Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر July 29, 2024
A A A
لبنان يحاصر فتنة إسرائيل..
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”

كان العدو الإسرائيلي يحتاج الى صاروخ مجدل شمس، إذا لم يكن هو من أطلقه، أو كان مصدره القبة الحديدية، بعد النفي المنطقي الذي أصدرته المقاومة التي تدأب منذ الثامن من أكتوبر على إصدار البيانات التفصيلية حول عملياتها ضد تجمعات الجنود الصهاينة والمواقع العسكرية، وتؤكد عدم إستهدافها المدنيين بالرغم من أن إسرائيل لم توفرهم في جنوب لبنان والبقاع، فاستهدفت العائلات نساء وشيوخا وأطفالا، فضلا عن الإغتيالات، وسط ضبط النفس من جانب حزب الله وإنضباط المقاومين الذين إلتزموا بالتوجيهات العسكرية لقيادة المقاومة بالبقاء ضمن قواعد الاشتباك.

لطالما تخوف البعض من أن فشل العدو في الميدان وعدم تحقيقه أي هدف من أهداف الحرب على قطاع غزة، وإخفاقاته في التصدي للجبهات المساندة، لا سيما جبهة الجنوب اللبناني، قد يؤدي به الى اللجوء لبث الفتن في دول المنطقة، لا سيما في لبنان الذي تربكه مقاومته بتوازن الرعب وقوة الردع التي تكشف هشاشة كيانه عسكريا وأمنيا.

لذلك، فإن إسرائيل وجدت في صاروخ مجدل شمس ضالتها، هذا إن لم تكن هي من أطلقته عن سابق تصور وتصميم، لتضرب من خلاله أكثر من عصفور بحجر واحد.

سارعت إسرائيل الى إعلان التضامن مع أهالي مجدل شمس سعيا وراء تحسين صورتها بحفاظها على حياة المدنيين

أمام العالم الذي أحصى على مدار عشرة أشهر أكثر من أربعين الف شهيد فلسطيني مدني قتلتهم بدم بارد وصولا الى حرب الابادة الجماعية بالحديد والنار والتجويع ومنع الأدوية والوقوف في وجه إدخال المساعدات الانسانية الى غزة.

ثم عملت من خلال صاروخها على نشر بذور الفتنة بين الدروز الذين ينتمي شهداء مجدل شمس الى طائفتهم، وبين الشيعة في لبنان وسوريا وبين الدروز والمقاومة في فلسطين، علها تُشغل المقاومة بتوترات داخلية، بعدما فشل المشروع الأميركي الاسرائيلي في إرباك المقاومة من الداخل اللبناني بمواقف تصعيدية وتحركات وإحتجاجات لبعض التيارات السياسية التي تروج للروايات الاسرائيلية، لكن التضامن الوطني مع المقاومة أفشل المشروع وعزل المكلفين بهذه المهام ليستمروا بالقرقعة التي لا تنتج طحينا.

جاء صاروخ مجدل شمس عشية الجلسة الأممية المخصصة للتجديد لقوات الطوارئ الدولية “اليونيفل” حيث تسعى إسرائيل الى أن يكون التجديد وفق قواعد جديدة تصب في مصلحتها وسبق أن رفضها لبنان الرسمي والمقاومة لما يمكن أن يكون لها من تداعيات أمنية الكل في غنى عنها.

كذلك، فقد حاول العدو تكبير الحجر على لبنان بتهديدات عالية السقف علّه ينجح في فصل جبهة غزة عن جبهة الجنوب، أو الحصول على تطبيق القرار ١٧٠١ من جانب واحد، أو على الأقل تأليب الرأي العام اللبناني وبيئة المقاومة على حزب الله، لكن الموقف الرسمي والشعبي خذل التطلعات الاسرائيلية، فيما بلعت بعض أصوات النشاز ألسنتها، إلا من بعض التصريحات التي لا وزن لها في المعادلة الجديدة.

لم ينته الأمر عند هذا الحد، بل رقص العدو الاسرائيلي على جثث شهداء مجدل شمس، مطلقا تهديداته بضرب العمق اللبناني إنتقاما لهم، وذلك في رسالة حفظ ماء الوجه أمام المجتمع الاسرائيلي الذي فقد ثقته بالمنظومات السياسية والعسكرية والأمنية في كيانه الغاصب.

لا شك في أن لبنان نجح في محاصرة فتنة إسرائيل، فجاء الموقف الوطني والمسؤول من القيادات الدرزية لا سيما من الزعيم وليد جنبلاط الذي أكد أن إسرائيل تكذب، وجاءت ردة فعل أهالي مجدل شمس لتقطع الطريق على الدجل الاسرائيلي بالتأكيد أن الصاروخ لم يكن مصدره لبنان ولم تطلقه المقاومة بل جاء من القبة الحديدية، وبالتعاطي السلبي مع المسؤولين الصهاينة الذين جاؤوا للمشاركة في جنازة الشهداء فلم يجدوا من الأهالي سوى الرفض والطرد والوصف بالإرهابيين.

على صعيد التهديدات، فقد قال لبنان الرسمي كلمته بأن الدولة الى جانب المقاومة في حال حصول أي إعتداء، وقالت المقاومة كلمتها بأن أي حماقة إسرائيلية ستواجه من دون سقوف ولا ضوابط، ما جعل حكومة الكيان تؤجل إجتماعها الى مساء أمس وسط إرتباك حول كيفية الرد الذي يبدو أنه سيكون مضبوطا بعد الرسائل المرعبة التي أرسلتها المقاومة بمسيرات الهدهد وصولا الى إستهداف كل ما صورته من دون إستبعاد حقل كاريش.

في غضون ذلك نشطت الاتصالات التي قادها لبنانيا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالتنسيق مع وزير الخارجية عبدالله بن حبيب، ودوليا الولايات المتحدة الأميركية التي بعد الكلام القاسي الذي سمعه مبعوثها آموس آموس هوكشتاين من وليد جنبلاط، تبدلت اللهجة الأميركية وتحولت من التهديد الى دعوات ضبط النفس، حيث ترى مصادر مطلعة أن التشديد عليها ليس حبا بلبنان، بل خوفا على إسرائيل من جنون نتنياهو ومن رد المقاومة المزلزل.