Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر June 19, 2021
A A A
لبنانيون 98 أوكتان ولبنانيون دواب؟
الكاتب: راجح خوري - النهار

تقول المادة 7 من الدستور “ان كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية، ويتحملون الفرائض والواجبات دون فرق بينهم”، ولكنننا وصلنا الآن الى زمن لم يعد لكل هذا أي معنى، باعتبار ان رئيس الجمهورية ميشال عون منهمك في القتال حتى آخر حجر في هذه الجمهورية المنهارة، حول صلاحيته الدستورية هو شخصياً في ما يتعلق بتشكيل الحكومة، أما حياة الناس فشأنهم!

لا داعي للرجوع الى الرد المفحم الذي جاءه من الرئيس نبيه بري، عندما ذكّره بأن مجلس النواب الذي يمثل الشعب هو الذي يسمّي الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، كما هو الذي ينتخب رئيس الجمهورية، الذي لا تعني مشاركته دستورياً في تشكيل الحكومة، ان يكون صاحب حصص وان يسمي وزراء، وهو كان ينكره صراحة مثلاً على الرئيس ميشال سليمان!
لا داعي لكل هذا، فالمشكلة لم تعد تشكيل حكومة في بلد يتلوّى على نار جهنم، والقضية ليست بين ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، صار لبنان في مكان آخر، واي حكومة من هذه المنظومة السياسية المعفنة يتفقون عليها اليوم فرَضاً، لن تغيّر شيئاً في حال هذه الدولة التي سقطت الى قاع الفشل، وهذا أمر تعرفه دول العالم مثل أي فلاح في الضنية أو عكّار!
إذاً تعالوا الى ما هو ابشع، وهو اسقاط المحتوى الدستوري الأهم الذي ينص على المساواة بين اللبنانيين، ذلك اننا في الإجراءات المصرفية، التي أقِرّت لسحب الودائع الصغيرة بطريقة بدت وكأنها مجرد تزوير انتخابي مسبق، بحيث نرضي مليونا ونصف مليون من المودعين الصغار، على حساب ما تبقى من المودعين الذين وضعوا جنى العمر في المصارف، باعتبار انهم في بلد يقر الحرية المصرفية، فإذا بهم عرضة للنهب، في حين ان القطاع العام ودولة عون وبري والحريري ومن سبقهم والتي افلست لبنان ونهبت المليارات، لم تعالج كل هذه الموبقات التي ضربت ودائع الناس ودمرت القطاع الخاص ومدخرات المواطنين!
كل ذلك مفهوم لكنه مستنكر وقبيح وبشع، وخصوصاً ان الدولة المسخرة لم ولن تضع سارقاً واحداً من صفوفها المتعاونة وراء القضبان، وكل ذلك “بسيط” امام الإنهيار الكامل الذي وصلنا اليه، ليس بالموت على أبواب المستشفيات ولا بفقدان الأدوية والأغذية، بل مثلاً بسرقة البنزين والمازوت والمواد الغذائية المدعومة وتهريبها الى سوريا، باعتراف متكرر من الرؤساء والوزراء والمسؤولين، من دون القيام او القدرة على ضبط الحدود، فلماذا إذاً هذه الدولة الرثة والمهترئة؟!
وما معنى الخلاف على دستورية تشكيل الحكومة عندما ندوس بالأحذية دستورية المساواة بين المواطنين اللبنانيين، ويكفي هنا ان نستمع الى وزير الطاقة ريمون غجر، الذي يتخلف عن دفع فواتير وزارته عن الكهرباء والماء، يقول من دون ان يرفّ له جفن، ان ثمن صفيحة البنزين قد يصبح 200 ألف ليرة، فمن يستطيع ان يدفع يركب سيارته، ومن لا يستطيع يركب شيئاً آخر!
شيئاً آخر؟
معالي الوزير، هل تعرف ان الحمير والبغال والجحاش تباع بالدولار ايضاً؟ إسأل في الأرياف لتعرف. وهل تعرف ان ثمن الشعير والكرسنّي والعلف بالدولار أيضاً، وكيف لك ان تصل الى ما يوحي بتصنيف اللبنانيين على انهم لبناني 98 أوكتان يدفع 200 ألف ليرة لصفيحة البنزين، ولبناني 95 أوكتان يدفع 60 ألف ليرة ثمن الصفيحة، في حين ترتفع أصوات جحافل الحمير والبغال تبحث عن حبة شعير!
الدستور يقول ان اللبنانيين متساوون في الحقوق والواجبات، أم ان مقتضيات الانتخابات المقبلة تقتضي مصرفياً وكلام زعبرة عن البطاقات التموينية وما الى ذلك، ان يكون ثمن صوت الناخب كيلو شعير مثلاً… ولوووووو!