Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر December 7, 2019
A A A
لبنان “ليس متروكاً”… فأي خيار للتكليف؟
الكاتب: النهار

على وقع تحديد الأربعاء 11 كانون الاول الجاري موعداً لاجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان في باريس، قد يشكل استحقاق تكليف رئيس الحكومة العتيدة، وهي الأولى بعد انتفاضة 17 تشرين الأول الماضي، تجربة جديدة لا سابق لها في تاريخ الاستشارات النيابية الملزمة للتكليف، وان يكن بعض الجهات يذكّر بتجربة “تفويض” عدد من النواب رئيس الجمهورية تسمية الرئيس المكلف في عهد الرئيس اميل لحود كسابقة أدت في حينه الى اشتباك سياسي حاد. ذلك أن المعطيات السياسية والنيابية من جهة و”الميدانية” المتصلة بالتحركات الاحتجاجية من جهة أخرى تتجمّع كلها قبل يومين من موعد الاستشارات النيابية في قصر بعبدا عند خلاصة واحدة مؤداها فتح باب المفاجآت على غاربه حتى الاثنين، بحيث يصعب الجزم بما ستؤول اليه التطورات قبل الموعد وفي اليوم المحدّد للاستشارات.

واذا كانت أوساط سياسية مطلعة ذهبت الى القول إن اجتماع مجموعة الدعم الدولية في هذا التوقيت من دون انتظار تأليف الحكومة الجديدة من شأنه أن يوظّف داخلياً بقوة قبل الاستشارات كما في تبديل التوجهات المتصلة بالتكليف والتأليف، فإن الاحتمالات التي كان يجري تداولها بين الكواليس السياسية أمس تختصر بالآتي:

الاحتمال الأوّل أن تكليف المهندس سمير الخطيب رئيساً للحكومة الجديدة لا يزال “دفترياً” الاحتمال الراجح اذا التزمت الكتل التي أيّدته مبدئياً حتى الآن، بمعنى أنه يحظى بأكثرية قادرة على تزكيته ويحتاج بتّ تكليفه الى “كلمة سر” واحدة يحملها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الى الاستشارات وبعده تكر سبحة الموافقات بالأكثرية المرجّحة. وتحدثت معلومات في هذا السياق عن إمكان حصول مفاجآت كبيرة في تركيبة الحكومة العتيدة في حال تسمية الخطيب، بحيث لا تنطبق عليها الصفات العريضة التي جرى تداولها قبيل طرح اسم الخطيب ومن ثم بعد التوافق المبدئي عليه بين غالبية القوى السياسية.

أما الاحتمال الثاني، فهو أن يتبلور في الساعات الثماني والأربعين المقبلة اتجاه مفاجئ جديد يمكن معه الرهان على إعادة تكليف الرئيس الحريري، لكنه احتمال ضعيف ما دامت أي تسوية لم تحصل بين الحريري و”التيار الوطني الحر” والثنائي الشيعي.

الاحتمال الثالث يتمثل في تسمية مرشح آخر غير الخطيب في مناورة سياسية معدة سلفاً بين بعض القوى وهو أضعف الاحتمالات حتى الآن. أما من خارج الاحتمالات السياسية، فإن معظم الأوساط السياسية بدت في أجواء توجس من إمكان تحوّل يوم الاستشارات الى يوم اضراب وقطع طرق أو محاولات تعطيل الحركة، إذا مضت بعض الفئات الناشطة ضمن الانتفاضة في تنظيم احتجاجات واسعة تسعى من خلالها الى تعطيل الاستشارات. وأفادت معلومات مؤكدة في هذا السياق أن الجهات العسكرية والأمنية المعنية بدأت عملياً الاستعداد لمواجهة هذا الاحتمال، إذ اتفق بين الجيش والأجهزة الأمنية على اجراءات وتدابير لمنع قطع الطرق المؤدية الى قصر بعبدا الاثنين.

ولوحظ أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يشأ التعليق أمس على مسار الاتصالات الجارية قبيل موعد الاستشارات واكتفى بالقول: “كنت مع تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، لكن بعد تأييده السيد سمير الخطيب، ستسمي كتلتي الخطيب في الاستشارات النيابية”.

