Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر September 23, 2023
A A A
لا خوف من تفجير أمني
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

فيما لم تتمكن الكتل النيابية من انتخاب رئيس للجمهورية حيث فشلت كل المحاولات على مدار سنة من الفراغ الرئاسي، تبقى آفاق هذا الاستحقاق مسدودة. وزادت الضغوط اكثر بعد تلمّس عدم وجود انسجام حتى بين الدول الاعضاء في “المجموعة الخماسية”. وما يرفع منسوب القلق السياسي اكثر هو الخشية من حصول تفجيرات امنية بعد تصاعد اخطار موجات النزوح السوري وملاحظة ان اكثر القادمين الجدد هم من فئة الشباب. وثمة مجموعات منهم حضرت من ريف ادلب ومناطق لا تخضع لسيطرة النظام. وتصف مصادر مواكبة ما يجري بانه “نزوح مدروس” بعناية، وان اسبابه ليست اقتصادية مئة في المئة، ومن غير المستبعد ان تعمد عناصر متشددة الى التخفّي في مخيمات النازحين السوريين تمهيدا لتنفيذ عمليات ارهابية. وتأتي هذه التحذيرات في وقت لم تنتهِ بعد ذيول الاحداث الاخيرة في مخيم عين الحلوة وما جلبته من تعطيل للحياة اليومية في صيدا وشلّ طريق الجنوب.

وتتجه الانظار على الدوام الى الجيش المنهك جرّاء الاعباء اليومية الملقاة على عاتقة من انتشار ألويته ووحداته على الحدود السورية للحد من تدفق النازحين، الى توفير الامن لمباراة رياضية في بيروت ومواكبة ما بين هاتين المهمتين. مع الاشارة الى معاناة نحو 26 ألف عسكري في مؤسسة قوى الامن الداخلي غير القادرة على تأمين الطبابة لهم ولعائلاتهم ولا يعرفون ما اذا كانوا سيقبضون المئة دولار في نهاية الشهر المقبل. في اختصار، لم تعد هذه المؤسسة قادرة على القيام بالحد الادنى من الواجبات المطلوبة منها.

واذا لم يتمكن البرلمان من انتخاب رئيس لبلد مشرّعة أبوابه على أشكال عدة من الصراعات، فثمة خشية من ان تؤدي التعقيدات الداخلية والخارجية الى تفجير امني كبير في البلد يصار معه الى فرض اجندات خارجية على الكتل النيابية ودفعها الى انتخاب رئيس ولو بالقوة.
ويترافق هذا الكلام مع شائعات عن توجه الى “جفاف” في الاموال والمساعدات التي يتلقاها الجيش، خصوصا من اميركا، ولا سيما مع تصاعد بعض الاصوات في الكونغرس التي تحدثت عن هذا الموضوع وقولها ان “حزب الله” هو الذي يسيطر على لبنان، في وقت تشير أوساط لبنانية معنية الى ان الرأي الغالب عند الحزبين الديموقراطي والجمهوري يبقى مواصلة الاستمرار في دعم المؤسسة العسكرية التي لم تتخلَّ واشنطن عنها في عز سنوات الحرب. ولم يبدِ البنتاغون ولا وزارة الخارجية في سياسات الجهتين على مدار السنوات الاخيرة توجهاً نحو تقليص المساعدات المالية واللوجستية للمؤسسة العسكرية، وان الاصوات الرافضة لاستمرار هذه المساعدة تدخل في خانة “المتطرفين” ولن تغير في معادلة واشنطن الثابتة في دعم الجيش. وسمع الرئيس نجيب ميقاتي في اجتماعاته الاخيرة في الامم المتحدة موقفا مشجعا من نائبة وزيرة الخارجية الاميركي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند عن استمرار بلادها في الوقوف الى جانب لبنان ودعم مؤسساته. ولذلك يستبعد متابعون لبنانيون معنيون إقدام واشنطن على تقليص دعمها المالي للمؤسسة العسكرية، الامر الذي سيؤثر سلبا في حال حصوله على المهمات التي تقوم بها على الارض، فضلاً عن الآثار غير المشجعة على ضباطها وافرادها وهم في الاساس يمرون في ظروف معيشية صعبة شأن العاملين في القطاع العام، علما ان العسكريين يدفعون فاتورة أكبر.

ومن الضغوط السياسية التي يجري الحديث عنها ان يُفرض على الحكومة والمؤسسسة العسكرية السير بتثبيت الحدود البرية في الجنوب مع اسرائيل على غرار ما تم في ترسيم الحدود البحرية قبل سنة، وإن كانت طبيعة هذه العملية مختلفة بين البحر والبر. ومن الضغوط التي قد تُفرض على لبنان ايضا التوجه الى تأخير عملية استخراج المواد الغازية والنفطية التي تقودها شركة “توتال”.

ومن هنا تجمع الآراء النيابية والسياسية المتضاربة على ان اي تفجير امني لا يصب في مصلحة اي جهة وفي مقدمها “حزب الله” الذي سيكون الخاسر الاول في حال حصول هذا التطور السلبي الذي لا يقبله الغرب وعلى رأسه واشنطن التي لا تريد فرط البلد بل الاستمرار في هذا الستاتيكو على الحدود الجنوبية مع اسرائيل حفاظا على امنها اولا ومتابعتها اعمال التنقيب واستخراج الغاز في “كاريش” وحقول اخرى.

ويقول وزير سابق وهو من خلفية أمنية ان “الاقتتال في الداخل والوقوع في اي تفجير جراء التعثر في الملف الرئاسي سيؤدي الى تقسيم بين المناطق اللبنانية وعرقلة ملف الانتخابات الرئاسية اكثر”.

وفي حال تدحرج كرة النار هذه فهي لن توفر كل المعنيين والكتل النيابية المتخاصمة التي تغرق في خلافاتها وهي تتفرج على خراب المؤسسات وانهيارها بدءا من رأس الهرم في دولة اصبحت اكثر من مفككة.