Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر June 12, 2020
A A A
لبنان بلا دولة!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

لبنان بلا دولة..
هو بلد متروك لقدره، لأزماته، لنعراته الطائفية، لغرائزه المذهبية، لتجاذباته السياسية، لخلافاته الحزبية، للفوضى، للسرقة، للقتل، للغش، للحرمان، للاهمال، للفساد، للهدر، للمحاصصة، للبطالة، للفقر، للجوع، للذل، للفتن وللموت المجاني..
لبنان بلا دولة..
هو بلد العهد القوي الذي يهيمن على المؤسسات، ويخرق الدستور، ويتجاوز القوانين، ويصادر الصلاحيات، ويسخر القضاء، ويحلم بنظام رئاسي وحزب حاكم خلافا لاتفاق الطائف الذي بات يُضرب يوميا بعرض الحائط..
لبنان بلا دولة..
هو بلد حكومة مواجهة التحديات، الفريدة من نوعها، التنكوقراطية ـ السياسية، المستقلة ـ المرتهنة، الاختصاصية ـ المبتدئة، ذات البطولات الوهمية، والانجازات الكرتونية، الضعيفة، المحكومة، والعاجزة عن إبتكار أي حل أو معالجة لأي أزمة من الأزمات التي يتخبط فيها البلاد والعباد..
لبنان بلا دولة..
هو بلد المشاريع المشبوهة، والأشغال الممنوعة، والكهرباء المقطوعة، والفيول المغشوش، والمياه الملوثة، والبيئة المنتهكة، والنفايات المنتشرة، والسير المتوقف، والحوادث المميتة، والطرقات التي في معظمها لم تعد تصلح لسير الدواب..
لبنان بلا دولة..
هو بلد تتناقض فيه الحكومة مع مؤسساتها، وتختلف فيه الوزارات مع الادارات التابعة لها، وتنعدم فيه الرؤية الواحدة، وينقلب فيه المرؤوس على رئيسه، ويغيب فيه التعاون والتنسيق، فلكل طرف تطلعاته وأجنداته وحساباته وأرقامه، ما يجعل المؤسسات الدولية والمانحة التي يحتاجها لبنان تتعامل معه باستخفاف الى درجة السخرية.
لبنان بلا دولة..
هو بلد الاحتكار، وفوضى الأسعار، وجنون الدولار، والاقتصاد المنهار، والمعابر غير الشرعية، وتهريب المواد الأولية، والسلطة القاصرة عن حماية شعبها من جشع التجار، ومن المصارف التي تصادر جنى الأعمار..
في لبنان، حكومة تقرّب موعد إجتماع مجلس الوزراء لتعيين معالج فيزيائي مديرا عاما للاقتصاد قبل أن يبلغ الأربعين بيوم واحد كونه من خارج الملاك..
في لبنان تُسخر السلطة ومؤسساتها وأجهزتها مكاسبها خدمة لأمراء الطوائف، ورؤساء التيارات وأصحاب النفوذ..
في لبنان لا تمنع الأزمة الاقتصادية والمالية وعدم دفع الديون المستحقة، الحكومة من توزيع مغانم التعيينات بمبالغ ضخمة حصصا على التيارات السياسية، ومن إرضاء التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل بسد بسري المضر للبيئة والمبدد للمال العام، وبمعمل سلعاتا الذي قررت الحكومة وقف العمل به ثم تراجعت أمام نفوذ رئيس الجمهورية.
في لبنان يصل سعر صرف الدولار الى سقف جنوني وغير مسبوق، يقلص رواتب الموظفين، ويهدد الناس بالفقر والجوع، فتنزل الى الشارع وتعبر عن غضبها وتحرق الأخضر واليابس، ولا من يحرك ساكنا، ولا من يتخذ موقفا، في حين يكتفي رئيس الجمهورية بالتعبير عن قلقه، ويتنصل رئيس الحكومة من المسؤولية ويحملها الى سياسات سابقة، ويبدي خشيته من غرف سوداء يُفترض به أن يكشف اللثام عنها بدل أن يحذر منها..
هذا غيض من فيض غضب اللبنانيين الذي يسألون بكل حسن نية، أين العهد القوي؟، وماذا تفعل حكومة مواجهة التحديات؟، وأين الدولة في لبنان؟.