وأوضحت مصادر مطلعة أن الرئيس الحريري سيجمع نواب كتلته عشية الاستشارات وسيطلب منهم تسمية الخطيب. وبرز مساء أمس بيان لاتحاد جمعيات العائلات البيروتية دعا النواب وفي طليعتهم نواب كتلة “المستقبل” الى عدم المشاركة في الاستشارات الآيلة الى اختيار الخطيب رئيساً للحكومة “لعدم مراعاتها الأصول الدستورية ” كما دعت الخطيب الى الاعتذار عن التأليف. وأعلن النائب نهاد المشنوق مقاطعته الاستشارات استجابة لهذا النداء.

رسائل الحريري

في غضون ذلك، اتخذت مبادرة الرئيس الحريري الى طلب مساعدة دول عدة للبنان في تأمين المواد الأساسية، دلالات مهمة، علماً أنها جاءت قبيل موعد الاستشارات النيابية لتكليف رئيس الوزراء المقبل بما يشجع هذه الدول مبدئياً على استجابة الطلب اللبناني. وقال المكتب الاعلامي للرئيس الحريري إنه في إطار الجهود التي يبذلها لمعالجة النقص في السيولة، وتأمين مستلزمات الاستيراد الأساسية للمواطنين، وجّه الرئيس الحريري رسائل إلى رؤساء ورؤساء وزراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة، طالباً مساعدة لبنان بتأمين اعتمادات للاستيراد من هذه الدول، بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات. وقد شملت الرسائل كلاً من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، رئيس الوزراء الصيني لي شينبينغ، رئيس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي، ووزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو.

اجتماع مجموعة الدعم

وتزامنت رسائل الحريري أيضاً مع توجيه الأمانة العامة لوزارة الخارجية الفرنسية دعوة الى مجموعة الدعم الدولية للبنان لعقد اجتماع في باريس في ١١ كانون الأول في “الكي دورسي” للتشاور في المساعدة على صياغة الحلول الضرورية لإخراج لبنان من أزمته المالية والاقتصادية. وإذ يُنظر الى هذه المبادرة على أنها رسالة من الأسرة الدولية بأن لبنان ليس متروكاً لأخطار الانهيار التي تحاصره أفاد مراسل “النهار” في باريس أن فرنسا دعت الدول التي تتشكل منها مجموعة الدعم وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا ومصر والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كما المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ولبنان. وسيشارك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الاجتماع. وسيكون هذا الاجتماع على مستوى الأمناء العامين لوزارات الخارجية على أن يرأس الجلسة الصباحية وزير الخارجية الفرنسية جان – ايف لودريان.

وسيعقد المؤتمر جلسة صباحية يشارك فيها أعضاء مجموعة الدعم الدولية وممثلون للدول والمنظمات الدولية والاقليمية المدعوة. وسيدعى ممثل لبنان للمشاركة في جلسة بعد الظهر، علماً أن الدعوة وُجّهت الى الأمين العام لوزارة الخارجية هاني شميطلي. وهذه هذا المؤتمر هو توجيه رسالة من مجموعة الدعم الدولية لحثّ السلطات اللبنانية على أن تشكّل في أسرع وقت ممكن حكومة فاعلة يدعمها الشعب اللبناني على أن تلتزم إجراء الاصلاحات الاقتصادية الضرورية التي تنهي الفساد المزمن وتكافحه في البلاد، حكومة تقوم بالاصلاحات الادارية والخصخصة في بعض المرافق العامة وتشكيل الهيئات الناظمة، حكومة تأخذ في الاعتبار المطالب الشعبية الذي يعبر عنها الحراك الشعبي والشعب اللبناني بشكل عام. وستعبر هذه الدول عن استعدادها لمساعدة لبنان إذا قرّر مساعدة نفسه بإجراء الاصلاحات الضرورية التي وافقت عليه الحكومة السابقة خلال مؤتمر “سيدر” الذي يوفّر للبنان قروضاً ميسّرة من خلال مشاريع للبنى التحتية تفوق قيمتها ١١ مليار دولار.