية ميشال عون قبل مدة عندما صرح أن اللبنانيين فقدوا الثقة بالمؤسسات، وأكمله أمس النائب ابرهيم كنعان الذي قال ان “أول الاجراءات المطلوبة محلياً ودولياً لاستعادة الثقة يكمن في تنفيذ موازنة 2019 وتكليف الحكومة جهة محلية أو دولية اعداد دراسة لإعادة هيكلة القطاع العام”.

كتب الوزير السابق خليل الهراوي في “النهار” في حزيران الفائت ان “لبنان بات في حاجة الى بعثة “ايرفيد” جديدة وأب لوبري عصري لإصلاح ما تخرّب ولوضع دراسة اصلاحية وتنظيمية للادارة اللبنانية قائمة على اساس حاجات الدولة وليس على اساس حاجات القوى السياسية”.

وكانت وكالة “ستاندرد أند بورز” قد أمهلت لبنان 6 أشهر لإجراء الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة قبل إصدار تصنيفها المقبل.

فهل بتنا فعلا أمام حائط مسدود وفي حاجة ملحة الى وصاية تلزمنا القيام بالاجراءات التي نتباهى بالحديث عنها، ونعجز عن وضعها في التنفيذ؟